تناولت الصحف البريطانية الصادرة صباح الاثنين عددا من القضايا العربية والشرق أوسطية من بينها تطورات الأوضاع في سوريا عقب وقوع مجزرة داريا بدمشق، والمحاولات المصرية لتوسيع دورها الإقليمي من خلال التوصل لتسوية للأزمة في سوريا، وننتهي بإلقاء الضوء على حكم قضائي مرتقب من محكمة إسرائيلية في قضية مقتل الناشطة الأمريكية راتشيل كوري في غزة عام 2003. في صحيفة الاندبندنت يواصل روبرت فيسك سلسلة تحقيقاته وتحليلاته للأوضاع في سوريا، حيث تحدث عن المجزرة الأخيرة في داريا ومحاولات الجيش السوري التبرء منها ومن مرتكبيها. يقول فيسك في مقال رأي بالصحيفة الجيش السوري يود بأن يظهر بريئا تماما، وهو ليس كذلك إن الجيوش حينما تذهب للحروب فإنها تتحالف مع أبشع الميليشات والمسلحين والقتلة ومحترفي القتل الجماعي، وهؤلاء يراهم فيسك أنهم في الغالب جماعات اقتصاص تسيء لأصحاب الزي العسكري، حتى يضطر الجنرالات وكبار الضباط إلى تغيير سلوكهم وتاريخهم. ويرى فيسك أن الجيش السوري على سبيل المثال يقتل المدنيين لكنه يزعم حرصه على تفادي ايقاع أضرار جانبية . ويشير في هذا الصدد إلى أن الإسرائيليين يقولون الشيء ذاته والبريطانيين والأمريكيين والفرنسيين. ويضيف بأنه حينما تقوم جماعة متمردة، سواء ما يعرف بالجيش السوري الحر أو السلفيين، بإقامة مواقع لهم في المدن والبلدات السورية، فإن قوات الحكومة تطلق النار عليهم وتقتل مدنيين ويعبر آلاف اللاجئين الحدود، ويطلقون اللعنات لبشار الأسد وهم يفرون من منازلهم، بحسب شبكة سي ان ان الأمريكية. يرى فيسك أن الجيش السوري، سواء اعترف أم لم يعترف، فهو يتعاون مع الشبيحة القتلة، وهم جماعة معظمها من العلويين قتلت مئات المدنيين السنة. ولكنه بالرغم من ذلك يعتبر الكاتب الشهير أن محاولات التنصل من هؤلاء الشبيحة قد بدأت بالفعل، مشيرا إلى تأكيدات الجيش السوري بأنه يقاتل بناء على طلب الشعب للدفاع عن بلده، وليس للشبيحة أي صلة بالأمر. ويؤكد في المقابل أنه يوما ما ستعلن أسماء جنود سوريين مسؤولين عن مثل هذه الجرائم، مؤكدا أنه سيكون من المستحيل على الجيش السوري شطب الشبيحة من تاريخ حربه ضد الإرهابيين، من الجماعات المسلحة ، والجيش السوري الحر والقاعدة. ويعتبر في نهاية المقال أن هذه المحاولات للتنصل من هؤلاء هي بمثابة لعبة قذرة . من جانبها، تحدثت صحيفة الديلي تليغراف في تقرير لمراسلها في اسطنبول داميان ماكلروي عن خطة تقودها بريطانيا والولاياتالمتحدة لتدريب ناشطين من المعارضة السورية لتشكيل بديل فاعل لنظام الرئيس بشار الأسد. يقول التقرير إن هناك شبكة سرية من ناشطي المعارضة السورية يتلقون تدريبات وإمدادات لمعدات حيوية في إطار هذا الجهد الأمريكي البريطاني المشترك. ويضيف بأن عشرات المعارضين تم نقلهم خارج سوريا ليتم فحصهم واختيار الانسب منهم للحصول على دعم دولي، ويمنح هؤلاء معدات اتصال تعمل عبر الأقمار الاصطناعية وأجهزة كمبيوتر حتى يتسنى لهم أن يكونوا بمثابة مركز محلي يربط الناشطين المحليين بالعالم الخارجي. وتشير الصحيفة إلى أن هؤلاء المعارضين يتلقون التدريب في منطقة باسطنبول تضم العديد من الوحدات السكنية الفاخرة. وتنقل الصحيفة عن مستشار بريطاني يشرف على هذا البرنامج قوله إننا لا نعمل على تتويج ملك في سوريا، بريطانيا والولاياتالمتحدة تتحركان بحرص للمساعدة في تحسين إمكانات المعارضة. ماذا سيحدث لاحقا؟ ومن سيسيطر على الأرض في أنحاء سوريا، نريد أن نمنح المدنيين مهارات لترسيخ القيادة . ويخضع هؤلاء الناشطون، بحسب الصحيفة، إلى عملية فحص تستغرق يومين لضمان ألا يصبح البرنامج وسيلة للترويج لأجندات طائفية أو صعود لمتشددين يتبنون نهج القاعدة. وتقول الصحيفة إن هذا البرنامج يشرف عليه مكتب دعم المعارضة السورية في وزارة الخارجية الأمريكية ومسؤولون في وزارة الخارجية البريطانية، وخصصت الولاياتالمتحدة 25 مليون دولار للمعارضين السياسيين لنظام الرئيس بشار الأسد بينما منحت بريطانيا خمسة ملايين جنيه استرليني من أجل المساعدة في جهد إطاحة النظام. وترى الصحيفة