ألغت محكمة فرنسية قرارات وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس ووالي مقاطعة لوار أتلانتيك بمنع عرض الجدار للفنان المسرحي الساخر ديودوني. ويبدأ عرض ديودوني المثير للجدل هذا المساء مفتتحا به دورة عروضه لهذا الموسم على التراب الفرنسي. واتهم مانويل فالس الفنان المسرحي بالترويج لكلام عنصري ومعاد للسامية وهو بذلك يهدد النظام العام لأنه مرتبط بالانفعال الناجم عن إهدار كرامة الفرد. ويعتقد أن عرضه الساخر الجديد الجدار سيتضمن إشارات ساخرة لليهود. وفي رصيد الفنان الفرنسي سبع إدانات بمعاداة السامية وعشرين حكما آخر ببراءته من نفس التهمة حسب ما صرح به. ورغم دعوات مقاطعة عروضه التي أطلقتها الإدارة الفرنسية وممثلي الجالية اليهودية وعدد من الفنانين والإعلاميين إلا أنه باع كل مقاعد قاعة الزينيث الخمسة آلاف التي تحتضن العرض هذا المساء. وتصل عدد مشاهدات فيديوهاته على اليوتيوب إلى المليوني مشاهدة. وطلب ديودوني على صفحته على فايسبوك من جمهوره عدم الاستجابة لأي استفزازات قد يتعرضون لها والرد عليها بآداء النشيد الوطني الفرنسي لمارسييز . ويرفض سياسيون ومثقفون وإعلاميون فرنسيون اعتبار ما يقدمه ديودوني في عروضه حرية التعبير بل هي كراهية كما وصفها برنار هنري ليفي. بينما يعتبر ديودوني أنه ضحية رقابة من السلطة بسبب أفكاره التي لا تمت إلى كراهية اليهود بصلة. وقال أنا ضد الصهيونية التي تستمد وجودها من كلمة معاداة السامية التي ترعب الناس، لكنني لست وحدي فكثير من اليهود في العالم يشاركنني هذا الرأي والنضال. ربما تكون أكبر متاعب ديودوني قد بدأت سنة 2003 عندما قدم فقرة ساخرة في برنامج تلفزيوني مشهور اتخذ فيها شكل يهودي أرثوذوكسي وأوحى فيها إلى أن التقرب من اليهود يفتح أبواب النجاح في الفن بفرنسا. العرض القصير أثار زوبعة في الإعلام ضد الفنان، لكن هذا الأخير لم يتوقف وقدم عرضا تلو الآخر سخر فيها من أشكال التطرف الديني المسيحي والاسلامي واليهودي. وقدم بعدها عروضا استفزت جانبا كبيرا من الطائفة اليهودية في فرنسا مثل عرض اعتذاراتي . لكن المجلس اليهودي العالمي بكندا لم يعتبر العرض عنصريا عند عرضه بكندا. ثم جاء عرض محمود الذي قصد به محمود أحمدي نجاد ومرة سخر ديودوني في عرضه من شخصيات سياسية وفنية فرنسية يهودية وغير يهودية ولم يسلم حتى بعض الحكام العرب عند خوضه في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. وسببت له عروضه، ببعض المتاعب القضائية حيث قاضته جمعية غريف الكاثوليكية التي وصفها محاميه بالانتماء إلى اليمين المتطرف بالعنصرية ومعاداة البيض والمسيحيين. واخترع ديودوني حركة لاكونيل التي انتشرت بين مختلف فئات الشعب الفرنسي، وأصبحت بالنسبة لهم ترمز للغضب على النظام ومعارضته والوقوف وحيدا ضده. وقال ألان سورال الكاتب والسينمائي الفرنسي السويسري عندما نرى عناصر من الشرطة والجيش ورجال الخدمة المدنية وطلبة يقومون بتلك الحركة التي تعبر عن التمرد ضد الذين يقفون ضد ديودوني، فإن السلطة تقلق. وزاد الجدل بشأنها عندما استعملها لاعب الفريق الوطني السابق نيكولا أنيلكا احتفاء بتسجيل هدف مع الفريق البريطاني الذي يلعب له. واعتبرها روجي كيوكيرمان، رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية لفرنسا في تصريح للإعلام الفرنسي بأن لا كونيل هي حركة النازية مقلوبة. وأضاف: ديودوني أصبح محترف معاداة السامية، وهو يستعمل مهنته لإنتاج ونشر معاداة السامية وهذا مقلق جدا . لكن ديودوني الممنوع من الظهور في أغلب الاعلام الفرنسي تساءل في إحدى فيديوهاته لماذا يتم إدانة معاداة السامية بينما لا يدان بنفس الشكل العنصرية ضد السود مثلا. ويتهم ديودوني بإنكار المحرقة والتعبير عن ذلك صراحة في عروضه، وتساءل من جانبه لماذا لم يدرسونا في المدارس إلا عن المحرقة كأنها المأساة الانسانية الوحيدة، مع أنه توجد مآسي أخرى تستحق الذكر مثل الرق، وتصفية الهنود الحمر... وعبر عن رفضه للتدخل العسكري الفرنسي على سوريا ورفع صورة الأسد مستفزا دعما له لأنهم يريدون تحطيم رأسه. ولم يمنع قرار المحكمة الفرنسية ما يصفه الاعلام الفرنسي بالصراع بين فالس-ديودوني حيث أعلن وزير الداخلية الفرنسي بإنه طعن في قرار المحكمة الإدارية حيث دخل الخلاف بين الطرفين مرحلة كسر العظم.