دبي (رويترز) - سجل أشهر رؤساء إيران الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني اسمه ليرشح نفسه في الانتخابات الرئاسية الإيرانية الشهر المقبل وربما تتاح له الفرصة لرسم مستقبلها. لم يملك كثيرون مثل هذا النفوذ في إيران بالعصر الحديث مثل رفسنجاني البالغ من العمر 78 عاما لكن منذ عام 2009 بدأ يواجه هو وأسرته العزلة السياسية بسبب تأييدهم لحركة المعارضة التي منيت بهزيمة أمام انتخابات رئاسية أعيد فيها انتخاب محمود أحمدي نجاد. انتصر أحمدي نجاد بفضل الدعم القوي من آية الله علي خامنئي الزعيم الإيراني الأعلى في خطوة تركت انقسامات داخل النخبة الدينية والسياسية في البلاد. بعد مرور أربع سنوات ما زال الزعيم يتعرض لضغط بسبب الانقسامات السياسية في الداخل والعقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي والتي تؤثر بشدة على الاقتصاد وربما يكون النهج العملي الذي يتبناه رفسنجاني هو بالتحديد ما تحتاجه إيران حاليا. قال شول بخش من جامعة جورج ميسون في فرجينيا "رفسنجاني قبل أي شيء هو شخص عملي.. يحل المشكلات. يبحث عن سبل لإنجاز الأمور." وأضاف بخش "أعتقد أنه كرئيس.. إذا سمح له خامنئي.. سوف يمضي سريعا في إجراء مفاوضات مباشرة مع الولاياتالمتحدة والسعي لرفع العقوبات وجعل السياسة الخارجية لإيران معتدلة بصورة كبيرة واتخاذ خطوات لتهيئة الظروف اللازمة للاستثمارات الأجنبية." يغير رفسنجاني بشكل جذري ما كان ينظر له سابقا باعتباره منافسة بين جماعات محافظة متناحرة. ربما يقضي على آمال الأصوليين الذين يدعمون بضراوة خامنئي. وربما يتمكن رفسنجاني بصورة كبيرة من الاستفادة من دعم الجماعات الإصلاحية التي تم تهميشها منذ عام 2009. وقال صادق زيبا كلام وهو أستاذ في جامعة طهران "الأصوليون سيواجهون صعوبة كبيرة بسبب رفسنجاني. سيمثل أيضا المعسكر الإصلاحي." وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري قال رفسنجاني إنه لن يخوض السباق الانتخابي دون موافقة خامنئي لقلقه من أن تؤدي تلك الخطوة إلى صراعات ونزاعات. ويقول محللون إن اتفاقا في اللحظة الأخيرة مع الزعيم الأعلى ربما يكون هو الذي فتح المجال امام تسجيله اسمه. غير انه هناك مؤشرات على أنه تم منحه الضوء الأخضر خلال العام الماضي. إذ قام رفسنجاني بدور محوري في استضافة قمة حركة عدم الانحياز في طهران في أغسطس آب الماضي ويرى البعض ذلك دليلا على وجود اتفاق وشيك. كما التقطت له صورة إلى جانب خامنئي والامين العام للأمم المتحدة بان جي مون. لكن البعض يقولون إن ترشيحه ربما يكون أضعف مما يبدو. قال بخش "ما لا نعلمه هو ما إذا كانت لديه الجرأة حتى الآن لمثل هذه المعركة في ظل كبر سنه.. وحياة الراحة التي عاشها خلال العقد الماضي.. وحب الثروة الذي أصبح متولدا لديه." لدى سماع اسم رفسنجاني فكر الكثير من الإيرانيين على الفور في الثروة الطائلة التي حققها. قبل ثماني سنوات هزم رفسنجاني في انتخابات أمام أحمدي نجاد رئيس بلدية طهران في ذلك الوقت