التقى وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي اليوم الاربعاء في دمشق الرئيس السوري بشار الاسد، في وقت تستمر فيه اعمال العنف على وتيرتها المتصاعدة في مناطق مختلفة من البلاد، مستدعية مزيدا من حملات التنديد من منظمات مدافعة عن حقوق الانسان. وقال صالحي لدى وصوله الى مطار دمشق ان الهدف من زيارته "التشاور على كافة المستويات السياسية بخصوص" المشكلة السورية، معربا عن امله في "ان تتم ادارة هذه المشكلة في اقرب فرصة". واضاف، بحسب الترجمة العربية الرسمية المباشرة لتصريحاته، ان الحل "يكون فقط في سوريا وداخل الاسرة السورية، وكذلك بالمشاركة والتنسيق مع كافة المؤسسات الدولية والاقليمية". وكانت ايران اقترحت في الاجتماع الوزاري ل"مجموعة الاتصال" المؤلفة من ايران وتركيا ومصر والسعودية الذي عقد الاثنين في القاهرة وغابت عنه السعودية، ارسال مراقبين من الدول الاربع للمساعدة في وقف العنف جراء النزاع المستمر منذ اكثر من 18 شهرا في سوريا. وقال صالحي الذي التقى ايضا نظيره السوري وليد المعلم "كان من المقرر ان تشارك السعودية (في الاجتماع)، لكن لبعض الاسباب لم تستطع ان تشارك. نتمنى مشاركتها في الاجتماعات القادمة". وتعتبر ايران من ابرز حلفاء النظام السوري في المنطقة، في حين تدعم مصر والسعودية وتركيا المعارضة السورية. وسحبت الاممالمتحدة الشهر الماضي بعثة المراقبين الدوليين التي انتشرت لمدة اربعة اشهر في سوريا في محاولة لارساء وقف لاطلاق النار اعلن في نيسان/ابريل من دون ان تنجح في ذلك. على الارض، تستمر الاشتباكات وعمليات القصف في عدد من احياء مدينة حلب في شمال سوريا حيث ينفذ المقاتلون المعارضون هجمات متكررة على مراكز تابعة للقوات النظامية، بحسب مصدر عسكري. وقتل 32 شخصا الاربعاء في اعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وافاد مراسل لوكالة فرانس برس في حلب نقلا عن مصدر عسكري ان مسلحين شنوا مساء الثلاثاء هجوما في منطقة ميسلون (شرق) على نقاط تمركز للجيش السوري، "قامت مجموعة من وحدات الجيش تؤازرها مروحية عسكرية بصده، وقد استمر لأكثر من ثلاث ساعات". وقال المصدر ان مقر المخابرات الجوية وكتيبة المدفعية في منطقة الزهراء (غرب) تعرض "لهجوم من مسلحين فشلوا في الاقتراب منه"، مشيرا الى "محاولات متكررة وشبه يومية للسيطرة عليه". واشار مراسل فرانس برس الى ان الحياة في منطقة الميدان (وسط حلب) التي اعلن الجيش السوري السيطرة عليها قبل يومين لم تعد الى طبيعتها بعد، مشيرا الى استمرار انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات الخليوية عن بعض اجزائها، فيما "لا تزال بعض شوارعها وحاراتها الفرعية تتعرض للقنص". ونقل عن احد سكان حي صلاح الدين (جنوب) انه دخل المنطقة لتفقد منزله، فلاحظ "عودة للمظاهر المسلحة في عدد من الشوارع الفرعية القريبة من مدرسة الشرعية وجامع صلاح الدين المقابل لها"، وذلك رغم اعلان القوات النظامية قبل ايام السيطرة الكاملة على الحي الذي شهد معارك ضارية منذ بدء معركة حلب في العشرين من تموز/يوليو. وفي دمشق، "اعلن مقاتلون من الكتائب الثائرة المقاتلة الانسحاب من احياء الحجر الاسود والقدم والعسالي" في جنوبالمدينة بعد معارك عنيفة مع القوات النظامية استمرت اياما عدة. واعلنت "الهيئة العامة للثورة السورية" في بيان صدر ليلا الأحياء الجنوبية لمدينة دمشق، وهي حي القدم والعسالي والحجر الأسود ومخيم اليرموك والتضامن، "مناطق منكوبة". واشارت الهيئة الى مقتل اكثر من مئتي شخص منذ بدء شهر ايلول/يوليو في هذه الاحياء. ونقلت صحيفة "الوطن" السورية القريبة من السلطات الاربعاء عن مصدر سوري مسؤول ان "دمشق آمنة ولن يسمح لأحد بتدنيس أرضها"، مشيرا الى ان "الجيش والقوات الأمنية حسمت الأمر في أغلبية المناطق في ضواحي العاصمة التي حاول الارهابيون دخولها والاحتماء بسكانها". كما اشارت الى ان وحدات الجيش واصلت "عملياتها لتطهير أحياء ومناطق" مدينة حلب من المسلحين، "وخصوصا المدارس التي يتخذونها مقرات قيادة وتجمعات لهم ومستودعات لأسلحتهم وذخيرتهم". على صعيد آخر، ذكرت وسائل اعلام تركية ان المقاتلين المعارضين الذين يسيطرون على ثلاثة معابر حدودية سورية مع تركيا، تمكنوا خلال الساعات الماضية من السيطرة على معبر تل الابيض في محافظة الرقة (شمال). وكان المرصد افاد الثلاثاء عن اشتباكات عنيفة في هذه المنطقة. وادت اعمال العنف الثلاثاء الى مقتل 173 شخصا في مناطق مختلفة من سوريا، بحسب المرصد. واتهمت منظمة العفو الدولية الاربعاء القوات السورية بشن "هجمات عنيفة دون تمييز"، ما يترك "عواقب كارثية على المدنيين". وكانت منظمة "هيومان رايتس ووتش" طالبت الاثنين مجلس الامن الدولي باحالة الجرائم التي ترتكبها كل الاطراف في سوريا الى المحكمة الجنائية الدولية. واوصى رئيس لجنة التحقيق التابعة للامم المتحدة باولو بينيرو الاثنين مجلس حقوق الانسان باتخاذ +الاجراءات المناسبة+ نظرا "لخطورة الانتهاكات والتجاوزات والجرائم التي ترتكبها القوات الحكومية والشبيحة ومجموعات معادية للحكومة" في سوريا. في تركيا، اعلن المسؤول السابق في ادارة الاسلحة الكيميائية في سوريا اللواء عدنان سيلو في مقابلة نشرتها صحيفة "ذي تايمز" البريطانية الاربعاء ان هناك "مناقشات جدية حول استخدام الاسلحة الكيميائية" في سوريا "شملت كيفية استخدامها والمناطق التي ستستخدم فيها"، مبديا ثقته بان نظام بشار الاسد يمكن ان يستخدم في نهاية المطاف هذه الاسلحة.