بعد اختبار قوة استمر شهرين اتخذت الحكومة التركية الثلاثاء بادرة في اطار سعيها لوقف موجة الاضرابات عن الطعام التي ينفذها مئات المعتقلين الاكراد من خلال طرح مشروع قانون يجيز لهم الدفاع عن انفسهم بلغتهم الام امام المحاكم. وقدم حزب العدالة والتنمية الحاكم كما سبق ووعد الى البرلمان مشروع قانون يستجيب لما يطالب به الاكراد منذ زمن طويل، فيما دخلت حركة الاضراب يومها الثالث والستين لتبدأ مرحلة دقيقة بالنسبة لحالة المضربين الصحية. ويجيز مشروع القانون "للمعتقل، اذا رغب في ذلك، استخدام لغة اخرى (غير التركية) للدفاع عن نفسه ضد اي تهم توجه اليه في المحكمة". كما ينص على السماح للسجناء بتلقي زيارات خاصة من زوجاتهم، وهو ما لا يسمح لهم به حتى الان. لكن هذه البادرة من قبل السلطات على الرغم من اهميتها لن تؤدي على ما يبدو الى انهاء حركة الاضراب عن الطعام التي بدأت في 12 ايلول/سبتمبر الماضي ويتابعها الان حوالى سبعمئة سجين معتقلين بتهمة ارتباطهم بالانفصاليين في حزب العمال الكردستاني الذي يخوض نزاعا مسلحا مع انقرة منذ 1984. وقال مصدر برلماني لوكالة فرانس برس ان مشروع القانون الذي طرح الثلاثاء لن تتم مناقشته في جلسة موسعة الا بعد تعليق الاضراب. واعتبر سري سوريا اوندر احد نواب حزب السلام والديمقراطية الموالي للاكراد الذين بدأوا اضرابا عن الطعام الاسبوع الماضي تضامنا معهم، المبادرة الحكومية غير كافية وناشد السلطات ان تعمد على الفور الى تخفيف شروط اعتقال الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان. وفضلا عن القيود المتعلقة باستخدام اللغة التركية امام المحاكم ورفع القيود عن التعليم بالكردية في تركيا، فان مصير الزعيم الكردي القضائي يأتي في صلب مطالب الناشطين الاكراد. وهم يطالبون بانهاء العزلة المفروضة على اوجلان المسجون منذ 1999 في جزيرة ايمرالي (شمال غرب) منذ الحكم عليه بالاعدام ثم تخفيف الحكم الى السجن المؤبد، وان يتمكن مجددا من مقابلة محاميه الذين لم يتمكنوا من زيارته مطلقا منذ عام ونصف. والاسبوع الماضي صرح رئيس حزب السلام والديمقراطية صلاح الدين دميرتاش لوكالة فرانس برس ان استعادة حق الزيارة وحده قد يسمح ب"انهاء" حركة الاضراب. لكن في خصوص هذه النقطة يبدو رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان متصلبا ورفض بشكل قاطع الثلاثاء الخضوع لما سماه "استعراض" المضربين عن الطعام. وقال امام نواب حزبه "ان حكومتنا لن ترضخ للابتزاز"، مضيفا "فليواصلوا اضرابهم نحن لن نرضخ". واذا كان اردوغان استخدم حتى الان النهج الحازم، فان البعض في حكومته ابدى بعض الارتباك حيال موجة الاضراب عن الطعام وتبعاتها على سمعة تركيا في الخارج. وقد دعا الرئيس عبدالله غول اكثر من مرة المعتقلين الى انهاء اضرابهم عن الطعام. ومنذ تسلمها السلطة في 2002 منحت حكومة العدالة والتنمية الاسلامية المحافظة مزيدا من الحقوق الثقافية واللغوية للاكراد. وتأتي حركة الاحتجاج في السجون، الاولى التي تواجهها، في وقت تكثفت فيه المعارك بين الجيش وحزب العمال الكردستاني في جنوب شرق البلاد. ويعتبر بعض المضربين عن الطعام ان العد العكسي قد بدأ. وقال رئيس الجمعية التركية لحقوق الانسان اوزترك تركدوغان الثلاثاء "ان وفيات قد تحصل في اي لحظة. في كل الاحوال فان البعض تجاوز عتبة اللاعودة بالنسبة للعواقب".