القيصرية (تركيا) (رويترز) - ألقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يوم الجمعة كلمة أمام آلاف من أنصاره الذين احتشدوا في مدينة القيصرية معقله المحافظ وأخذوا يرددون هتافات التأييد له بعد احتجاجات عنيفة مناهضة لحكومته استمرت أسابيع وشابتها أعمال عنف. وامتلأت الساحة الرئيسية في هذه المدينة الصناعية في قلب منطقة الأناضول التركية المحافظة بالأعلام. وعلقت صورة عملاقة لوجه اردوغان على سور قلعة قديمة إلى جانب صورة لمصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة. واستهدف المؤتمر حث الناخبين على تأييد الحزب الحاكم حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إردوغان قبل انتخابات مجالس البلدية في مارس آذار. لكن رئيس الوزراء صور الاضطرابات واسعة النطاق التي دامت ثلاثة أسابيع على أنها صراع بين معسكرين.. "نحن" و"هم". وأبرزت الاحتجاجات انقساما في المجتمع التركي بين اتجاه محافظ يشكل الأساس لدعم اردوغان واتجاه أكثر ليبرالية برز بقوة في المظاهرات السلمية. وقال اردوغان (59 عاما) "يقولون إنهم متعلمون وإنهم فنانون وإنهم الأثرياء وإنهم يعرفون كل شيء ويفهمون كل شيء." وتابع قائلا "يعتقدون أن صوتهم ليس كصوت أحمد أو محمد أو راعي غنم في القيصرية. لقد استمتعوا بشرب الخمر على ضفاف البوسفور" وتعالت هتافات الاستهجان بين الحشد الذي ضم أكثر من 15 ألفا. وتطرق اردوغان في كلمته أيضا إلى محتج وقف وحيدا صامتا في ميدان تقسيم في اسطنبول هذا الأسبوع مما دفع آلافا في أنحاء تركيا لتقليده والمساعدة في تخفيف حدة التوتر بعد الاشتباكات العنيفة بين الشرطة والمتظاهرين. وقال اردوغان "أكثر ما يعرفونه هو كيف يقفون بلا حراك ويجعلون الآخرين يقفون بلا حراك. جعلونا نقف في كل مكان.. جعلونا نقف في الصيدليات وعند بوابات الجامعات ونقف في طوابير للحصول على الغاز والسكر والخبز." ومن المقرر ان ينظم اردوغان مؤتمرات حاشدة مماثلة في مطلع الأسبوع في مدينة ارضروم في شرق البلاد وسمسون على ساحل البحر الأسود. وعلقت في ميدان بالقيصرية لافتة كتب عليها "مرت عشر سنوات على قدومك. لقد أحدثت تحولا في تركيا". وكتب على لافتة أخرى "دعونا نفسد اللعبة الكبرى .. دعونا نكتب التاريخ". ولم تشهد مدن مثل القيصرية وهي من "نمور الأناضول" التي ازدهرت صناعاتها الصغيرة خلال حكم حزب العدالة والتنمية المستمر منذ عشر سنوات الاشتباكات التي تركزت في اسطنبول والعاصمة انقرة ومدينة إسكي شهر القريبة. ويتمتع ارودغان في منطقة الأناضول بتأييد كبير. وقالت توبة ايكيض (27 عاما) وهي صاحبة متجر محجبة "لقد اخترناه في الانتخابات الثلاثة الماضية ولا اتصور أن أعطي صوتي لأحد غيره في المرة القادمة أيضا." وطبق اردوغان الذي فاز في الانتخابات للمرة الثالثة على التوالي عام 2011 بتأييد نسبته 50 في المئة اصلاحات ديمقراطية منها الحد من نفوذ الجيش الذي أطاح بأربع حكومات خلال أربعة عقود وكذلك بدء مسعى لانهاء تمرد كردي مستمر منذ 30 عاما. ومن ناحية أخرى سجن في عهده مئات من ضباط الجيش بتهمة التآمر للقيام بانقلاب عليه ويواجه آخرون من بينهم اساتذة جامعة وصحفيون وسياسيون محاكمات بتهم مماثلة. وهناك قطاع واضح من مواطني تركيا الذين يبلغ عددهم 76 مليونا لا يؤيد إردوغان ويرى ان لديه نزعة استبداد متنامية ورغبة في التدخل في الحياة الشخصية. وأثارت قيود فرضت مؤخرا على بيع الخمور شكوكهم في ان لديه اجندة اسلامية تظهر شيئا فشيئا. وتحول هذا الرفض الى احتجاجات حين شنت الشرطة حملة على مجموعة من النشطين المدافعين عن البيئة يحتجون على خطة لتطوير متنزه غازي في ميدان تقسيم باسطنبول أواخر مايو أيار ثم امتدت الاحتجاجات إلى مدن أخرى وتحولت إلى العنف. واستمرت اعمال عنف متفرقة في مناطق مختلفة منها العاصمة أنقرة حيث نزل نحو الف الى الشوارع خلال الليل ومنها مرسين على الساحل الجنوبي حيث استخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع ومدافع المياه لتفريق المتظاهرين بينما كان اردوغان يحضر افتتاح دورة العاب البحر المتوسط. وأثار القمع الشديد الذي لجأت إليه الشرطة لاسيما في الأيام الأولى للاحتجاجات انتقادات دولية خصوصا من ألمانيا الشريك التجاري الرئيسي لتركيا مما ألقى بظلال على محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي المتعثرة. واستدعت تركيا وألمانيا سفير كل منهما لدى الأخرى يوم الجمعة وسط خلاف متصاعد بسبب انتقاد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أسلوب التعامل مع المتظاهرين ورفضها انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. وتبنى بعض الوزراء في حكومة اردوغان لهجة أكثر تصالحا هذا الأسبوع مع تراجع حدة المظاهرات وقال بولنت أرينتش نائب رئيس الوزراء إنه يجب تشجيع "الاحتجاجات الصامتة". (إعداد أشرف راضي للنشرة العربية - تحرير أمل أبو السعود)