قبل نهاية العقد الحالي ستبدأ اوروبا ، بحسب ما اعلن الجمعة رسميا، في استيراد الغاز الطبيعي الاذربيجاني عبر خط انابيب الغاز العابر للادرياتيكي (تاب) ما يشكل ضربة لعملاق الغاز الروسي غازبروم. وبعد سنوات من المباحثات اكد مجمع مكون من ثلاث شركات اوروبية (بي بي وتوتال وستيت اويل) وحليفهم الاذربيجاني سوكار الجمعة اختيار خط الانابيب تاب لايصال الغاز الذي سيستخرج من المرحلة الثانية من تطوير حقل شاه دانيز الذي يستغلونه في بحر قزوين. وسيرتبط تاب بخط الغاز عبر الاناضول (تاناب) ويتجه من الحدود التركية اليونانية حتى ايطاليا عبر البانيا والادرياتيكي. وتم تفضيل هذا المشروع على مشروع منافس "نابوكو غرب" الذي يزود البلقان ووسط اوروبا ذي المسار الاطول (1300 كلم) وبالتالي كلفة اعلى. وهذا القرار الذي كان متوقعا كان محل اشادة في بروكسل باعتباره منعطفا تاريخيا لسوق الغاز الاوروبي لانه سيتيح للاتحاد الاوروبي الشديد التبعية للغاز الروسي تنويع مصادر تزويده من خلال استيراد غاز اذربيجان بداية من 2019. وقال رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو انه يشكل "مرحلة هامة في تعزيز امن الطاقة في الاتحاد الاوروبي". واعتبر رئيس شركة الغاز الروسية العملاقة غازبروم الكسي ميلر الجمعة ان مشروع خط "نابوكو" قد تم "دفنه" بعد اختيار تاب لنقل انتاج حقل شاه دونيز باذربيجان. وقال في مؤتمر صحافي "مشروع نابوكو لم يعد قائما (..) لقد تم دفنه". لكن اندرو ناف المحلل بموسكو اعتبر ان خط انابيب "تاب هو افضل نتيجة كان يمكن ان تاملها غازبروم (..) لان السوق الالباني لا يؤخذ في الاعتبار حقيقة كما ان اليونان ليست سوقا هاما" في حين كان خط نابوكو الغرب سيمس مباشرة اسواق وسط اوروبا الشديدة التبعية للشركة الروسية. وعلاوة على ذلك فان طاقة تاب ضعيفة مقارنة بقوة غازبروم حيث تبلغ طاقة تاب عشرة مليارات متر مكعب سنويا في حين ان غازبروم سوقت العام الماضي 140 مليار متر مكعب من الغاز في اوروبا (نحو ثلث استهلاك اوروبا). وابدى ناف شكوكا في ارتفاع قدرته لاحقا بسبب واقع الطلب على الغاز في اوروبا. وكانت الوكالة الدولية للطاقة حذرت بداية حزيران/يونيو من ان الطلب الاوروبي على الغاز المتراجع منذ 2011 بسبب تاثير الازمة والصعوبات التي تعاني منها محطات الطاقة، سيتقلص الى 499 مليار متر مكعب العام المقبل قبل ان يعاود الارتفاع ببطء شديد. وعلاوة على ذلك فان غازبروم اطلقت مشروع خط انابيب خاص بها عبر "الممر الجنوبي الاوروبي" واطلق عليه اسم "ساوث ستريم" وسيتيج لها استهداف وسط اوروبا وغربها بطاقة هامة جدا تبلغ 63 مليار متر مكعب سنويا. ويرى المحلل ناف ان "غاز اذربيجان سينوع مصادر التزود لكنه لن يحد من التبعية للغاز الروسي". واكبر مصدر للقلق بالنسبة لموسكو ياتي في الواقع من سياسة شاه دونيز التجارية. وقالت بي بي انها منفتحة على عقود تحدد اسعارها وفق سعر الغاز الطبيعي في السوق في حين تدافع غازبروم بقوة على عقود طويلة الامد تربط الاسعار فيها بسعر النفط الارفع ثمنا. ومن شان ذلك ان يقدم لزبائن غازبروم الذين تمكنوا اصلا من انتزاع تخفيضات حالة بحالة، حججا جديدة لمراجعة شروط عقودهم. ورغم ذلك فان وكالة التصنيف الائتماني فيتش اعتبرت ان اختيار تاب "يحد من خطر الضغوط لخفض اسعار الغاز" في اوروبا في الوقت الذي "كان يمكن ان يكون فيه (للبديل نابوكو) تاثير متواضع على الاسعار بسبب طاقته الاعلى" ومساره. وفي نهاية المطاف فان الخاسر الرئيسي في الامر هو خط نابوكو الغرب حيث يرى الكثيرون في اختيار تاب نهايته. وحتى ان اعتبرت غازبروم انه دفن فان المستثمرين فيه يقولون انهم يبحثون عن مزودين جدد لكن النمساوي او ام في ابرز المروجين له لم يعد يؤمن بالمشروع.