اعلنت فرنسا وبريطانيا الخميس عزمهما على تزويد المعارضة السورية بالاسلحة، سواء بموافقة الاتحاد الاوروبي ام بدونها، في خطوة دفعت بالاخير الى اعلان استعداده للبحث في هذا الملف "بلا تأخير" لا سيما بعدما ابدت المانيا استعدادها للبحث في هذه المسألة في اطار الاتحاد. وصرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في مقابلة مع اذاعة "فرانس انفو" ان فرنسا وبريطانيا تطلبان "من الاوروبيين الان رفع الحظر ليتمكن المقاومون من الدفاع عن انفسهم". واوضح مسؤولون فرنسيون رفضوا الكشف عن هويتهم ان الهدف هو تزويد المعارضة السورية خصوصا بصواريخ ارض-جو لمواجهة الهجمات الجوية التي يشنها الجيش السوري. ولاحقا اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قبيل افتتاح قمة الاتحاد الاوروبي في بروكسل انه يامل ان "يرفع الاوروبيون الحظر" على الاسلحة للمعارضة السورية. وقال هولاند للصحافيين لدى وصوله الى القمة الاوروبية التي بدأت الخميس وتستمر حتى الجمعة "نأمل ان يرفع الاوروبيون الحظر (...) نحن على استعداد لدعم المعارضة وبالتالي نحن على استعداد للذهاب الى هذا الحد. يجب ان نتحمل مسؤولياتنا". واوضح ان على فرنسا ان "تقنع شركاءها الاوروبيين اولا"، في حين ان الموضوع السوري غير مطروح رسميا على جدول اعمال القمة المخصصة اساسا "لتحريك" نمو الاقتصاد الاوروبي. ورفع الحظر المفروض على شحن الاسلحة الى سوريا موضع خلافات قوية بين الدول السبع والعشرين الاعضاء في الاتحاد الاوروبي والتي ذلك ان بعضها حذر من مغبة عسكرة متزايدة للنزاع على حساب البحث عن حل سياسي له. واكد هولاند "نعتقد ان العملية السياسية الانتقالية يجب ان تكون الحل لسوريا" لكن "لا يمكننا ترك شعب يقتل بيد نظام لا يريد في الوقت الراهن عملية انتقالية سياسية". واشار هولاند الى ان "فرنسا تعتبر ان الاسلحة تشحن (الى سوريا) اليوم، وانما لنظام بشار (الاسد) من قبل الروس خصوصا"، موضحا ان البريطانيين يؤيدون ايضا رفع الحظر. وعقد الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اللذان يلتقيان على الموجة نفسها حول هذا الموضوع، لقاء على انفراد قبل بدء القمة رسميا. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اعلن الثلاثاء ان بلاده يمكن ان تتجاهل الحظر الذي يفرضه الاتحاد الاوروبي وتقوم بتزويد المعارضين السوريين بالاسلحة اذا كان ذلك يمكن ان يساعد في اسقاط الرئيس بشار الاسد. وتابع كاميرون "لم نتخذ بعد قرار" تسليم الاسلحة، لكن اذا قرر الاتحاد الاوروبي المنقسم اصلا حول هذه المسالة عدم تسليح المعارضين السوريين، "فليس مستبعدا ان نقوم بالامور على طريقتنا". واكد كاميرون "ما زلنا بلدا مستقلا ويمكننا اتباع سياسة خارجية مستقلة". وقال مايكل مان الناطق باسم وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين اشتون لوكالة فرانس برس "اذا كانت اي دولة تريد فتح نقاش بلا تأخير، فهذا ممكن دائما.