يساعد قرار العاهل السعودي منح العمالة الاجنبية المخالفة مهلة زمنية لتصحيح اوضاعها في تهدئة موجة الهلع في المملكة اثر قرارات وزارة العمل التي ادت الى ترحيل اكثر من مئتي الف مخالف منذ مطلع العام الحالي. وطلب الملك من وزارتي الداخلية والعمل اعطاء "فرصة للعاملين المخالفين لنظام العمل والاقامة لتصحيح اوضاعهم في مدة أقصاها ثلاثة اشهر" اعتبارا من السبت مؤكدا تطبيق النظام بمن "لم يقم بذلك". وبحسب الاحصاءات الرسمية، هناك اكثر من ثمانية ملايين وافد في المملكة لديهم اقامات فيما تشير تقارير اقتصادية الى وجود مليوني عامل غير نظامي. وبدافع تنظيم سوق العمل الذي يطغى عليه الاجانب وتشجيعا لتوظيف السعوديين، قررت الحكومة منع صاحب العمل من السماح للعامل عنده بالعمل لدى الغير فضلا عن اجراءات اخرى. واسفرت الحملة التي اشتدت وتيرتها في الاسابيع الاخيرة وتتولاها وزارتا العمل والداخلية عن تباطوء كبير في نشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذلك المدارس الاجنبية وقطاع الخدمات. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل حطاب العنزي لوكالة فرانس برس ان الوزارة "لا علاقة لها بحملات القبض على العمالة المخالفة لانظمة الاقامة". وكان بدر الملك المتحدث باسم دائرة الجوازات اكد "ترحيل اكثر من 200 الف مخالف لانظمة الاقامة خلال الاشهر الثلاثة الماضية" مشيرا الى ان "المرحلين من مختلف الجنسيات بينهم نساء واطفال ورجال". وتوعدت وزارة العمل اكثر من 340 الف مؤسسة صغيرة بعدم التهاون في تطبيق قرار عدم تجديد الرخص لغير الملتزمين ببرنامج "نطاقات" بتوظيف سعوديين اعتبارا من نيسان/ابريل الحالي. ومن الفئات الاكثر تاثرا بالقرار العمالة من اليمن والهند وباكستان وبنغلادش وفقا للمطلعين على حركة العمل. واضاف العنزي "دورنا يتقصر على التفتيش داخل المنشآت، والتحقيق في المخالفات التي يتم ضبطها قبل احالتها الى وزارة الداخلية لتطبيق العقوبات المقررة (...) ما حدث اخيرا هو تحديد هذه الصلاحيات والميادين العامة من مسؤولية وزارة الداخلية". وحول اعداد المخالفين، قال العنزي "لا تحضرني ارقام الان، لكننا نصدر نهاية كل عام احصائيات بعدد المخالفات لنظام العمل". وكان مجلس الوزراء قرر في وقت سابق "لا يجوز بغير اتباع القواعد والاجراءات النظامية المقررة ان يترك صاحب العمل عامله يعمل لدى الغير، ولا يجوز للعامل ان يعمل لدى صاحب عمل اخر، كما لا يجوز لصاحب العمل توظيف عامل غيره" من جهته، اوضح احسان بو حليقة الخبير الاقتصادي لفرانس برس ان "الحملة الحالية لا شك ستؤثر كثيرا في اصحاب المنشآت لا سيما التجزئة والخدمات". وراى ان "العمالة القادمة بتاشيرات حرة اصبحت تنافس السعوديين على الوظائف لانهم يقبلون باجور اقل وشروط افضل، كما ان هناك العديد من القضايا الامنية سواء من متسللين او ممن لا يملكون اقامة". واضاف بو حليقة "الملفت للنظر تضخم ظاهرة التاشيرات وكان لا بد من الحملة فآخر العلاج الكي (...) العام 2011 صدرت مليون و200 الف تاشيرة عمل، ومليونين العام 2012 من المستحيل ان يكون الاقتصاد السعودي بحاجة لهذا العدد او نصفه". وقد اسفرت شائعات كثيرة حول قيام لجان التفتيش بتمزيق اقامات العمالة المخالفة، عن حالة من الرعب في اوساط النساء اللاتي يكفلهن ازواجهن ويعملن في المدارس الدولية. لكن من المتوقع ان تعود امور الى طبيعتها بعد قرار الملك. وكان صاحب احدى هذه المدارس في جدة صرح ان "الدراسة توقفت تماما، لا يوجد معلمات وطلبنا من التلاميذ البقاء في منازلهم حتى اشعار اخر". واضاف ان "حالة من الرعب سيطرت على المدرسات اثر الشائعات عن تقطيع الاقامات والترحيل الفوري". ويقدر عدد الطلاب في المدارس الدولية بمدينة جدة وحدها بنحو 40 الفا. في غضون ذلك، اكدت مصادر دبلوماسية يمنية في السعودية "عدم صحة الاشاعات عن ترحيل 20 الف يمني خلال اسبوع". وقال دبلوماسي رفض ذكر اسمه لفرانس برس ان "السعودية ترحل بين 200 الى 600 يمني يوميا من جدة، وحوالى 1200 اخرين ممن لا يحملون اقامات نظامية (المتسللين)". وتبلغ تحويلات اليمنيين المالية حوالي ملياري دولار سنويا في حين تقدر تحويلات العمالة الاجنبية بمجملها بما لا يقل عن 30 مليار دولار. وبحسب وزير العمل عادل فقيه، فان عدد العاطلين عن العمل بلغ مليوني شخص 85 في المئة منهم اناث مؤكدا في الوقت ذاته ان الغالبية العظمى من العمالة الوافدة تشغل "وظائف متدنية لا تصلح للسعوديين". ورسميا، تبلغ نسبة البطالة في اول بلد مصدر للنفط في العالم 12,5 في المئة. يشار الى ان نسبة البطالة بين النساء مرتفعة جدا بحيث انها تفوق الثلاثين في المئة مع 1,7 مليون امراة يبحثن عن عمل بينهن 373 الفا من حاملات الشهادات الجامعية، وفق تقرير رسمي.