تبدأ الحملة الانتخابية للدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية اليوم الاحد في مالي في عملية يفترض ان تنهي اخطر ازمة في التاريخ الحديث لهذا البلد الذي شهد قبل عام ونصف العام انقلابا واحتلال اراضيه من قبل جهاديين وتدخل جيش اجنبي. ومن شأن اجراء هذه الانتخابات بعد ستة اشهر على بدء تدخل الجيش الفرنسي في البلاد لطرد الاسلاميين الذين كانوا يحتلون شمال مالي ويهددون بالتقدم جنوبا، ان ينهي اخطر ازمة في التاريخ الحديث للبلاد. الا ان مرشحين ومحللين يشككون في هذا الامر ويطالبون بارجاء هذه الانتخابات المفصلية خشية حصول استحقاق غير محضر له بالشكل الكافي ما ينتج عنه نتائج مشكوك بصحتها. كما ان من شأن هذه الانتخابات ان تعيد الانتظام الدستوري الى البلاد بعد انقطاع للمؤسسات اثر الانقلاب العسكري في 22 اذار/مارس 2012. وتمت الاطاحة حينها بالرئيس المنتخب امادو توماني توري قبيل انتخابات رئاسية لم يكن ينوي الترشح اليها بعد عشر سنوات قضاها رئيسا للبلاد. وتولى القائد العسكري امادو هايا سانوغو الحكم لاسبوعين قبل تسليمه لمدنيين تحت الضغط الدولي. الا ان الانقلاب سرع في سقوط شمال مالي بيد المتمردين الطوارق والاسلاميين المرتبطين بتنظيم القاعدة الذين ارتكبوا خلال تسعة اشهر تجاوزات كبيرة. وانتهت سيطرة هذه القوى الاسلامية بفعل تدخل الجيش الفرنسي اعتبارا من 11 كانون الثاني/يناير الى جانب الجيش المالي الذي عانى تبعات هزيمة ال2012 اضافة الى جيوش افريقية اخرى. وتم دمج هذه القوات الافريقية منذ الاول من تموز/يوليو في مهمة حفظ الاستقرار في مالي التابعة للامم المتحدة والتي تعد حاليا 6300 عنصر. وستكون الانتخابات الرئاسية اول تحد لهذه القوات التي يتعين عليها حفظ الامن خلال هذا الاستحقاق بمؤازرة في حال اقتضت الحاجة من اكثر من 3200 جندي فرنسي لا يزالون في مالي. ولا يزال هناك عناصر من الجهاديين في مالي قد يغتنمون الفرصة لارتكاب هجمات خصوصا في شمال مالي. ويتقدم 28 شخصا بينهم امرأة واحدة الى الدورة الاولى من هذه الانتخابات. ومن بين هؤلاء المرشحين رؤساء الوزراء السابقون ابراهيم بوبكر كيتا وشيخ موديبو ديارا وموديبو سيديبي سومانا ساكو اضافة الى اسماعيل سيسي الرئيس السابق للجنة الاتحاد الاقتصادي والمالي لغرب افريقيا. وتم رفع حالة الطوارئ السارية في البلاد منذ 12 كانون الثاني/يناير، السبت للسماح للمرشحين بالقيام بحملات انتخابية وعقد اجتماعات علنية. ومن المقرر ان يعقد ابراهيم بوبكر كيتا السياسي المالي المخضرم اول تجمعاته الانتخابية بعد ظهر الاحد في مدرج في باماكو. اما تييبيليه دراميه وهو مرشح اخر للانتخابات الرئاسية ووزير سابق يعتبر مهندس الاتفاق بين الحكومة في باماكو ومتمردي الطوارق الموقع في 18 حزيران/يونيو في واغادوغو، فانتقد بشدة اجراء الانتخابات بهذه السرعة نزولا عند الضغط الفرنسي. واكد دراميه لوكالة فرانس برس ان "الشروط ليست متوافرة بتاتا لاجراء الانتخابات. ثمة نوع من التوحد لدى السلطات العامة. الحكومة ليست مستعدة، وزير الادارة الاقليمية ليس مستعدا، خلافا لما يقوله، اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة ليست مستعدة". وهذا التحليل تشاطره ايضا مجموعة الازمات الدولية التي اوصت في تقرير اصدرته مؤخرا بارجاء الانتخابات "لفترة وجيزة" لا تتجاوز ثلاثة اشهر ما "يحمل ايجابيات على المدى الطويل". واشارت المجموعة في تقريرها الى ان "الاصرار على اجراء الانتخابات وفق جدولها الحالي يعني المجازفة بحصول عملية انتخابية فوضوية ومتنازع على نتائجها ما سيؤول الى انتخاب رئيس مجرد من الشرعية اللازمة لاصلاح الوضع في البلاد". وتحدثت مجموعة الازمات الدولية خصوصا عن الوقت القليل المتبقي لتوزيع بطاقات جديدة لقرابة سبعة ملايين ناخب واعادة الانتشار غير المنجزة للادارة المركزية في الشمال وعدم عودة ما يقارب ال500 الف لاجئ ونازح الى منازلهم بعد هربهم من النزاع وغالبيتهم قد لا تتمكن من التصويت. الا ان عائقا كبيرا امام اجراء الانتخابات الرئاسية على مجمل الاراضي المالية تمت ازالته الجمعة مع دخول الجيش المالي الى كيدال شمال شرق مالي بالتوازي مع انكفاء المتمردين الطوارق من الحركة الوطنية لتحرير ازواد التي كانت تحتل المدينة منذ شباط/فبراير. وهذه الدورة الاولى من الانتخابات المزمع اجراؤها في 28 تموز/يوليو والتي قد تليها دورة ثانية في 11 اب/اغسطس في حال لم يحصل اي مرشح على الاغلبية المطلقة، ستتم مراقبتها من جانب مراقبين دوليين بينهم 90 من الاتحاد الاوروبي الذين بدأوا بالانتشار.