القاهرة (رويترز) - قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم السبت إن حاجة مصر إلى عودة اقتصادها للوقوف على قدميه أمر بالغ الأهمية وملح وإنه يتعين على الحكومة التوصل لاتفاق بشأن قرض مع صندوق النقد الدولي. وتراجعت احتياطيات مصر من العملات الأجنبية إلى ما يزيد قليلا على ثلث مستوياتها قبل ثورة عام 2011 وفقدت عملتها أكثر من ثمانية بالمئة مقابل الدولار منذ نهاية العام الماضي. وقال كيري لمديري شركات مصريين وأمريكيين في القاهرة "إنه لأمر بالغ الأهمية وضروري وملح أن يشتد عود الاقتصاد المصري وأن يعود للوقوف على قدميه." وأضاف "من الواضح لنا أنه يجب التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وأننا يجب أن نمنح السوق تلك الثقة." وكانت مصر قالت يوم الخميس إنها ستدعو فريقا من صندوق النقد الدولي لاستئناف محادثات قرض بقيمة 4.8 مليار دولار الذي اتفق عليه من حيث المبدأ في نوفمبر تشرين الثاني الماضي لكن تقرر تجميده بناء على طلب من القاهرة في خضم أعمال عنف في الشهر التالي. ولا تزال مصر أكبر الدول العربية سكانا منقسمة بشدة بعد عامين من الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك مع تعهد كثير من أحزاب المعارضة بمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقرر أن تجرى على أربع مراحل بين أبريل نيسان ويونيو حزيران هذا العام. ونظرا لأنه من المحتمل أن يتضمن الاتفاق مع صندوق النقد إجراءات مؤلمة دعا كيري للتوصل إلى توافق على كيفية معالجة المشكلات. وقال بعد اجتماعه مع وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو "نرى أنه من المهم في لحظة التحدي الاقتصادي الخطير هذه أن يتوحد الشعب المصري... حول الاختيارات الاقتصادية وأن يتوصل إلى أرضية مشتركة." وأوضح عمرو أن مصر تتوقع من واشنطن المساعدة في تحقيق استقرار الاقتصاد. وقال "نتوقع من الولاياتالمتحده كصديق وحليف وكصديق استراتيجي بوجه خاص أنها ستقف إلى جانب مصر فى هذه المرحلة التى نمر بها وخاصة فى المواضيع الاقتصادية." وقال كيري إن واشنطن تريد دعم العملية الديمقراطية. وتابع "لسنا هنا كي نتدخل وإنما لنستمع... لسنا هنا كي نطلب من أحد أن يقدم على هذا التحرك أو ذاك مع أن لدينا وجهة نظر وبالتأكيد سأعلنها. لكن ما ندعمه هو الديمقراطية والشعب والأمة المصرية." وقال كيري إنه سيجري محادثات مع مرسي يوم الأحد بشأن أشياء يمكن للولايات المتحدة أن تقدمها لمصر من بينها مساعدة الاقتصاد المصري ودعم الشركات الخاصة وزيادة الصادرات المصرية للولايات المتحدة. لكنه أضاف أن واشنطن تريد معرفة ما إذا كانت "مصر ستتخذ القرارات الاقتصادية الأساسية الصائبة فيما يتعلق بصندوق النقد الدولي." والعلامات على الأزمة الاقتصادية كثيرة. فالواردات من القمح اللازمة لإطعام سكان يتزايدون بسرعة وصل عددهم إلى 84 مليونا تتراجع بشدة إلى الآن هذا العام رغم تصريح الحكومة بأنها تعطي الأولوية في تخصيص الدولارات لمستوردي الغذاء. كذلك أعلنت الحكومة في وقت سابق زيادة بنسبة 50 في المئة في سعر زيت الوقود المدعوم للمستهلكين باستثناء الصناعات ذات الأولوية ومن بينها إنتاج الغذاء والكهرباء. وقلص البنك المركزي كمية الدولارات التي تطرح من خلال البنوك التجارية مما أجبر كثيرا من الشركات على التحول إلى السوق السوداء للعملات. وكان مسؤول أمريكي كبير قال في وقت سابق يوم السبت إن كيري سيشدد على أهمية تحقيق توافق سياسي في مصر