لقي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند السبت استقبال الفاتحين في تمكبتو وباماكو حيث اوضح ان فرنسا لم "تنه مهمتها بعد" في مالي معتبرا ان المجموعات الارهابية التي كانت تسيطر على شمال البلاد لم تهزم بعد. وعلى وقع هتاف "تحيا فرنسا" وقرع الطبول التي كان الاسلاميون حظروا استخدامها، لقي الرئيس الفرنسي استقبالا شعبيا حارا خلال زيارة اليوم الواحد لمالي. الا انه وبعد ثلاثة اسابيع على بدء التدخل الفرنسي في مالي لمنع المجموعات الاسلامية من التقدم من الشمال باتجاه العاصمة باماكو، تجنب نشوة النصر وشدد على انه "تم صد الارهابيين" الا انهم "لم يهزموا بعد". وندد هولاند في ب"الهمجية" التي فرضها المقاتلون الاسلاميون الذين احتلوا لاشهر مدينة تمبكتو في شمال مالي قبل ان يحررها الجنود الفرنسيون والماليون. وهتف الاف من سكان تمبكتو احتشدوا في الساحة الرئيسية للمدينة "تحيا فرنسا، يحيا هولاند"، ووصفوا الرئيس الفرنسي ب"المحرر". وتصافح هولاند والرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري قبل ان يرفعا علامة النصر على وقع التصفيق. وقال خلال زيارته برفقة امام مسجد تمبكتو الكبير موقعي ضريحين دمرهما الاسلاميون "كانت هناك فعلا نية فعلية للتدمير. لم يبق شيء". واضافة الى مسجد جينغاريبر ابرز اماكن العبادة في المدينة، زار هولاند وتراوري مركزا لحفظ المخطوطات الثمينة تعرض بعضها للحرق بايدي الاسلاميين. وغادر الرئيس الفرنسي الذي رافقه وزراء الخارجية لوران فابيوس والدفاع جان ايف لودريان والتنمية باسكال كانفان اضافة الى المديرة العامة لليونيسكو ايرينا بوكوفا، تمبكتو ظهرا متوجها الى باماكو. وارتكب تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وجماعة انصار الدين اللذان احتلا تمبكتو عشرة اشهر عددا كبيرا من التعديات باسم تطبيق الشريعة بشكل متشدد فعمدوا الى بتر الاطراف وجلد الازواج "غير الشرعيين" والمدخنين. وفرضوا على النساء الحجاب ومنعوا الاختلاط في المدارس وكرة القدم والرقص والموسيقى. وفي باماكو اعلن هولاند في ساحة الاستقلال وهو يقف الى جانب الرئيس المالي وسط تصفيق وهتاف الحشود "تم صد الارهاب وطرده" الا انه "لم يهزم بعد". واضاف "سنقاتل جنبا الى جنب، ماليين وفرنسيين وافارقة لانني انا لا انسى انه عندما هوجمت فرنسا، من هب لنجدتها؟ انها افريقيا ومالي. شكرا شكرا! اننا ندفع اليوم الدين المتوجب علينا لديكم". وكان يشير في كلامه الى مشاركة جنود افارقة في المعارك خلال الحربين العالميتين في صفوف الجيش الفرنسي. وتابع هولاند "الا ان القتال لم ينته بعد والمجموعات الارهابية اصيبت بالضعف ومنيت بخسائر جسيمة الا انها لم تختف". واضاف الرئيس الفرنسي "ما الذي سنفعله؟ سنواصل وسنمضي قدما وستبقى فرنسا معكم طالما لزم الامر، اي الوقت اللازم لكي يتمكن الافارقة عبر القوة الدولية من الحلول مكاننا، وحتى ذلك الوقت سنبقى الى جانبكم حتى النهاية وحتى شمال مالي". وبعد ان اشارت منظمات غير حكومية الى حصول تجاوزات بحق اشخاص متهمين بدعم الاسلاميين دعا هولاند الى احترام حقوق الانسان. وقال "لا يمكن اصلاح ظلم بارتكاب ظلم آخر. عليكم ان تكونوا مثاليين لان المجتمع الدولي بكامله يراقبكم" مضيفا "نعلم ان علينا ان نعاقب المجرمين والارهابيين، الا ان علينا ان نقوم بذلك ضمن