قد يكون لقرار البرلمان البريطاني رفض المشاركة في عمل عسكري ضد سوريا تداعيات تتجاوز الآثار السياسية .. فقد يضع بمرور الوقت عوائق أمام رجال الأعمال البريطانيين الذين يسعون للفوز بعقود بمليارات الدولارات في منطقة الخليج. وتنافس الشركات البريطانية على عدة صفقات ضخمة في المنطقة من بينها امتيازات نفطية وعقود لتوريد عشرات الطائرات المقاتلة إلى الإمارات العربية المتحدة وقطر. وتدعم أغلب البلدان الخليجية الغنية المصدرة للنفط لاسيما قطر والسعودية المعارضة السورية المسلحة في حربها مع نظام الرئيس بشار الأسد معنويا وماليا وفي بعض الأحيان عسكريا. لذلك فقد يؤدي رفض بريطانيا المشاركة في عمل عسكري إلى إضعاف موقفها في الخليج في الوقت الذي تحاول فيه الفوز بعقود تعتمد كثيرا على العلاقات السياسية الوثيقة والمصالح الاستراتيجية المشتركة. وقد تستفيد شركات من الولاياتالمتحدة وفرنسا اللتين تدرسان توجيه ضربة للحكومة السورية لمعاقبتها على ما تقولان إنه هجوم بالأسلحة الكيماوية من أي انتكاسات للشركات البريطانية. وقال جوناثان إيال المدير لدى المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن في لندن إن البرلمان لم يأخذ ذلك الأمر في الحسبان على ما يبدو في اقتراعه المفاجئ في 29 أغسطس آب الذي كانت نتيجته رفض المشاركة في ضرب سوريا. وأضاف أن أعضاء البرلمان كانوا مدركين للخطر الذي يشكله الاقتراع على علاقة بريطانيا "المميزة" مع الولاياتالمتحدة لكنهم على ما يبدو اعتبروا دورهم في الشرق الأوسط من المسلمات أو لم يقدروه حق قدره. ولم تعقب حكومات دول الخليج علانية على اقتراع البرلمان البريطاني وقال مسؤولون بريطانيون إنهم لا يتوقعون أن يؤثر على العلاقات التجارية. وقالت السفارة البريطانية في الرياض في بيان "لا يوجد سبب يدعونا للاعتقاد بأن قرار البرلمان البريطاني بشأن سوريا سيؤثر على علاقتنا التجارية والاستثمارية مع السعودية." غير انه في أحاديث خاصة عبر مسؤولون بريطانيون عن قلقهم من فتور العلاقة الدافئة بين بريطانيا والخليج حتى قبل اتخاذ ذلك القرار بشأن سوريا. وقال بعض المحللين إن غضب حكام الخليج من الدعم الغربي لانتفاضات الربيع العربي عام 2011 وتقارير الإعلام البريطاني التي اعتبرت داعمة لجماعة الإخوان المسلمين هما من أسباب الاستبعاد المؤقت لشركة النفط البريطانية الكبرى بي.بي العام الماضي من المنافسة على عقود تشغيل حقول نفطية كبرى في أبوظبي في العقود القليلة المقبلة. وسمحت الإمارات لبي.بي بالمشاركة مجددا بعد أن زار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أبوظبي في نوفمبر تشرين الثاني 2012 للترويج لشركات الطاقة والأسلحة البريطانية. لكن الولاياتالمتحدة وفرنسا استعرضتا أيضا عضلاتهما الدبلوماسية للفوز بعقود في الخليج. فقد زار الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند أبوظبي في يناير كانون الثاني هذا العام. ويوحي هذا بأن مسألة سوريا قد تصبح أحد عوامل صناعة القرار في بعض العقود. وتتنافس شركة بي.ايه.إي سيستمز البريطانية مع داسو الفرنسية لبيع نحو 60 طائرة للإمارات. وتدرس قطر ما إذا كانت ستستبدل أسطول طائراتها المتقادم بطائرات يوروفايتر تايفون التي تنتجها بي.ايه.إي أم بطائرات رافال التي تنتجها داسو. وأشار مسؤول تنفيذي في صناعة الطيران والدفاع الغربية في منطقة الخليج إلى أن الصفقات الكبرى مثل صفقة المقاتلات الإماراتية تدخل فيها عوامل كثيرة مثل نقل التكنولوجيا ورغبة الحكومات في تنويع الموردين. لكنه قال إن ذلك لا يعني أن تلك الحكومات ستتجاهل مسألة سوريا. وذكر المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه لأن الأمر حساس من الناحية السياسية "موقف بريطانيا بشأن سوريا سيكون حاضرا في أذهان صناع القرار في الخليج. يمكن القول إن هذا سيؤثر على حظوظ الطائرة يوروفايتر." ورفضت بي.ايه.إي التعقيب. وقال وليام باتي السفير البريطاني السابق لدى السعودية والعراق والذي يعمل الآن مستشارا في الشؤون الدولية لدى شركة كنترول ريسكس للاستشارات إنه لا يتوقع أي تأثير عاجل على العقود البريطانية في الخليج. وقال "لا تسير الأمور هكذا ... لا أظن أن السعوديين سيقولون فجأة 'لا. لن نعقد هذه الصفقة لشراء طائرات تايفون لأن البريطانيين رفضوا المشاركة في ضرب سوريا.'" لكنه أضاف أن ضررا قد يلحق ببريطانيا على المدى البعيد إذا اعتبر حلفاؤها الخليجيون اقتراع البرلمان البريطاني بشأن سوريا جزءا من انسحاب استراتيجي لبريطانيا من التدخل في المنطقة. (إعداد عبد المنعم هيكل للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح) من دانييل فينيرين وبريندا جوه