بيونجيانج (رويترز) - عانى اقتصاد كوريا الشمالية من سنوات طويلة من سوء الإدارة والعزلة والعقوبات الرامية لكبح طموحاتها النووية ما أفقده الكثير من مقوماته لكن كل هذه المحن لا يظهر لها أدني أثر في العاصمة بيونجيانج. وسمحت كوريا الشمالية لمجموعة كبيرة من الصحفيين الاجانب بتغطية الاحتفالات الضخمة التي اقيمت يوم السبت بمناسبة الذكرى الستين للهدنة التي أنهت الحرب الكورية بين عامي 1950 و1953 التي تقول كوريا الشمالية إنها خرجت منها منتصرة. وأنفقت كوريا الشمالية بلا حساب لاقامة عدة منشآت لتخليد ذكرى الحرب -التي كانت ركيزة وجودها- من بينها مقبرة لضحايا الحرب أزيح عنها الستار في احتفال تصدره الرئيس كيم جونج اون يوم الخميس الماضي. ووسط صخب كبير افتتح متحف جديد للحرب أمام الجمهور يوم السبت. ويزخر المتحف بأحدث شاشات عرض في العالم ومجسمات لمواقع المعارك ويتوسطه تمثال ضخم لكيم ايل سونج الأب المؤسس لكوريا الشمالية وجد الرئيس الحالي وبداخله يلتقط الزائرون صورا بكاميرات يابانية رقمية. وصاحب مرافقون رسميون الصحفيين الاجانب عن كثب خلال إقامتهم. واكتفى الصحفيون بما شاهدوه من خلف النوافذ اثناء تجولهم بحافلات مخصصة للصحفيين في شوارع بيونجيانج لتكوين انطباع عن الحياة في العاصمة. ولا ترى أي دلائل على الفقر المدقع والجوع والقمع الذي يصفه منشقون كوريون شماليون كسمات للحياة في الريف. وتقول وكالة المخابرات المركزية الامريكية في كتاب الحقائق العالمية إن متوسط الدخل السنوي للفرد في كوريا الشمالية بلغ 1800 دولار سنويا في 2011 وتحتل البلاد المرتبة 197 عالميا من حيث القوة الشرائية وتمثل نحو 5.5 بالمئة من نظيرتها في كوريا الجنوبية. وفي التسعينات أودت المجاعة بحياة مليون شخص ويذكر مسح نشر في مارس آذار تحت رعاية الأممالمتحدة أن نحو ربع اطفال كوريا الشمالية يعانون من سوء تغذية مزمن. لكن لا تشاهد في بيونجيانج ما يدل على ذلك. ويعتمد سكان العاصمة الموالين للنظام بالضرورة نظرا لان الحكومة هي التي تقرر من يقيم في العاصمة على شبكة عربات مترو اصابها الصدأ في تنقلاتهم وتظهر الطوابير الطويلة في اوقات الذروة. ويسير المواطنون لمسافات طويلة في الشوارع شديدة النظافة ولكنها تخلو من المارة تقريبا. وفي الايام الاخيرة حملت النساء مظلات بالوان مختلفة لحماية انفسهن من حرارة شمس الصيف. ومعظم السيارات من طرز اوروبية ويابانية قديمة لكن يوجد عدد أقل من السيارات الأحدث من انتاج تويوتا ومرسيدس بنز واودي. ويتناثر عدد قليل من المتاجر في المدينة لاسيما متاجر الكتب والملابس. وتوجد مطاعم ومحال صغيرة لا تبيع الا مشروبات غازية محلية بنكهات التفاح والعنب والبرقوق. ويجلس كثيرون في الظل في الميدان وعلى الارصفة والبعض يتحدث في الهاتف المحمول. وقد تبدو المباني السكنية قديمة مثلما هو الحال في الكثير من المدن الاسيوية غير أن عددا كبيرا من قاطنيها يزين الشرفات بأصص الزهور. ولا تتضح المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها كوريا الشمالية إلا بعد الغروب اذ ان يغلف الظلام الكثير من شوارع العاصمة ولا تنيرها إلا اضواء الدارجات وتبدو امدادات الكهرباء غير منتظمة. ومن البديهي الا تكون هناك أي بوادر لاضطرابات او استياء تجاه النظام في عاصمة واحدة من اكثر دول العالم سلطوية ورئيس البلاد البالغ من العمر 30 عاما . وقال دبلوماسي عن الرئيس الشاب "يشغل منصبه منذ ما يزيد عام ونصف العام ولا نرى أي بوادر انشفاق أو معارضة او استياء في الداخل تجاه زعامته." وفي حين يظهر كيم في مناسبات عامة أكثر من ذي قبل لاسيما في الاسبوع الماضي حيث بدا واثقا ومسترخيا اثناء الاحتفالات بذكرى الهدنة الا انه لا يلوح في الافق أي تغيير في السياسات التي انتهجها والده وجده. وقال الدبلوماسي الذي طلب الا ينشر اسمه "تغير الاسلوب دون المضمون." من سي يونج لي