الذي لم تكن هناك الكثير من المعلومات عنه في هزيمة عبرت عن الاستياء من رفسنجاني لكونه ضمن النخبة ولأنه يخدم مصلحته هو اولا قبل أي شيء. لكن ربما يجري تجاهل ماضيه في الوقت الحالي. وقال مرادي وهو إيراني في الستينات يبيع الستائر في طهران "قبل ثماني سنوات لم أنتخب رفسنجاني لأني كنت أعتقد أنه لا يكترث إلا بثروته.. لكني سأنتخبه الآن." وقبل كل شيء يتذكر الإيرانيون رفسنجاني باعتباره الشخص الذي أقنع آية الله روح الله الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية بقبول اتفاق سلام بعد حرب مع العراق دامت ثماني سنوات وإنقاذ إيران من الانهيار الذي كان وشيكا. وخلال عام توفي الخميني. وفي خطوة من تخطيط رفسنجاني عين مجلس الخبراء المكلف باختيار الزعيم الإيراني خامنئي ليكون الزعيم الأعلى. لكن الخصومة بين الاثنين تعود إلى 50 عاما أي قبل قيام الثورة الإيرانية وتتسم باختلاف وجهات النظر بينهما بشكل هائل. يؤمن رفسنجانبي بأن الإصلاح هو مفتاح استمرار الدولة الإسلامية في حين أن خامنئي يخشى من أن يكون إيذانا بفنائها. ويقول متابعون إن رفسنجاني ربما كان خارج الصورة طوال السنوات الأربع الماضية لكنه لم ييأس. قال محمد حسين ضيا رئيس تحرير موقع إخباري إصلاحي "رغم أن لديه صراعات (مع خامنئي) فإن رفسنجاني لن يترك السلطة. لديه روح تجعله يظل باقيا.. إنها روح أعتقد أنه الوحيد الذي يملكها." وصف رفسنجاني بأنه "من أعمدة الثورة" لكن الكثير من الإيرانيين يروق لهم سياساته العملية وتحرره الاقتصادي وعلاقاته الأفضل مع الغرب وتمكين الكيانات المنتخبة في البلاد. كما أن رفسنجاني من أشد منتقدي أحمدي نجاد. فعندما اندلعت الاحتجاجات في شوارع إيران في يونيو حزيران عام 2009 بعد انتخابات الرئاسة لم يكن تعاطفه مع أنصار المعارضة مفاجئا. وفي خطبة الجمعة في طهران قبل شهر أثار غضب المتشددين عندما أعلن أن البلاد تمر بأزمة ودعا إلى الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين وحرية الصحافة. تحرك خامنئي ضد رفسنجاني خطوة بخطوة. ففي العام الماضي تم تجريده من منصب رئيس مجلس الخبراء وهي مؤسسة حيوية في الدولة ظل يرأسها منذ عام 2007. كما مارست القيادة ضغطا على رفنسجاني من خلال اعتقال ابنته فائزة. أدينت فائزة في بث دعاية مناهضة للحكومة بعد أن أيدت المعارضة علنا عام 2009 وسجنت لمدة ستة أشهر. وفي اليوم التالي سجن مهدي ابن رفسنجاني عندما عاد إلى إيران بعد غياب ثلاث سنوات. غير أن رفسنجاني شخصية محنكة قادرة على إدارة السياسة الإيرانية من وراء الكواليس وربما تكون لديه فرصة أخيرة لإحداث تحول في النظام الذي ساعد على بنائه. وحتى في هذا الصدد سيكون التقدم بطيئا. وقال ريتشارد دالتون السفير البريطاني في إيران من 2003 إلى 2006 "ستكون هناك أهداف ذاتية أقل. سيحصل على فريق أفضل من فريق أحمدي نجاد لإدارة البلاد." ومضى يقول "الإدارة المالية ستكون أفضل لكن المشكلات الهيكلية للاقتصاد الإيراني ستظل كما هي." من ماركوس جورج