أنه نظرا لأن القيام بغزو عسكري في سوريا أمر غير محتمل، فإن الدبلوماسيين اضطروا للجوء إلى أفكار خلاقة جديدة. وتقول الصحيفة إنه ومع دخول تمويل أمريكي لخطة أوسع بكثير، فإن الحاجة لتفادي أخطاء حربي العراق وأفغانستان كانت الدافع وراء هذه الخطة. وقال المستشار البريطاني إنها ليست العراق أو أفغانستان، هناك كميات كبيرة من الأموال يتم ضخها في هذه القضية دون محاسبة . تتحدث الفاينانشال تايمز عن مساعي الرئيس المصري الجديد محمد مرسي لإعادة رسم أولويات الأمن القومي لبلاده من خلال توسيع العلاقات الدبلوماسية لتشمل دولا كانت تتجاهلها أو تعزف عنها مصر قبل ثورة يناير العام الماضي. وتشير الصحيفة في تقرير لمراسلها في القاهرة بورزو داراغاهي إلى أن مصر كانت، وعلى مدى عقود، تقف بقوة ضمن المعسكر الأمريكي، حليفتها الرئيسة ومصدر تسليح جيشها، لكن عشية زيارتين مثيرتين للجدل للرئيس المصري لكل من إيران والصين، وكلاهما منافستان للولايات المتحدة، قال المتحدث باسم الرئيس المصري إن مصر ما بعد الثورة لن تكون ضمن أية محاور. نقلت الصحيفة عن ياسر علي المتحدث باسم الرئيس المصري قوله إن الدور الإقليمي لمصر تراجع بشدة خلال السنوات الماضية، وإن مصر تعتزم الانفتاح على باقي دول العالم. وقال إن مصر ستسعى الى استعادة المكانة الدبلوماسية التي فقدتها خلال حكم الرئيس السابق مبارك الذي استمر ثلاثين عاما. وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى الزيارة المقرر أن يقوم بها مسؤولون اقتصاديون أمريكيون بقيادة المسؤول في وزارة الخارجية روبرت هورماتس إلى مصر الاثنين، في الوقت الذي من المقرر أن تبدأ فيه مصر أوائل الشهر المقبل محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بفائدة منخفضة تصل قيمته إلى 4.8 مليار دولار. وعن المساعي المصرية الدبلوماسية الجديدة على المستوى الإقليمي، يشير كاتب المقال إلى الاقتراح المصري بضم إيران بجانب تركيا والسعودية في جهد دبلوماسي تقوده مصر لإنهاء الحرب الأهلية المتفاقمة في سوريا، فيما اعتبره الكاتب أنه يتعارض مع المساعي الغربية والإسرائيلية لعزل طهران دوليا بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية قوله في هذا الصدد إن إيران، وهي حليفة رئيسة للنظام السوري، ستكون جزءا من الحل، وليس جزءا من المشكلة . ننتقل إلى صحيفة الغارديان التي افردت مقالا يتحدث عن اقتراب صدور حكم من محكمة إسرائيلية في قضية مقتل الناشطة الأمريكية راتشيل كوري خلال مشاركتها في احتجاجات في غزة عام 2003. وكانت الناشطة الأمريكية الشابة لقيت حتفها خلال محاولتها منع جرافة تابعة للجيش الإسرائيلي من هدم منزل فلسطيني في مخيم رفح لللاجئين بالقرب من الحدود بين غزة ومصر. وهدمت عشرات المنازل بالفعل، وكانت كوري واحدة من بين متطوعين أمريكيين وبريطانيين يشكلون دروعا بشرية للدفاع عن بعض العائلات الفلسطينية. وكانت مسألة ما إذا كان سائق الجرافة شاهد بالفعل الشابة التي كانت ترتدي سترة برتقالية وتعمد مواصلة الحركة باتجاهها ودهسها العنصر الرئيس في المعركة القضائية لعائلة كوري المستمرة منذ نحو عقد من الزمن للمطالبة بمحاسبة المقصرين وتحقيق العدالة. وتقول الصحيفة إن من المتوقع أن يصل هذا الجهد القضائي ذروته الثلاثاء حينما تصدر محكمة إسرائيلية حكمها في قضية مدنية رفعتها العائلة ضد دولة إسرائيل. وأشارت الصحيفة إلى تحقيق الجيش الإسرائيلي الذي توصل بالفعل إلى أن قواته لا تتحمل المسؤولية عن مقتل راتشيل وإن سائق الجرافة لم ير الناشطة. ولم يتم توجيه تهم في تحقيق الجيش الذي أغلق القضية. لكن روايات شهود عيان كانوا موجودين في رفح عقب مقتل كوري في 16 مارس/آذار عام 2003، تشير إلى أنه لا يوجد شك في مقتل الناشطة البريطانية بالجرافة الإسرائيلية، وتلقي الصحيفة الضوء على تصريح لشاهد عيان بريطاني يدعى توم ديل يقول فيه إن الجرافة توجهت ناحيتها ببطء، لقد كانت في مدى الرؤية بالكامل، أمامهم مباشرة . وكان مقتل راتشل أثار ضجة كبيرة وتداعيات دبلوماسية خطيرة حول العالم.