احترام حقوق الانسان، وهي الحقوق نفسها التي انتهكها الارهابيون". من جهته، تعهد الرئيس المالي عدم حصول "اي تجاوز، اي تصفية حساب، اي عمل انتقامي" بعد استعادة السيطرة على شمال البلاد الذي كان يحتله المقاتلون الاسلاميون. وقال تراوري "في اجواء الحرية المستعادة، لا تنجروا ابدا الى الانتقام، اعلم بانني استطيع ان اعول عليكم لعدم حصول اي تجاوز، اي تصفية حساب". وانهى هولاند كلمته مشيدا بعلاقات الصداقة بين فرنسا ومالي. وقال "فرنسا معكم، فرنسا تقف الى جانبكم، فرنسا فخورة بكم، وانا اريد ان اقول لكم انني بلا شك اعيش اهم يوم في حياتي السياسية، لانه دائما في لحظة معينة لا بد من اتخاذ قرار، وهو قرار خطير لان حياة رجال ونساء مرتبطة به". وكان هولاند استبعد قبل ذلك في تصريح صحافي "اي خطر لانزلاق" القوات الفرنسية في مالي. وقال "الانسحاب مقرر، ولا يوجد اي خطر للانزلاق لاننا نحظى بدعم السكان، ولان الافارقة موجودون هنا، ولان الاوروبيين موجودون، ولان المجتمع الدولي موحد في مواقفه" من مالي. واضاف "كلي ثقة بقدرات جنودنا، وثقتي كبيرة بالجيش المالي الذي اعاد تنظيم صفوفه، وبتنامي مسؤوليات القوة الدولية في مالي، كما ان ثقتي كبيرة بالسلطات السياسية في مالي للقيام بعملية مصالحة واجراء انتخابات، كما ان ثقتي كبيرة ايضا بالشعب المالي". من جهة اخرى، قال هولاند ان "الوقت حان لتحرير الرهائن" مضيفا ان القوات الفرنسية في مالي باتت "قريبة جدا" من الرهائن الفرنسيين المحتجزين في هذا البلد على ايدي مجموعات اسلامية. واضاف "لن اقول اكثر من ذلك لانني لا اريد باي شكل من الاشكال ان اعرض حياة رهائننا للخطر". وكان اسلاميون خطفوا في النيجر ومالي العامين 2011 و2012 سبعة فرنسيين وهددوا بقتلهم في حال حصول تدخل عسكري فرنسي. وبدأ التدخل الفرنسي في مالي 11 كانون الثاني/يناير غداة هجوم شنته في اتجاه جنوب مالي المجموعات الاسلامية المسلحة المرتبطة بالقاعدة التي كانت تحتل الشمال منذ عشرة اشهر. وتسارعت الاحداث في نهاية الاسبوع الماضي مع استعادة غاو وتمبكتو ووصول جنود فرنسيين الى مطار مدينة كيدال التي كان يسيطر عليها متمردون طوارق واسلاميون منشقون يؤكدون انهم "معتدلون". والوضع اكثر تعقيدا في كيدال التي تبعد 1500 كلم شمال شرق مدينة باماكو التي احتلها فترة طويلة انصار الدين وانتقلت قبل وصول الجنود الفرنسيين الى سيطرة حركة ازواد الاسلامية (منشقة عن انصار الدين) والحركة الوطنية لتحرير ازواد (تمرد طوارق). وكيدال ومنطقتها التي تضم سلسلة جبال ايفوقاس قرب الحدود الجزائرية هما مهد الطوارق المطالبين بالاستقلال والمكان "المحتمل" الذي يعتقل فيه سبعة رهائن فرنسيين، كما تقول باريس. وهي ايضا الملجأ الاخير للمقاتلين الاسلاميين المطرودين من مدن الشمال. في ميونيخ، هنأ نائب الرئيس الاميركي جو بايدن السبت فرنسا بتدخلها في مالي. وصرح في اليوم الثاني من المؤتمر الدولي حول الامن "اهنىء فرنسا وشركاءها على الانجازات في مالي". من جهته، اعلن وزير الدفاع الالماني توماس دي ميزيير ان الجيش الالماني يعتزم ارسال 40 مدربا الى مالي قريبا في اطار البعثة الاوروبية للتدريب والاستشارة. في نواكشوط، افادت مصادر متطابقة ان نحو تسعة الاف لاجىء مالي وصلوا في اسبوع واحد الى موريتانيا هربا من العمليات العسكرية في شمال مالي ووسطها.