يصوت مجلس النواب اللبناني الجمعة على التمديد لاعضائه لمدة 17 شهرا، بعد تعذر اجراء الانتخابات المقررة في حزيران/يونيو الجاري نتيجة عدم توصل الفرقاء السياسيين الى اتفاق على قانون انتخابي وتدهور الوضع الامني خلال الاسابيع الاخيرة على خلفية النزاع في سوريا المجاورة. ويرجح ان يحصل البند الوحيد المدرج على جدول الاعمال على اكثر من مئة صوت من 128 هو عدد اعضاء المجلس النيابي. بعد اعلان الكتل النيابية المختلفة موقفها من اقتراح التمديد. وجاء في نص الاقتراح الذي تقدم به النائب المستقل نقولا فتوش ونشرته صحف لبنانية "تعدل مدة انتهاء المجلس النيابي بصورة استثنائية" لتنتهي في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2014. وكان يفترض ان تنتهي في 20 حزيران/يونيو، فيما ينص القانون على اجراء الانتخابات في الستين يوما التي تسبق انتهاء الولاية المؤلفة اصلا من اربع سنوات. ويشير الاقتراح الى ان من اسباب التمديد "الاوضاع الامنية التي تؤثر في شكل واضح ومباشر على الحياة الطبيعية في مناطق واسعة"، مشيرا الى ان هذه الاوضاع "تتلازم مع تصعيد سياسي وانقسام ياخذ في كثير من الاحيان ابعادا مذهبية وطائفية حادة تنذر تداعياتها بالفتنة". واعتبر ان "مجمل هذا الوضع الامني والسياسي المتوتر يعطل امكان القيام بتحرك انتخابي وتنظيم الحملات الانتخابية". وترى عميدة كلية العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف فاديا كيوان ان السبب الحقيقي للتمديد هو ان "جميع الاطراف يرغبون بالافادة من مزيد من الوقت في انتظار ان يحسم الوضع السوري لمصلحة النظام او المعارضة، فيربح الطرف اللبناني الذي يدعم هذا او ذاك الانتخابات". ويعاني لبنان من انقسام حاد بين قوى 14 آذار المناهضة للنظام السوري وحزب الله وحلفائه الداعمين للنظام. وينعكس هذا الانقسام تبادل اتهامات حول نقل الصراع السوري الى لبنان، اذ تنتقد قوى 14 آذار بعنف تورط حزب الله في المعارك الجارية في سوريا الى جانب النظام، بينما يتهم الحزب وحلفاؤه هذه القوى بدعم المعارضة السورية بالمال والسلاح. وينقسم البرلمان تقريبا بين الطرفين بشكل متساو، بالاضافة الى كتلة برئاسة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط مؤلفة من حوالى سبعة نواب، ترجح كفة القرار في هذا الاتجاه او ذاك. وينفي النائب انطوان زهرا من قوى 14 آذار اي رهان للطرف الذي ينتمي اليه على الوضع السوري، مؤكدا ردا على سؤال لوكالة فرانس برس، ان "الطرف الذي يريد التمديد يستطيع ان يعبث بالامن وتفجير الوضع في لحظة. ونحن تعاملنا مع الامر الواقع خشية زعزعة الوضع الامني". وحصد اسبوع من المعارك بين سنة وعلويين في طرابلس في شمال لبنان على خلفية النزاع السوري اكثر من ثلاثين قتيلا، وعاد الوضع الى طبيعته بعد ان لاح توافق على التمديد للمجلس. وتتهم قوى 14 آذار حزب الله بالضغط على الحياة السياسية في لبنان من خلال السلاح. ومن المتوقع ان يحضر جلسة اليوم التي تنعقد الساعة الثالثة بعد الظهر (12,00 ت غ) جميع اعضاء الكتل النيابية باستثناء كتلة التيار الوطني الحر (اكثر من 18 نائبا) برئاسة الزعيم المسيحي ميشال عون الذي يرفض التمديد رغم موافقة حليفه حزب الله عليه. وسيغيب عن الجلسة ايضا نواب مقيمون خارج البلاد منذ وقت طويل، وابرزهم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، احد ابرز اركان قوى 14 آذار. ويقول مقربون منهم ان سبب غيابهم امني ووجود تهديدات على حياتهم. واعلن عون انه سيطعن بقانون التمديد امام المجلس الدستوري. كما اعلن رئيس الجمهورية ميشال سليمان انه سيطعن، كونه وصيا على الدستور والتقيد به. ويعني تمديد ولاية المجلس لاكثر من سنة ان البرلمان الحالي هو الذي سينتخب رئيسا جديدا للبنان في ايلول/سبتمبر من العام 2014. وتقول كيوان "ان ما يحصل امر خطير ويعكس خفة في التعامل مع الدستور"، معتبرة ان "الاحداث الامنية المتفرقة ليست سببا قاهرا لارجاء الانتخابات". وترى ان المرحلة المقبلة "ستشهد تصدعا للشرعية في لبنان"، متوقعة "سجالا حول دستورية القانون قد ينتهي بابطاله". ويستبعد زهرا من جهته الموافقة على الطعن قائلا "القوة القاهرة التي تفرض التاجيل متوافرة لمنع اقرار الطعن". وسبقت التوافق على التمديد الذي اعلنه نواب من الفريقين خلال اليومين الماضيين، تجاذبات طويلة حول القانون الانتخابي استمرت اشهرا من دون التوصل الى صيغة قانون يرضي الجميع. وكانت كل الاطراف السياسية، لا سيما المسيحية منها، اعلنت رفضها اجراء انتخابات على اساس القانون الانتخابي المعمول به حاليا والمعروف ب"قانون الستين" (يعود الى العام 1960). ويقول منتقدو القانون ان تقسيماته تحول دون تمثيل صحيح للبنانيين، وان اصوات الناخبين المسيحيين خصوصا تذوب في عدد كبير من الدوائر في اصوات الطوائف الاخرى، ما يمنع المسيحيين من اختيار نواب طائفتهم. وبعد الانتهاء من الاستحقاق الانتخابي، ينتظر ان تتركز الانظار على تشكيل حكومة جديدة. فمنذ تكليف النائب تمام سلام تشكيل حكومة في السادس من نيسان/ابريل، تحول الخلافات السياسية اياها دون التوصل الى تشكيلة حكومية يتوافق عليها الاطراف. واستقالت حكومة تصريف الاعمال الحالية برئاسة نجيب ميقاتي نتيجة خلافات بين اعضائها على قانون الانتخاب وعلى تعيينات امنية.