اعاد نواز شريف، رئيس الوزراء الباكستاني السابق الذي اطاح به انقلاب عسكري في 1999، بصبر بناء مسيرته السياسية في المعارضة وبات الاوفر حظا للفوز بالانتخابات العامة المقررة السبت، مستندا الى معاقل انصاره في ولاية البنجاب. ولا يتمتع الرجل الستيني الذي يرتدي دائما الزي والقميص التقلديين وسترة، بالخطابة ولا بكاريسما بعض خصومه لكنه يعول على خبرة كبيرة كسبها كرجل دولة. وقد تولى زعيم الرابطة الاسلامية، الحزب المنافس لحزب الشعب الباكستاني الذي تهيمن عليه عائلة بوتو، رئاسة الحكومة مرتين من 1990 الى1993 ومن1997 الى 1999، وبات يتطلع الان الى ان يكون اول سياسي باكستاني يتولى الحكم للمرة الثالثة. وقد اطلق نواز شريف خلال ولايته الثانية الاشغال الكبرى للطريق السريع التي تصل بيشاور (شمال غرب) قرب افغانستان بلاهور (شرق) عاصمة معقله البنجاب، وتميزت ولايته خصوصا بحيازة باكستان السلاح الذري لاول مرة في دولة اسلامية، في مكسب اضفى عليه شعبية في هذا البلد الشديد القومية. وفي خريف 1999 تدهورت علاقته بقائد الجيش الجنرال برويز مشرف، فأقال نواز شريف برويز مشرف عندما كان الاخير عائدا من زيارة رسمية في سريلانكا المجاورة. وسرعان ما اودع عسكريون موالون لمشرف نواز شريف قيد الاقامة الجبرية وسيطروا على مطار كراتشي فعاد مشرف الى البلاد منتصرا واستحوذ على السلطة عبر انقلاب لم ترق فيه قطر دم، وبعد بضعة اشهر من الاحتجاز رحل شريف الى المنفى في المملكة السعودية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2007، عاد شريف الى باكستان للمشاركة في الانتخابات التشريعية التي اغتيلت خلال حملتها خصمته المدنية بنازير بوتو، لكن حزبها حزب الشعب الباكستاني فاز عليه بفارق ضئيل بعد ان استفاد مما اثاره اغتيال بوتو من تعاطف لدى الشعب الباكستاني. غير ان حزبه الرابطة الاسلامية تولى ادارة شؤون ولاية البنجاب التي تضم اكثر من نصف دوائر البلاد الانتخابية، وفي اسلام اباد قاد نواز المعارضة الوطنية بينما كان شقيقه يمسك بزمام الامور في البنجاب. واطلق شقيقه العديد من المشاريع بما فيها انشاء شبكة حافلات عصرية وشعبية في لاهور بينما كانت الحكومة المركزية تتخبط في تدني شعبيتها التي تلاشت اثناء سنوات الحكم الخمس الاخيرة وما تخللها من اتهامات بالفساد وعجزها على التحكم في انعدام الامن والتضخم وازمة الطاقة. ويجمع نواز شريف زعيم حزب محافظ وصاحب امبراطورية صناعية صغيرة، بين رجال اعمال يثقون في حسن ادارته وطبقات شعبية تعتبره "اهلا للثقة". كذلك يثق فيه الاسلاميون بفضل خطابه المناهض للولايات المتحدة لا سيما انه اعرب عن استعداده التفاوض مع حركة طالبان الموالية لتنظيم القاعدة والتي كثفت الاعتداءات في البلاد منذ خمس سنوات احتجاجا على تحالف حكومة حزب الشعب الباكستاني مع الولاياتالمتحدة. واذا فاز نواز شريف بالانتخابات فان الولاياتالمتحدة ستكون له بالمرصاد لا سيما انها اكبر الجهات المانحة لباكستان وتعول على اسلام اباد لمكافحة طالبان بلا هوادة. كذلك سيتعين عليه توضيح علاقاته بالجيش الذي هو اقوى مؤسسة في البلاد، وما زال لا يثق فيه. ويأمل "اسد البنجاب" في ان يثأر لنفسه السبت من الجنرال مشرف الذي سيتابع الانتخابات عبر شاشة التلفزيون من منزله حيث اودع قيد الاقامة الجبرية منذ عودته من المنفى.