لا يخفى أن حربا حول طرق نقل النفط والغاز من بحر قزوين وآسيا الوسطى تدور رحاها بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة من ناحية وبين روسيا من الناحية الأخرى. فقد وجهت شركة "غازبروم" الروسية في الآونة الأخيرة ضربة قوية للاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة الأميركية اللذين كثفا جهودهما في منطقة بحر قزوين في محاولة لمنع تصدير النفط والغاز من هذه المنطقة عبر روسيا. الضربة تمثلت في اقترح لرئيس الشركة الروسية ُعرض على الرئيس الأذربيجاني الهام علييف يقضي ببيع أذربيجان الغاز إلى "غاز بروم" بأسعار السوق العالمي طبقا لعقد طويل الأجل. ومن المعروف أن أذربيجان كانت تستورد الغاز الطبيعي من روسيا قبل عدة سنوات حيث اشترت 5ر4 مليار متر مكعب من روسيا بسعر 60 دولارا لكل ألف متر مكعب في عام 2005 ولكنها خفضت مشتريات الغاز الروسي بعدما ارتفعت أسعاره. وبعد ذلك توجهت أذربيجان لزيادة الإنتاج المحلي من الغاز وسعت إلى زيادة تصديره إلى الخارج. ويقدر البعض احتياطيات أذربيجان من الغاز الطبيعي ب5ر1 تريليون متر مكعب. وتتركز هذه الاحتياطيات في حقل "شاه دنيز"في بحر قزوين. ويعتقد مراقبون أنه بمقدور هذا الحقل إنتاج 3ر1 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. وتقدر حاجة الاستهلاك المحلي للغاز في أذربيجان بما يتراوح بين 11 و14 مليار متر مكعب في السنة. وتشير التقديرات إلى إمكان تصدير 5 - 7 مليارات متر مكعب من إنتاج حقل "شاه دنيز" في السنة حتى في المرحلة الأولى. العرض الروسي لم ترد عليه أذربيجان حتى اللحظة ، ولكن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف وعد بالتفكير فيه . وتقول مصادر روسية إن هذا العرض يتيح لأذربيجان فرصة إضافية للمساومة مع مستوردي الغاز الأذربيجاني في تركيا واليونان وإيطاليا والنمسا. العرض الروسي جاء ، كما يعتقد المراقبون ، في محاولة لاستمالة باكو نحو موسكو بدلا من العواصمالغربية. فمن المعروف أن روسيا على قناعة بأن أذربيجان تعتبر سندا أساسيا للدبلوماسية الغربية في منطقة بحر قزوين حيث سارت في مقدمة مؤيدي خطط نقل النفط والغاز من بحر قزوين إلى أوروبا دون المرور بروسيا. ولهذا تحديدا يفترض مراقبون روس أن يحجم الرئيس الأذربيجاني عن اتخاذ قرار من شأنه الإضرار بعلاقة أذربيجان مع الغرب وخاصة مع واشنطن. علاوة على ذلك فإن قبول العرض الروسي من قبل أذربيجان قد يعني تعطيل خط الأنابيب المخصص لنقل الغاز من أذربيجان إلى تركيا والذي تحاول الولاياتالمتحدة مده بعيدا عن الأراضي الروسية . في نفس الوقت شرعت روسيا في الاتفاق مع كازاخستان بشأن توسيع خط الأنابيب الذي يديره "كونسورتيوم بحر قزوين" لنقل النفط من كازاخستان إلى أسواق العالم عبر روسيا لترتفع سعته من 32 مليون طن من النفط في السنة إلى 67 مليونا في عام 2012. ويتضمن توسيع هذا الخط توجيه كمية إضافية من النفط الكازاخي قدرها 17 مليون طن إلى خط الأنابيب المزمع مده من ميناء بورغاس البلغاري على البحر الأسود إلى ميناء الكسندروبوليس اليوناني المطل على البحر المتوسط. ويربط خط أنابيب كونسورتيوم بحر قزوين حقل "تنغيز" النفطي في كازاخستان بميناء نوفوروسيسك الروسي على البحر الأسود. ويضم الكونسورتيوم روسيا وكازاخستان وسلطنة عمان وجملة شركات عالمية خاصة بينها شركة "شيفرون" الأمريكية. محاولات الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة نقل النفط والغاز من بحر قزوين وآسيا الوسطى بعيدا عن الأراضي الروسية ترمي في الأساس حسب الروس إلى تحجيم الدور الروسي في مجال الطاقة ، وسحب ورقة الطاقة من أيدي موسكو التي يتهمها الغرب باستخدام هذه الورقة للابتزاز السياسي. غير أن روسيا يبدو أنها منتبهة تماما لهذه المحاولات الغربية ولحرب الغاز والنفط التي تديرها واشنطن ضدها.