لندن (رويترز) - تسعى إيران التي افزعتها الازمة التي تواجه الرئيس السوري بشار الاسد لدعمه والتصدي لما تعتقد انها حملة من جانب دول سنية متحالفة مع الغرب والولاياتالمتحدة لتحجيم قوتها في الشرق الاوسط. وبدا أن مؤتمرا عقد على عجل في طهران يوم الخميس يجيء كمحاولة من جانب الجمهورية الإسلامية لتكوين تحالف من دول صديقة تعارض الدعم الغربي والعربي للمعارضة السورية العازمة على انهاء حكم عائلة الأسد المستمر منذ أربعة عقود. والآن تخشى طهران التي تحققت لها مكاسب جيواستراتيجية في العقد المنصرم بفضل قضاء الولاياتالمتحدة على خصمين رئيسيين هما الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وطالبان في افغانستان ان يتأرجح بندول النفوذ الاقليمي إلى الاتجاه المعاكس. وسيكون لنجاح الانتفاضة التي يقودها السنة في سوريا عواقب وخيمة على الحكام الشيعة في طهران و"محور المقاومة" الذي يفخر بمعارضته للولايات المتحدة وإسرائيل. وفقد المحور أحد اركانه وهي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وهي جماعة سنية فلسطينية انقلبت على الاسد قبل أشهر لقمعه الدموى لمعارضيه ومن بينهم جماعة الاخوان المسلمين. وسقوط الأسد سيضعف عنصرا مهما في المحور هو جماعة حزب الله اللبنانية التي تمدها سوريا بالسلاح والدعم وطريق للوصول للسلاح القادم من إيران وهي الراعي الرئيسي للجماعة الشيعية. كما سيعقد غياب الاسد الامور لجارة سوريا الشرقية العراق وتخشى حكومته الصديقة لإيران والتي يقودها الشيعة ان تتولى قيادة سنية السلطة في دمشق حيث تهيمن على الحكم الاقلية العلوية ذات الجذور الشيعية التي ينتمي اليها الأسد. ويبقي السؤال عن المدى الذي قد تذهب إليه إيران لدعم الأسد بلا إجابة لكنه محل نقاش علني احيانا في طهران. وقال دبلوماسي في طهران "ثمة آراء عقلانية في مواجهة آراء متشددة ولكنها إيران. من الصعب التحلي بمزيد من المرونة والمطالبة بالتغيير." ويقول ساسة وعسكريون متشددون في موقع السلطة إن سوريا وقفت إلى جانب إيران وقت الشدة وكانت الدولة العربية الوحيدة التي ساندتها في حربها مع العراق في الفترة من عام 1980 إلى عام 1988 وهي تدين لها بالولاء الآن. ويرون ان الصراع في سوريا امتداد لصراع السلطة الطائفي بين إيران وغريمتها في المنطقة السعودية فضلا عن الحملة التي تقودها الولاياتالمتحدة لكبح طموحاتها النووية من خلال فرض عقوبات واللجوء الى القوة العسكرية إذا لزم الأمر. وقال محمد مارندي من جامعة طهران "لا تقبل إيران ان الامر يتعلق بانفتاح سوريا على الديمقراطية. ليس للامر علاقة بالديمقراطية على الإطلاق." وقالت إيران انها حظيت بدعم في مؤتمر يوم الخميس لدعوتها لوقف العنف في سوريا واجراء حوار بين الأسد ومعارضيه بشأن برنامجه "الإصلاحي". وقال وزير الخارجية على أكبر صالحي ان التدخل الخارجي يفاقم الازمة. وأضاف "سيكون من الخطأ الظن بأن استمرار الضغط والخطوات غير الحكيمة سيؤدي في النهاية إلى انهيار القيادة السورية." وفي الاسابيع الاخيرة عرض مسؤولون إيرانيون استضافة محادثات بين الحكومة السورية والمعارضة