الدوحة - توقعت نشرة اقتصادية رسمية أن يواصل الاقتصاد القطري أداءه القوي خلال السنوات المقبلة على الرغم من تقلص النمو في الناتج المحلي جراء تراجع نسب نمو القطاع الهيدروكربوني والذي كان يشكل محفزاً قوياً لنمو الناتج المحلي خلال السنوات الماضية. وتوقعت نشرة الآفاق الاقتصادية في قطر 2012 - 2013 التي أصدرتها الأمانة العامة للتخطيط التنموي مؤخراً، أن يبلغ النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي 6.2 بالمئة، خلال العام الجاري و4.5 بالمئة، العام المقبل. مشيرة إلى أن تواصل النمو خلال السنوات المقبلة سيبقى مدعوماً بالنمو في القطاعات غير الهيدركربونية خصوصاً الصناعات التحويلية والبتروكيماوية وقطاع البناء. وأوضحت النشرة أن القطاع غير النفطي (جميع الأنشطة عدا مشتقات النفط والغاز)، سيقود عجلة النمو في الاقتصاد القطري بمعدل 9.2 بالمئة، خلال العام الجاري وسط توقعات أن ينمو نشاط التصنيع (ومعظمه صناعة تحويلية لمنتجات الهيدركربون) بنسبة 10 بالمئة. في حين ينمو قطاع البناء على وجه الخصوص بمعدل 10 بالمئة، في غضون السنتين المقبلتين مدعوماً بشبكة من الاستثمارات في البنية التحتية. ورغم توقعات النشرة بتقلص نمو الناتج المحلي القطري سواء الحقيقي أو الاسمي خلال العامين 2012 و2013. إلا أنها رصدت في الوقت ذاته عدة مؤشرات تعكس قوة أداء الاقتصاد بشكل عام لعل أبرزها استمرار تحقيقه لفائض في الحساب الجاري لميزان المدفوعات عند معدل ثنائي الرقم. وبحسب بيانات النشرة، فمن المتوقع أن يبلغ الفائض الخارجي لميزان مدفوعات دولة قطر نحو 19.9 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي العام 2012، في حين تنخفض هذه النسبة قليلاً في العام 2013 لتصل إلى 16.6 بالمئة. وأفادت بأن ما يعزز فرص النمو في قطر هو التوقعات باستمرار أسعار النفط المرتفعة التي ستدعم قوة المدفوعات الخارجية والموازنة خلال هاتين السنتين على الرغم من الزيادات الكبيرة في الإنفاق الجاري والاستثماري الذي تخطط له الدولة. وأشارت البيانات إلى أن قطر ستواصل تحقيق فائض كبير في الموازنة العامة العام 2012 على رغم الزيادات الضخمة التي قررتها في النفقات الجارية على الرواتب والمعاشات التقاعدية إلى جانب النفقات الاستثمارية، وتوقعت أن يبلغ الفائض 7.8 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للعام 2012. في حين تصل نسبة الفائض في العام 2013 نحو 4.8 بالمئة، نظراً لثبات الدخل المتأتي من قطاع الهيدروكربون واستمرار نمو الإنفاق. وتشهد الموازنة العامة للسنة المالية 2012 - 2013 زيادة بنسبة 28 بالمئة، في الإنفاق مقارنة بتقديرات موازنة 2011 - 2012، ويشكل الإنفاق على المشاريع الاستثمارية الرئيسة نحو 25 بالمئة، من الإنفاق الإجمالي بزيادة قدرة 30 بالمئة، عن النفقات الفعلية في السنة المالية الماضية. وبحسب النشرة، تخطط قطر لإقامة استثمارات في البنية التحتية بين العامين 2012 و2018 بقيمة تصل إلى 150 مليار دولار، لافتة إلى توقعات بأن تنفق الحكومة خلال العامين 2012 و2013 نحو 10 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي على البنية التحتية ومخصصات المشاريع أي ما يصل إلى 35 مليار دولار. وتحول الاقتصاد القطري من الاعتماد في نموه على قطاع