اي دولة يمكن ان تطلب ادراج موضوع على جدول اعمال اجتماع". وذكرت اشتون ارلابعاء في كلمة امام البرلمان الاوروبي بأن ايا من الدول الاعضاء لم يطلب رسميا رفع الحظر في الاجتماع الشهري الاخير لوزراء خارجية الاتحاد الاثنين في بروكسل. واوضح الناطق باسمها ان الدول ال27 الاعضاء "اتخذت مؤخرا قرار تمديد العقوبات ثلاثة اشهر مع رفع الحظر عن المعدات غير القاتلة والمساعدة التقنية لمساعدة المعارضة وحماية المدنيين". وبذلك مدد نظام العقوبات الذي يشمل منع تسليم الاسلحة حتى الاول من حزيران/يونيو. وقدم هذا القرار على انه "حل وسط" بين الدول التي تريد مساعدة المعارضية على محاربة نظام الاسد والذين يخشون مزيدا من عسكرة النزاع. ويفترض ان يتخذ قرار رفع الحظر باجماع الدول ال27. لكن يكفي في غياب تفاهم الا يتم تجديد نظام العقوبات مما سيسمح لكل دولة باتباع سياستها الخاصة. وتدرس عدة خيارات منذ اسابيع "لتصحيح" الحظر وخصوصا عبر اضافة استثناءات تسمح بتسليم شحنات الى افراد او كيانات محددة مثل الجيش السوري الحر، كما قال مصدر اوروبي. كما طرحت امكانية اخرى هي تعديل الحظر لربط تسليم معدات قاتلة ب"حماية المدنيين". لكن بعض المسؤولين يحذرون من خطر انتشار الاسلحة، مشيرين الى ما حدث خلال العملية العسكرية الدولية في ليبيا. فقد صرح وزير الخارجية البلجيكي ديدييه رينديرز مؤخرا ان الهدف ليس "محاربة الجهاديين في مالي لتلسيم الاسلحة الى الجهاديين في سوريا". اما وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن فقد رأى ان "الاسلحة ليس هي ما ينقص في سوريا". لكن المانيا التي كانت من الدول المتحفظة على رفع الحظر عن الاسلحة، اعلنت الخميس انها "مستعدة لان تناقش (المسألة) فورا في اطار الاتحاد الاوروبي". وقالت وزارة الخارجية الالمانية في بيان "عدلنا العقوبات الاوروبية على سوريا قبل اسبوعين (...) اذا كان شركاء اساسيون في الاتحاد يرون ان الوضع بات مختلفا ويتطلب تغييرا جديدا في العقوبات فنحن مستعدون بالتأكيد للتحدث فورا في اطر الاتحاد الاوروبي". ومن المقرر ان يعقد الاجتماع المقبل للاتحاد الاوروبي لبحث الحظر على تصدير الاسلحة الى سوريا في اواخر ايار/مايو. الا ان فابيوس اعلن الخميس ان باريس ولندن ستطلبان ان يعقد الاجتماع في اقرب وقت. وقال فابيوس "علينا العمل بسرعة (...) وسنطلب مع بريطانيا ان يتم تقديم موعد الاجتماع" بدون ان يستبعد عقده قبل نهاية اذار/مارس الحالي. وقال فابيوس على ان فرنسا "دولة ذات سيادة"، وذلك ردا على سؤال حول القرارات التي يتم اتخاذها بالاجماع داخل الاتحاد الاوروبي. ورفض فابيوس انتقادات موسكو حليفة دمشق حول مسالة تزويد المعارضة السورية بالاسلحة. وكانت موسكو اعتبرت ان ذلك يشكل "انتهاكات للقوانين الدولية". وتابع فابيوس "لا يمكن السكوت عن الخلل الحالي في التوازن بين ايران وروسيا اللتين تزودان نظام الاسد بالاسلحة من جهة، والمقاومين الذين لا يمكنهم الدفاع عن انفسهم من جهة اخرى". واضاف الوزير الفرنسي "لا يمكننا التذرع بهذا الجانب القانوني او ذاك لنقول +من الممكن تزويد الاسد بالاسلحة لكن من غير الممكن ان نسمح للمقاومين بالدفاع عن انفسهم+". واكد ان تسليم الاسلحة "ليس معناه اننا تخلينا عن الحل السياسي"، لان "رفع الحظر هو احدى الوسائل الوحيدة المتبقية لتحريك الوضع سياسيا". وقد دانت دمشق قرار فرنسا وبريطانيا مؤكدة انه يمثل "انتهاكا صارخا" للقانون الدولي، بينما اعتبره الائتلاف الوطني السوري المعارض "خطوة في الاتجاه الصحيح". وادى النزاع في سوريا بحسب الاممالمتحدة الى سقوط اكثر من 70 الف قتيل منذ اندلاعه في 15 اذار/مارس 2011.