الا ان خصوم الأسد لم يلتفتوا الى مثل هذا الحوار مع رجل يريدون الاطاحة به ناهيك عن تنظيم ايران لمثل هذه المحادثات. وقد تسعى إيران لدور دبلوماسي عقب اخفاق خطة سلام كوفي عنان التي تدعمها الأممالمتحدة وكانت فرص نجاحها تبدو معدومة منذ البداية - وربما كان يدرك واضعوها ذلك - بما ان سياسة إيران تعتمد على بقاء الأسد. وقال انتوني سكينر من مابلكروفت لاستشارات المخاطر "تحاول إيران التحكم في دفة الأمور وإعادة توجيه عملية سياسية فاشلة رغم ان هذه المساعي ستبوء بالفشل على الارجح. "تحاول طهران موازنة الضغط من حلفاء للمعارضة المسلحة وغير المسلحة في سوريا. ربما يتضح ايضا نفاد ما في جعبة ايران من افكار بشأن ما ينبغي عمله." وفي مقال راي في صحيفة واشنطن بوست عشية اجتماع طهران طرح صالحي إيران "كجزء من الحل وليس المشكلة" كما تقول الولاياتالمتحدة. وكتب "كما راي العالم خلال العقد المنصرم فقد عملنا كقوة استقرار في العراق وافغانستان وهما دولتان اسلاميتان عانيتا من اضطرابات" مشيرا إلى التدخل العسكري الذي قادته الولاياتالمتحدة في البلدين. وقال الصالحي ان السوريين هم من يقررون مصيرهم من خلال انتخابات الرئاسة المقبلة التي اعلن عنها الأسد. وقاومت طهران أي انتقال تفاوضي للسلطة يقضي يتنحي الأسد وفقد شريك ساعد إيران على استعراض عضلاتها في لبنان وفي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وفي الأسبوع الماضي زار المبعوث الإيراني سعيد جليلي دمشق لاجراء محادثات مع الأسد وأعلن ان بلاده لن تسمح "بتقويض محور المقاومة - الذي تعتبر سوريا عنصرا ضروريا فيه - باي شكل من الاشكال." ويشارك الرئيس محمود احمدي نجاد في اجتماع استثنائي لمنظمة التعاون الاسلامي الاسبوع المقبل من المقرر ان يركز على الازمة السورية وسترغب إيران في منع اي مسعى لتعليق عضوية سوريا في المنظمة ومقرها جدة. وادانت ايران مرارا تركيا وقطر والسعودية لمساندتها المعارضة السورية ولكنها اضطرت لطلب مساعدتها للافراج عن 48 ايرانيا اختطفتهم المعارضة الاسبوع الماضي. واتهمت المعارضة السورية المخطوفين بانهم من الحرس الثوري الايراني وجاءوا لسوريا لمساعدة قوات الاسد على سحق المعارضة. واعترف صالحي بان عددا منهم من الحرس الثوري او الجنود المتقاعدين ولكنه أضاف أنهم جاءوا في زيارة لمزارات شيعية وليس للقتال. وقال سكينر إن القلق على المخطوفين ربما يكون السبب وراء النشاط السياسي الإيراني. وأضاف "اذا كانوا من الحرس الثوري في الخدمة فان مبادرات إيران الدبلوماسية ربما ترتبط باحتجاز الرهائن بسب حساسية المعلومات التي لديهم." وفقد سوريا سيكون ضربة مدمرة لإيران ولكن طول فترة عدم الاستقرار بعد رحيل الاسد قد تتيح فرصا لدولة بارعة في السعي لتحقيق مصالحها في منطقة لا تخلو من الصراعات كما اتضح في العراق وافغانستان وأماكن اخرى. وقالت دينا اسفندياري محللة الابحاث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن "رحيل الاسد لا يزال بعيد المنال ولكن حتى حين يذهب ستسود الفوضى لفترة. إيران تنجح في مثل هذه الاجواء." من ماركوس جورج