طالبت روسيا الثلاثاء الدول الغربية ودول الشرق الاوسط "بعدم البحث عن ذريعة" للقيام بتدخل عسكري في سوريا، فيما واصلت القوات السورية هجماتها على عدد من البلدات في انحاء متفرقة من البلاد. ياتي ذلك غداة قيام ايران بتوجيه تحذير ضمني لحليفتها سوريا من مغبة استخدام الاسلحة الكيميائية اثناء عملياتها. وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف في مقابلة مع وكالة انترفاكس الثلاثاء "خلال اتصالاتنا مع شركائنا في حلف الاطلسي وفي المنطقة (...) ندعوهم الى عدم البحث عن ذريعة لتطبيق سيناريو يشمل القوة او اطلاق مبادرات تتعلق بممرات انسانية او مناطق عازلة" في سوريا. وبحثت دول عربية وفي مقدمها قطر الاسبوع الماضي في الاممالمتحدة اطر تدخل عسكري "عربي" محتمل في سوريا. الا ان الامين العام لحلف شمال الاطلسي انديرس فوغ راسموسن اكد الاثنين ان حلف الاطلسي لا ينوي التدخل في سوريا. وقد نددت روسيا، الحليفة التقليدية لدمشق، على الدوام بسياسة "التدخل" الغربية في الشؤون السورية الداخلية ومنعت حتى الان صدور اي قرار عن مجلس الامن الدولي يمهد الطريق امام اجراءات ملزمة تفرض على النظام السوري. واستخدمت موسكو، مع الصين، حق النقض ثلاث مرات لوقف مشاريع قرارات في هذا الصدد. وكثرت التكهنات في الاونة الاخيرة حول تدخل في سوريا لا سيما بسبب المعلومات التي اشارت الى ان الحكومة السورية نقلت اسلحة كيميائية الى مواقع اكثر امنا. وفي هذا الصدد، وجهت ايران تحذيرا ضمنيا لحليفتها سوريا من ان اي استخدام للاسلحة الكيميائية سيؤدي الى خسارة الحكومة السورية مشروعيتها بالكامل. وردا على سؤال بشان احتمال استخدام دمشق اسلحة كيميائية ورد فعل طهران على مثل هذه الخطوة، اجاب وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي انه "اذا ما تحققت هذه الفرضية (...) سيكون ذلك نهاية كل شيء". واضاف "اذا ما قام اي بلد، بما في ذلك ايران، باستخدام اسلحة دمار شامل، ستكون نهاية صلاحية، شرعية (...) هذه الحكومة". وشدد صالحي خلال مشاركته في حلقة حوار نظمها مجلس العلاقات الخارجية الاميركي للدراسات على ان "اسلحة الدمار الشامل، كما سبق وقلنا، ضد الانسانية، انه امر لا يمكن القبول به بتاتا". وذكر صالحي بان القوات الايرانية كانت ضحية هجمات باسلحة كيميائية من جانب القوات العراقية خلال الحرب بين البلدين (1980-1988). وحذر عدد من المسؤولين الغربيين دمشق من محاولة استخدام ترسانتها من الاسلحة الكيميائية ضد المعارضة او من خطر وصول هذه الاسلحة الى مجموعات متشددة. واقرت دمشق للمرة الاولى نهاية تموز/يوليو بامتلاكها اسلحة كيميائية وهددت باستخدامها في حال حصول تدخل عسكري غربي لكن ليس ضد شعبها. ووصفت واشنطن حينها هذا الاحتمال بانه "خط احمر". وميدانيا، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان في بيانات متلاحقة تلقت وكالة فرانس برس نسخا منها عن قيام القوات النظامية السورية بقصف عدد من البلدات السورية وبخاصة تللك الواقعة في ريف العاصمة. واشارت صحيفة البعث الناطقة باسم الحزب الحاكم الى قرب انتهاء العمليات الامنية في "كامل" ريف دمشق. وافادت الصحيفة الثلاثاء عن مواصلة القوات السورية "لمهمتها الميدانية في ملاحقة المرتزقة في مختلف المناطق موقعة خسائر فادحة في صفوفهم (...) وخاصة في بساتين حرستا ما يشير الى قرب انتهاء العمليات الأمنية في كامل ريف دمشق". ونقلت صحيفة الوطن المقربة من السلطة عن مصادر من السكان ان "دوما شهدت أعنف حملة منذ بدء الأزمة في البلاد"، معتبرة ذلك "مؤشرا على تصميم الجيش على القضاء على المسلحين فيها". وفي حلب، العاصمة الاقتصادية للبلاد، "دارت اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة