سعت روسيا الى استعادة زمام المبادرة في الملف السوري مقترحة الاثنين وضع ترسانة سوريا من الاسلحة الكيميائية تحت اشراف دولي، الامر الذي سارعت دمشق الى الموافقة عليه. واكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان دمشق لا تزال مستعدة للتفاوض على حل سلمي، مقترحا في الوقت نفسه على السوريين وضع مخزونهم من الاسلحة الكيميائية تحت مراقبة دولية ثم التخلص منه. وقال لافروف في تصريح مقتضب بعد ساعات قليلة على لقائه نظيره السوري وليد المعلم "ندعو القادة السوريين ليس فقط الى الموافقة على وضع مخزون سوريا من الاسلحة الكيميائية تحت مراقبة دولية، ثم التخلص منه، لكن ايضا الى الانضمام بالكامل الى معاهدة حظر الاسلحة الكيميائية". وعلى الفور رحب وليد المعلم، الموجود في موسكو، بالمبادرة الروسية وقال "ترحب القيادة السورية بالمبادرة الروسية انطلاقا من حرصها على ارواح مواطنيها وامن بلدنا ومن ثقتنا من حرص القيادة الروسية على منع العدوان على بلدنا". من جانبه دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى انشاء مناطق تخضع لاشراف الاممالمتحدة في سوريا يمكن ان يتم التخلص فيها من الاسلحة الكيميائية. ويمكن ان يعرض بان كي مون اقامة هذه المناطق على مجلس الامن اذا اكد المحققون الدوليون استخدام اسلحة كيميائية في النزاع السوري لتجاوز "الشلل المحرج" للمجلس بشان سوريا. وقبل ذلك بساعات وجه الاسد تحذيرا الى واشنطن في حديث بثته شبكة التلفزيون الاميركية سي.بي.اس. وفي هذا الحديث حذر الاسد من عواقب لا يمكن توقعها لهذه الضربات المحتملة في منطقة "كل شيء فيها على حافة الانفجار". وقال الاسد ان "الحكومة (السورية) ليست اللاعب الوحيد في المنطقة. هناك اطراف مختلفة وفصائل مختلفة وايديولوجيات مختلفة" محذرا الاميركيين من انهم "سيدفعون الثمن اذا لم يتصرفوا بحكمة". واضاف "لست عرافا لاقول لكم ما سيحدث" دون ان يستبعد استخدام الاسلحة الكيميائية "اذا كان يملكها المتمردون او ارهابيون في المنطقة او اي مجموعة اخرى". واعتبر ان هجوما اميركيا سيؤدي الى "حرب تسفر عن دعم القاعدة والناس الذين قتلوا اميركيين في 11 ايلول/سبتمبر" خلال الهجوم على نيويورك عام 2001. وفي ظل التشكك التام في نتيجة التصويت النهائي للكونغرس على الضربات في سوريا والذي لن يجرى قبل الاسبوع المقبل يتعين على باراك اوباما مواجهة راي عام معارض للتدخل العسكري في سوريا الذي يعارضة 60% من الاميركيين حسب استطلاع نشر الاثنين. وادراكا منه بان الامر يتعلق بمصداقية الولاياتالمتحدة وولايته الرئاسية نفسها سيقوم اوباما بحملة قوية لاقناع النواب الجمهوريين والديموقراطيين بالموافقة على هذه الضربة. وفي هذا الاطار سيدلي الرئيس الاميركي بستة احاديث على الاقل لقنوات تلفزيونية يبدا بثها مساء اليوم وذلك قبل ان يتوجه مساء الثلاثاء للاميركيين. وفي مجلس الشيوخ لن تبدا المناقشة الرسمية للقرار الذي يجيز استخدام القوة سوى الثلاثاء. ويمكن اجراء عملية تصويت اولى مهمة اعتبارا من الاربعاء. وحاليا يحدد القرار المتعلق بالضربات المدة بستين يوما يمكن مدها الى 90 يوما مع حظر نشر قوات مقاتلة على الارض. وفي لندن اكد وزير الخارجية الاميركي جون كيري في مؤتمر صحافي ان "انهاء النزاع في سوريا يتطلب حلا سياسيا" معتبرا انه لا يوجد حل عسكري". لكنه اكد ان "خطر عدم التحرك اخطر من الخطر الذي قد ينجم عن تحرك" مشددا على انه "لا يوجد ادنى شك في سلسلة المسؤوليات" في سوريا. وردا على سؤال عما اذا كان يمكن للنظام السوري تفادي الضربات قال جون كيري "بالتاكيد يستطيع (بشار الاسد) تسليم كل ترسانته الكيميائية الى المجتمع الدولي، خلال الاسبوع المقبل، تسليم كل شيء ودون ابطاء (...) لكنه ليس مستعدا للقيام بذلك، ولا يستطيع القيام به". لكن المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جنيفر بساكي شددت على الطابع "الافتراضي" لموقف كيري، مشيرة الى انه لا يمكن قراءته على انه مهلة او عرض للتفاوض موجه الى "ديكتاتور وحشي" غير اهل للثقة. وفي باريس اكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند استعداده للمشاركة في ضربات واعدا بمخاطبة الراي العام الفرنسي لكن بعد تصويت الكونغرس الاميركي وتسليم تقرير المفتشين الدوليين الذي حققوا في الهجوم الكيميائي المفترض في 21 اب/اغسطس قرب دمشق. وترى معظم دول الاتحاد الاوروبي ان هذا التقرير المنتظر في الايام القريبة القادمة يشكل مرحلة اساسية يمكن ان تؤكد بطريقة مستقلة الاتهامات باللجؤ الى الغازات السامة التي اوقعت، حسب المخابرات الاميركية، اكثر من الف قتيل بينهم مئات الاطفال. الا ان التقرير لن يحدد مصدر هذه الهجمات. واعلنت كارلا ديل بونتي عضو لجنة تحقيق الاممالمتحدة بشان انتهاكات حقوق الانسان في سوريا معارضتها لتدخل عسكري في هذا البلد. وقالت المدعية العامة السابقة في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ان "تجربتي في البلقان تقول لي انه سيكون هناك المزيد من الضحايا والمزيد من القتلى والحل السياسي سيكون اكثر صعوبة".