الهيدركربون، إلى القطاعات غير النفطية، يعكس مظهراً آخر لقوة أداء الاقتصاد. فرغم أن هذا الأمر قد تسبب في تقلص نسب نمو الناتج المحلي إلا أنه على الجانب الآخر يعني أن الاقتصاد القطري ستتنوع إيراداته وعدم اعتماده على قطاع بعينه وهو ما يمكنه من مواجهة التغيرات على الساحة الاقتصادية الدولية على نحو أفضل. وفي هذا السياق قال الدكتور صالح النابت الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية (قنا). إن من أبرز مظاهر قوة أداء الاقتصاد القطري - على الرغم من توقع تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي والفعلي خلال السنتين المقبلتين - هو التحسن في عدد من المجالات خصوصاً الجهود المتنوعة لرفع أداء القطاع الخاص. إضافة إلى النمو السريع للصادرات غير النفطية مع أنها مازالت محدودة. وأضاف النابت أن نشرة الآفاق الاقتصادية المستقبلية لقطر العام 2012 - 2013 تشير إلى أن القطاعات غير النفطية هي التي ستقود نمو الناتج المحلي الإجمالي بالدولة. ومن أبرز القطاعات التي تضطلع بدور كبير في تحقيق هذا النمو، هي قطاع الإنشاءات خصوصاً مع بدء تنفيذ مشاريع البنية التحتية. وتوقع استمرار التوسع بالقطاعات الأخرى بما في ذلك الخدمات ومعالجة الهيدروكربون في قطاع الصناعة التحويلية. وأفاد النابت في تصريحات صحفية مؤخراً بأن قطر تطمح للتنويع الاقتصادي، حيث إن اعتماد الاقتصاد على العوائد النفطية سينخفض تدريجياً في المستقبل لكي يتحول إلى اقتصاد مبني على المعرفة والتكنولوجيا والأنشطة ذات التكثيف الرأسمالي. كما توقع عدم وجود تأثيرات سلبية لتقلص نمو الناتج المحلي على خطط الإنفاق أو قضايا مثل التوظيف أو الخطط التنموية نظراً لأن الاقتصاد ينمو وإن انخفاض نسبة النمو لا يعني انخفاضاً في الأداء الاقتصادي إنما هو تراجع للنسب فقط. كبح الضغوط التضخمية خلال العامين المقبلين وتوقعت نشرة الآفاق الاقتصادية أن تظل الضغوط التضخمية مكبوحة خلال العامين 2012 - 2013، حيث تنبأت أن يشهد التضخم ارتفاعاً طفيفاً في الفترة المتبقية من العام الجاري، لكنه سيبقى ضمن الحدود الطبيعية، حيث يرجح أن تبقى مستوياته للعام 2012 من دون تغيير عن العام 2011 وهي قريبة من اثنين بالمئة. وقالت إنه في ظل احتمالات تراجع أسعار السلع واستمرار قوة الدولار الأمريكي من المتوقع أن يبقى التضخم ضمن حدوده الطبيعية العام 2013 لكنه قد يرتفع إلى 2.5 بالمئة. وفي هذا الشأن اعتبر الدكتور صالح النابت الأمين العام للأمانة العامة للتخطيط التنموي، أن السيطرة على التضخم في حدود تتراوح ما بين اثنين و2.5 بالمئة، وهي النسب التي توقعتها النشرة يعتبر أمراً إيجابياً للغاية. ورصدت النشرة أيضاً مواصلة قطاع الائتمان لنموه خلال الربع الأول من العام الجاري، حيث تسارع نموه بنسبة 35.3 بالمئة، والقروض المقدمة إلى قطاع الشركات بنسبة 80.44 بالمئة، في حين ازداد العرض النقدي (أم 2) بنسبة 21.1 بالمئة، عن السنة السابقة. وبلغ احتياطي النقد الأجنبي الرسمي 23.1 مليار دولار في نهاية أبريل الماضي. وأظهرت بيانات أولية لجهاز الإحصاء في مارس الماضي نمو الناتج المحلي الإجمالي لقطر بالأسعار الجارية بمقدار 36.3 بالمئة، خلال العام الماضي. فيما بلغ معدل النمو نحو 14 بالمئة، بالأسعار الثابتة.