نجا وزير الداخلية المصري اللواء محمد ابراهيم من هجوم بقنبلة استهدف موكبه صباح الخميس اثناء تحركه من امام منزله في حي مدينة نصر (شمال شرق القاهرة) واكد انه يتوقع "موجة ارهاب" في البلاد. وهذه اول محاولة لاغتيال وزير داخلية مصري بعبوة ناسفة منذ اوائل تسعينات القرن الماضي عندما حاولت مجموعة اسلامية مسلحة اغتيال وزير الداخلية انذاك حسن الالفي. وقالت مصادر امنية ان 10 من رجال الشرطة اصيبوا اضافة الى 15 اخرين من المارة الذين تصادف وجودهم في موقع الانفجار من بينهم مواطنة انجليزية واخرى صومالية. وقال مصدر رفيع في وزارة الداخلية لفرانس برس ان الانفجار "نتج عن سيارة مفخخة". وياتي هذا الاعتداء بعد القمع العنيف لانصار الرئيس الاسلامي المخلوع محمد مرسي الذي عزله الجيش في مطلع تموز/يوليو عقب تظاهرات حاشدة وغير مسبوقة طالبت برحيله. وقالت وزارة الداخلية المصرية في بيان انه في "حوالي الساعة العاشرة والنصف صباحا إنفجرت عبوة ناسفة حال مرور موكب وزير الداخلية بشارع مصطفى النحاس بمدينة نصر ما اسفر عن وقوع عدد من الإصابات بطاقم الحراسة وبعض المواطنين الذين تصادف تواجدهم بمكان الحادث". وبعد قرابة ساعتين من وقوع الانفجار، ظهر اللواء ابراهيم على التلفزيون الرسمي مؤكدا انها "محاولة خسيسة" وانه كان يتوقع "موجة ارهاب" بعد فض اعتصامي الاسلاميين الشهر الماضي. وقال الوزير للصحفيين "حذرت قبل فض اعتصامي النهضة ورابعة العدوية انه ستحدث موجة ارهابية وهذا امر متوقع" في اشارة الى قيام الشرطة بفض اعتصامي الاسلاميين في القاهرة الذي اسفر عن مقتل المئات في 14 اب/اغسطس الماضي. واضاف اللواء ابراهيم الذي بدا انه لم يمس بأي اذى ان الانفجار ناتج عن "عبوة كبيرة تم تفجيرها عن بعد" استهدفت سيارته موضحا ان الهجوم ادى الى "تدمير سيارات الحراسة الاربع وسيارات للمواطنين تصادف وجودها" في المكان. واكد ان "هناك ضابطا حالته خطيرة والكثير من الاصابات بين الحرس". وبعد ظهر الخميس، قالت مصادر امنية ان التحقيقات الاولية التي اجرتها الاجهزة المختصة في وزارة الداخلية تشير الى "احتمال ان يكون التفجير انتحاريا". وشاهد صحفي من فرانس برس في موقع الحادث سيارة مدمرة ومتفحمة تماما وتطايرت اجزاء من محركها بعيدا عن هيكلها. وادى الانفجار الى تحطم واجهات عدد من المحلات كما تحطم زجاج بناية تقع على الجانب الاخر من الطريق على بعد قرابة 30 مترا من مكان انفجار القنبلة، بحسب المصدر نفسه. وقال سمير جرجس وهو شاهد عيان انه "رأى انفجارا في سيارة على جانب الطريق". وتناثر حطام سيارات وواجهات المحلات واعمدة انارة في مكان الحادث بالاضافة لبقايا اعضاء بشرية. وبجوار كشك مشروبات ضربته الفوضى والتدمير امام موقع الحادث قال صبي يدعى اشرف اصيب بشظايا في قدمه وكتفه "الانفجار كان شديدا لدرجة ان زجاج ثلاجة الكشك انفجر في وجهنا"، وتابع "الناس من حولي سقطوا مصابين". وكانت دراجة بخارية لحارس الوزير محطمة تماما. وقال مسؤول امني ان "امين الشرطة سائقها فقد ساقه في التفجير". وقال اشرف العشماوي المسؤول في هيئة الاسعاف المصرية انه "جرى