طغت خطة الانقاذ الاوروبية لقبرص والتي اعتبرتها موسكو بمثابة مصادرة لمليارات اليورو من الاموال الروسية المودعة في الجزيرة المتوسطية، على محادثات رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف ورئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو. وغداة يوم من المشاورات غير المثمرة بين وزير المالية القبرصي والمسؤولين في موسكو، باتت الازمة على جدول اعمال اجتماع يستمر يومين بين مدفيديف وباروزو وقد اعلن عنه منذ زمن. وصرح مدفيديف غاضبا عند بدء الاجتماع ان "الخطة المقترحة على قبرص تبدو اليوم بلا معنى"، منتقدا بروكسل لعدم ابلاغ روسيا بنواياها. واثارت خطة الانقاذ الاوروبية التي عرضت السبت على قبرص وتنص على فرض ضريبة استثنائية على الودائع المصرفية استنكار موسكو التي تملك 20 مليار يورو على الاقل من الودائع المصرفية في قبرص، بحسب تقديرات. واكد باروزو انه "مدرك لمصالح روسيا"، لكنه اشار الى قلقه بشأن "عواقب (الازمة) على السكان في قبرص". ورفض باروزو الانتقادات الروسية مشددا على ان بروكسل "تتشاور مع موسكو منذ فترة" حول الموضوع. واوضح ان خطة الانقاذ التي عرضت السبت كانت نتيجة تسوية تم التوصل اليها في اللحظة الاخيرة. وتابع باروزو "لم يتم تبليغ روسيا لان دول الاتحاد الاوروبي لم تتبلغ ايضا، لنكن واضحين وصريحين حول هذه المسالة". واشار الخبير فيودور ليوكانوف الى ان "روسيا غاضبة لانها وجدت نفسها امام الامر الواقع دون تحذير او مشاورة". واضاف الخبير لوكالة فرانس برس "الملفت هو انه ولو لم تكن هناك اموال روسية (في قبرص) لما كان الاتحاد الاوروبي جازف باقتراح" فرض الضريبة على الودائع المصرفية. والهدف من الضريبة هو حمل الثروات الروسية المودعة في قبرص للافادة من تسهيلاتها المالية على المساهمة في الازمة. والامر اثار غضب موسكو التي اقرضت قبرص 2,5 مليارات يورو في لعام 2011 وابدت استعدادها لتليين شروط تسديد القرض لمساعدة قبرص. ويخوض وزير المالية القبرصي ميخاليس ساريس الخميس اليوم الثاني من المباحثات في موسكو لمحاولة التوصل الى اعادة هيكلة مهلة تسديد القرض التي تنتهي حاليا في العام 2016، والحصول على خفض لمعدل الفائدة. والاربعاء التقى ساريس نظيره الروسي انطون سيلوانوف ثم النائب الاول لرئيس الوزراء ايغور شوفالوف دون التوصل الى اي نتيجة ملموسة. واعلن مدفيديف ان الوفد القبرصي "قدم سلسلة من المقترحات خصوصا حول اصول ترغب روسيا في امتلاكها". واشارت معلومات تناقلتها الصحف الى امكان شراء اصول في قطاع المصارف او الطاقة، اذ تملك قبرص احتياطيا كبيرا من الغاز الطبيعي قبالة سواحلها الجنوبية. واعتبر اليكسي ماكارخين من مركز الدراسات السياسية ان "قبرص تريد الحصول على قرض وتقدم في المقابل امتيازات في حقولها للغاز التي تطالب تركيا بها كما ان حجم الاحتياطي ليس واضحا". وتابع الخبير ان "هذه المسالة ليست جيدة لعلاقاتنا مع الاتحاد الاوروبية"، مضيفا ان روسيا عندما تم استبعادها شعرت وكانها دولة "من الدرجة الثانية". واعتبر لوكيانوف انه وفي هذه الازمة "لا احد في موقع قوة"، فالاتحاد الاوروبي مهدد بالانجراف في الازمة وروسيا يمكن ان تخسر مبالغ طائلة في حال انهيار المصارف القبرصية. وقدر حاكم المصرف المركزي القبرصي بانيكوس ديميتريادس حجم الودائع الروسية في قبرص بين 4,9 و10,2 مليار يورو. وهذا التقدير اقل بكثير من ارقام لخبراء، اذ قدرت وكالة موديز الودائع الروسية في قبرص ب31 مليار دولار (24 مليار يورو). ورفض ديمتريادس مرة اخرى ما يقال حول قبرص بان روسيا تستخدمها لتبييض الاموال، معتبرا ان العلاقات الاقتصادية بين البلدين "سليمة".