في اطراف حيي العرقوب وسليمان الحلبي كما تتعرض احياء الشيخ خضر والصاخور والشيخ فارس للقصف من قبل القوات النظامية السورية"، بحسب المرصد. واشارت الوطن الى وصول "تعزيزات جديدة لمؤازرة الجيش في حلب، ما يعني أنه عازم على تطهير ما تبقى من أحياء المدينة من المسلحين وخصوصا الشرقية منها في أسرع وقت ممكن". كما تعرضت عدة مدن في محافظة حمص (وسط) وريف درعا وادلب ودير الزور للقصف من قبل القوات النظامية. وبحسب حصيلة اولية للمرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له ويعتمد على شبكة كبيرة من النشطاء والاطباء في عدد من المناطق السورية، فقد لقى 51 شخصا حتفهم الثلاثاء بينهم 22 مدنيا نتيجة اعمال العنف في عدد من المدن السورية. الى ذلك قتل مسلح كردي سوري واصيب آخران الثلاثاء برصاص اطلقه الجنود الاتراك عبر الحدود بين البلدين في اول حادث من نوعه منذ اندلاع النزاع في سوريا قبل 18 شهرا، كما افاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن فرانس برس. واكدت السلطات التركية اطلاق الجيش التركي النار نحو الاراضي السورية ما ادى الى سقوط ضحايا لكنها اوضحت ان القتيلين الكرديين ينتميان الى حزب العمال الكردستاني وانهما كانا يحاولان الدخول الى تركيا. وافادت اجهزة محافظ ماردين في بيان "قتل ارهابيان الثلاثاء عند الساعة 03,00 (00,00 تغ) عندما ردت قوات امننا على النار على الحدود في منطقة شنيورت (جنوب شرق) حيث حاولت مجموعة من الارهابيين الانفصاليين التسلل من الاراضي السورية وفتحت النار على وحداتنا". وتابع البيان "تم التأكد من اصابة ارهابي بجروح". وتستخدم السلطات التركية عبارة "ارهابيين انفصاليين" للحديث عن عناصر حزب العمال الكردستاني المسلح. ودعا غاتيلوف دمشقوانقرة الى "ضبط النفس" بعد هذه الحادثة. وقال "نعتبر انه على السلطات السورية والتركية ابداء اقصى درجات ضبط النفس في هذا الوضع عبر الاخذ بالاعتبار ارتفاع عدد المتطرفين في صفوف المعارضة السورية الذين يمكن ان يتسببوا بنزاعات عبر الحدود". واتهمت انقرةدمشق في الماضي بتسليم حزب الاتحاد الديموقراطي مناطق عدة في شمال سوريا معتبرة ان ذلك "موجه ضدها". ولفت عبد الرحمن الى ان المقاتلين الاكراد الثلاثة ينتمون الى تنظيم كردي مسلح معارض لنظام الرئيس بشار الاسد الا انه في الوقت نفسه لا يؤيد المعارضة المسلحة، وكانوا يقومون بدورية على الحدود في محافظة الحسكة (شمال شرق) حين اصيبوا برصاص القوات التركية. وعلى صعيد اخر، امرت السلطات العراقية للمرة الاولى الثلاثاء طائرة شحن ايرانية كانت تقوم برحلة بين دمشقوطهران بالهبوط لتفتيشها في مطار بغداد قبل ان تسمح لها باكمال رحلتها، بحسب ما افاد مسؤولون عراقيون. وقال رئيس سلطة الطيران المدني ناصر بندر لوكالة فرانس برس "طلبنا من طائرة شحن ايرانية الهبوط واستجابت، وقد تم تفتيشها من قبل مختصين في الشحن الجوي والجهات الامنية". واضاف "لم نشاهد اي شيء يخالف تعليمات حظر نقل الاسلحة بين الجانبين السوري والايراني وبالتالي قمنا بالسماح لها باستكمال رحلتها". ومطلع ايلول/سبتمبر، طلبت الولاياتالمتحدة من العراق ارغام الطائرات الايرانية المتجهة الى سوريا والعابرة في المجال الجوي العراقي على الهبوط واخضاعها للتفتيش خشية ان تكون محملة بالاسلحة المتجهة الى النظام السوري. وفي الاردن، استخدمت قوات الامن ليل الاثنين الثلاثاء الغازات المسيلة للدموع لفض تحرك احتجاجي تحول الى اعمال شغب اوقعت اصابات في صفوف اللاجئين السوريين ورجال الأمن في مخيم مخيم الزعتري (85 كم شمال عمان) الذي تم افتتاحه في نهاية تموز/يوليو الماضي ويأوي نحو 34 الف لاجىء سوري، كما افادت مصادر وكالة فرانس برس.