تجميع عدد من الاشلاء من موقع الحادث. هناك يد وساق واجزاء بشرية". وحلقت طائرات عسكرية مروحية فوق موقع الحادث فيما واصل الامن تمشيط منطقة الحادث باستخدام الكلاب البوليسية. واكدت الحكومة المصرية الخميس انها ستضرب الارهاب ب "يد من حديد". ودان مجلس الوزراء في بيان "الحادث الارهابى والاعتداء الاثم على موكب وزير الداخلية" مؤكدا ان "هذا الحادث الاجرامي لن يثني الحكومة عن مواجهة الارهاب بكل قوة وحسم وكذا الضرب بيد من حديد على كل يد تعبث بأمن الوطن وذلك حتى يعود الاستقرار إلى ربوع مصر". واكدت الرئاسة المصرية في بيان أنها "لن تسمح للإرهاب الذي سبق أن دحره الشعب المصري في الثمانينيات والتسعينيات أن يطل بوجهه القبيح من جديد". واضافت الرئاسة ان "مثل هذه الاحداث الارهابية لن تثني الدولة المصرية عن عزمها على المضي في طريق المستقبل، بل تزيدها اصرارا على استكمال ما وعدت به من عدم السماح لكائن من كان بأن يرهب الشعب المصري او يقف في طريق مسيرة مستقبله". وندد "تحالف دعم الشرعية" المؤيد لمرسي محاولة اغتيال وزير الداخلية. والتحالف هو الذي نظم اعتصامي رابعة والنهضة والتظاهرات التي شهدتها البلاد خلال الاسابيع الاخيرة ضد ما وصفه ب "الانقلاب على الشرعية" وقال عمرو دراج القيادي في جماعة الاخوان في تحالف دعم الشرعية ان التفجير "مدان ايا كان مرتكبوه". ونفت الجماعة الإسلامية، وهو تنظيم كان مسؤولا عن موجة عنف في تسعينات القرن الماضي في مصر قبل ان يعلن تخليه عن العنف في العام 1998، أي صلة لها بمحاولة اغتيال اللواء ابراهيم. وفي بيان بثته وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية، اكدت الجماعة الإسلامية وحزب البناء والتنمية المنبثق عنها، "ادانتهما" للاعتداء "ايا كانت الجهة التي تقف وراءه وايا كانت مبرراته". وقال البيان ان مثل هذه التفجيرات "فضلا عن أنها قد تؤدي إلى إراقة دماء لا يصح شرعا إراقتها فإنها ستفتح بابا من الصراع الدموي بين أبناء الوطن الواحد قد لا ينغلق قريبا، وهو ما يجب أن تتكاتف جميع الجهود لمنع حدوثه". وأضافت الجماعة الإسلامية "ان الأمر يزداد خطورة إذا كان هذا التفجير يقف وراءه من يريد قطع الطريق أمام أي مصالحة بين أبناء الوطن" . ويأتي هذا الانفجار في ظل اضطراب امني تشهده مصر منذ عزل الجيش مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين اثر تظاهرات حاشدة طالبت برحيله. ورفضت جماعة الاخوان المسلمين عزل مرسي واعتبرت انه "انقلاب على الشرعية" واعتصم الاف من انصارها احتجاجا في ميداني رابعة العدوية والنهضة في القاهرة. ومنذ عزل مرسي، تشهد منطقة شمال سيناء اعتداءات شبه يومية على قوات الشرطة والجيش اسفرت عن سقوط العديد من القتلى. ووقع اكبر اعتداء في شمال سيناء في 19 اب/اغسطس الماضي واسفر عن مقتل 25 جنديا مصريا. ونشرت مصر اخيرا قوات اضافية في شمال سيناء لمواجهة الجهاديين الاسلاميين واعلنت عن مقتل العديدين منهم. غير ان مجموعة جهادية مهمة في سيناء نفت في بيان نشرته الاربعاء على شبكة الانترنت مقتل جهاديين متهمة الجيش ب"الترويج لانتصارات زائفة".