رام الله (رويترز) - قد يحد ميل الكفة الانتخابية باتجاه الوسط من حرية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في رسم السياسة تجاه إيرانوالفلسطينيين لكن قلة في الشرق الاوسط تتوقع تراجعا ملحوظا عن النهج المتشدد لرئيس الوزراء. وكلفت الانتخابات التي اجريت يوم الثلاثاء كتلة نتنياهو ربع مقاعدها البرلمانية لكنها لا تزال تمنحه وحلفاءه التقليديين في اليمين ميزة على منافسيه من اليسار. وعلى عكس التوقعات بصعود المتشددين دينيا جاء حزب وسطي جديد في المركز الثاني مما دفع رئيس الوزراء الى التعهد بتشكيل ائتلاف موسع. لكن رغم مطالبة الوسط نتنياهو باستئناف المحادثات مع الفلسطينيين والتركيز على علاج المشاكل الداخلية بدلا من التهديد بمهاجمة برنامج ايران النووي لا يرى سوى القليل من جيران اسرائيل فرصة كبيرة لأن يغير نتنياهو خطابه. وقال رامي خوري من الجامعة الأمريكية في بيروت "لا يوجد أي حزب وسطي او من يمين الوسط يمكنه ان يغير بصورة جوهرية الموقف التفاوضي مع الفلسطينيين... لذلك لا ارى أي فرصة لتحقيق انفراجة." واتفق معه مايكل ستيفنز من المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والامنية في الدوحة وقال إن النتيجة "لا تقرب دولة اسرائيل لأي نوع من الحكومة العملية التي يمكن ان تعمل معها الدول العربية." واضاف "توجد اثقال اكثر مما ينبغي وقليل من حسن النية تجاه نتنياهو بما يمنع تحرك البندول تجاه رؤية مواتية لاسرائيل بدرجة اكبر في أي وقت قريب." ووفقا للنتائج الاولية فقد ذهب اكبر عدد من المقاعد لتكتل ليكود-اسرائيل بيتنا بقيادة نتنياهو والذي يدعم توسيع المستوطنات في الضفة الغربية. وحصل حزب البيت اليهودي الذي دعا زعيمه نفتالي بينيت صراحة لضم اراضي الضفة الغربية على مقاعد على حساب حزب ليكود. لكن المفاجأة بذهاب المركز الثاني الى الحزب الوسطي الجديد بقيادة المذيع التلفزيوني السابق يئير لابيد تشكل ضغطا على نتنياهو للدخول في ائتلاف اوسع والاستجابة لدعواته بخصوص محادثات السلام. لكن في رام الله بالضفة الغربية القاعدة الادارية للسلطة الفلسطينية عجزت النتائج عن اثارة الاعجاب. وقال صائب عريقات كبير مفاوضي السلام الفلسطينيين لرويترز "بغض النظر عن طبيعة الائتلاف الاسرائيلي أو نسيج السياسة في اسرائيل ومن دخل المنصب او خرج منه.. فمتطلبات السلام لن تتغير." واضاف "لاحياء محادثات السلام يجب على اسرائيل وقف الاستيطان والافراج عن المعتقلين وانهاء الاحتلال والانسحاب وراء حدود عام 1967 والعيش جنبا الى جنب مع دولة فلسطين." وكان سامر الرنتيسي وهو مهندس محلي متشائما بنفس الدرجة وقال "ما علاقة انتخابات اليهود بنا؟ لقد فقدنا الأمل في ان تسفر هذه الانتخابات عن تغييرات." "نحن نأمل في السلام ولكنه ما زال يبدو بعيدا." ويبدو ان هذا الرأي -الذي يشترك فيه كثير من الاسرائيليين رغم ميلهم لالقاء اللوم على الفلسطينيين في حالة الجمود - يحظى بصدى في انحاء الشرق الاوسط.. وقال مراد الحمادي (22 عاما) الذي يدير محلا للبقالة في العاصمة اليمنية صنعاء "فوز نتنياهو لن يساعد في حل المشكلة بين العرب واسرائيل.". ووافقه في الرأي ليث جاسم وهو صاحب محل للهاتف المحمول في العاصمة العراقية بغداد والذي قال "لا يهم من يفوز في الانتخابات الإسرائيلية فأي شخص يصل للسلطة سيكون ضدنا." وتحتل إسرائيل الضفة الغربيةوالقدسالشرقية منذ حرب عام 1967. وسمحت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سواء يسارية او يمينية بتوسع المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة منذ ذلك الحين. واشار الفلسطينيون الى التوسع المستمر كسبب لانهيار محادثات السلام المباشرة مع إسرائيل عام 2010. وتقول إسرائيل إن اطلاق الصواريخ من قطاع غزة الذي تديره حركة حماس والخلاف بين حماس والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أديا إلى تقويض العلاقات. وندد مسؤولون أوروبيون بشكل خاص بالتوسع المزمع للمستوطنات الاسرائيلية في القدسالشرقية في أعقاب نجاح المساعي الفلسطينية للاعتراف بفلسطين كدولة مراقبة غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 نوفمبر تشرين الثاني. وتجاهل نتنياهو تراجع حزبه الانتخابي وتعهد على الفور بمنع إيران من الحصول على اسلحة نووية. وينظر الرجل لبرنامج طهران النووي على انه تهديد لوجود إسرائيل. وتنفي إيران اي طموح لصنع أو امتلاك اسلحة نووية وتقول ان انشطتها النووية لاغراض مدنية بحتة وان إسرائيل التي يعتقد انها تمتلك اسلحة نووية تشكل تهديدا للسلم. وبلغ عمق الارتياب الفلسطيني تجاه نتنياهو ان كثيرا من المسؤولين يشكون في قدرة أي حكومة يقودها على احداث تغيير. وقال محمد شتيا وهو حليف كبير للرئيس الفلسطيني محمود عباس "اذا كان نتنياهو يريد التعامل مع المجتمع الدولي -وهو ما اشك فيه- فربما يدخل في ائتلاف مع حزب العمل او لابيد." لكنه اضاف قائلا "لا نرى انه (نتنياهو) شريك في عملية السلام." (شارك في التغطية مكاتب لرويترز في الشرق الاوسط - إعداد محمود رضا مراد للنشرة العربية - تحرير عماد عمر)