بشأن إصلاحات اقتصادية مؤلمة لكن ضرورية للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي. وترى الولاياتالمتحدة ضرورة أن تزيد مصر حصيلة الضرائب وأن تخفض دعم الطاقة وهي إجراءات من المرجح ألا تحظى بتأييد شعبي إذا أجبرت حكومة الإخوان المسلمين التي يقودها مرسي على اتخاذها. وأبدى وزير الاستثمار أسامة صالح أمله في إمكانية إبرام اتفاق بنهاية ابريل نيسان. وقد جمدت الحكومة المصرية قرار زيادة الضرائب لكن من المرجح أن يواجه الرئيس محمد مرسي احتجاجات شديدة نظرا لأن خفض الدعم الذي يطالب به صندوق النقد سيرفع تكاليف المعيشة في بلد ينتشر فيه الفقر. وتلتهم مخصصات دعم الطاقة نحو 20 بالمئة من ميزانية الحكومة مما يزيد من العجز الذي من المتوقع أن يرتفع إلى 12.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الحالية. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن مجموعة من المتظاهرين المعارضين لمرسي أشعلت النار في صور لكيري أمام وزارة الخارجية. وكانت مجموعة صغيرة من المحتجين المعارضين نظمت في وقت سابق مسيرة من ميدان التحرير مركز انتفاضة عام 2011 إلى وزارة الخارجية للاحتجاج على الزيارة. وحمل بعض المتظاهرين رسوما كارتونية تصور كيري بلحية ويقول بعضها إن كيري عضو في جماعة الإخوان المسلمين. وحمل آخرون لافتات تعلن الرفض لزيارة كيري وصورا تضع على وجه مرسي ملامح ميزت الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر. والمظاهرة أمام وزارة الخارجية مظاهرة سلمية. لكن مصادر أمنية قالت إن شبانا اشتبكوا يوم السبت مع الشرطة في مدينة المنصورة بدلتا النيل حيث قتل متظاهر وأصيب عشرات آخرون بجراح مساء الجمعة. وفي مدينة بورسعيد في شمال شرق مصر أشعل محتجون النار في مركز للشرطة. يأتي تجدد الاشتباكات في المنصورة وبورسعيد مع بدء أول زيارة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري لمصر يوم السبت لتعطي أمثلة لاندلاع متكرر للاضطرابات التي تواجهها الحكومة لكن لا توجد صلة بين زيارة كيري وتجدد الاشتباكات. وإصلاح الشرطة ووزارة الداخلية وهو مطلب رئيسي للانتفاضة التي أطاحت بمبارك في فبراير شباط عام 2011 . والآمال في التوصل إلى توافق سياسي بين الإسلاميين وأحزاب المعارضة تبدو ضئيلة. فقد أعلنت أحزاب ليبرالية ويسارية معارضة مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقررة بين ابريل ويونيو حزيران اعتراضا على دستور أفرزته جمعية هيمن عليها الإسلاميون وبعض الخلافات الأخرى. وقال كيري إنه لم يأت إلى مصر لدعم أي حزب سياسي أو أي شخص بعينه وإنما جاء لإظهار التزام الولاياتالمتحدة بالديمقراطية وحقوق الإنسان. وقال "نرى أنه من المهم للغاية أن يتوحد الشعب المصري حول تلك القيم وأن يتوحد أيضا لمواجهة التحدي الاقتصادي (في) هذه اللحظة المحددة." واجتمع كيري مع زعماء من المعارضة يوم السبت لكن شخصيات بارزة من المعارضة لم تشارك في المحادثات من بينهم حمدين صباحي الذي رفض حضور الاجتماع. لكن كيري عقد اجتماعا منفصلا مع الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي خسر الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة التي أجريت العام الماضي. وجاء صباحي في الترتيب الثالث في هذه الانتخابات. وتحدث كيري تليفونيا مع المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الذي يتزعم حزبا سياسيا آخر. (إعداد أشرف راضي للنشرة العربية - تحرير محمد عبد العال)