يحول عبد الله كاكار الموظف بإدارة الزراعة في مدينة جلال اباد بشرق أفغانستان معظم راتبه للروبية الباكستانية كل شهر باستثناء مبلغ بسيط يسدد منه فاتورة الكهرباء ومصاريف المدرسة ورسوم هاتفه. ويدفع قيمة كل احتياجاته الاخرى بالعملة الباكستانية من الطماطم إلى ايجار منزله مثل ملايين آخرين في العديد من الاقاليم من ننكرهار في الشرق إلى زابل وقندهار في الجنوب. ومعظم هذه الاقاليم لها حدود مشتركة مع باكستان ولكن في اقاليم اخرى مثل غزنة في وسط افغانستان تنافس العملة الافغانية (الافغاني) الروبية. وفي الغرب يستخدم الريال الإيراني على نطاق واسع. وبعد عشر سنوات من سحب البنك المركزي ثلاث عملات ورقية ومعدنية مختلفة أصدرها قادة ميليشيات سابقون وإعادة اطلاق الافغاني مازالت الحكومة تجد صعوبة في فرض تداوله. ويرجع تفضيل المواطنين لاستخدام عملة أجنبية في جزء منه لغياب الثقة في العملة الافغانية وتفاقم الوضع على مر عقود من الاضطرابات رغم ان الافغاني سجل استقرارا ملحوظا مقابل العملة الامريكية. وقد يصبح هذا الاستقرار موضع شك مع انسحاب قوات قتالية أجنبية بحلول عام 2014 ورحيل القوات ومعها جزء من الدولارات واليورو المتداولة بكثره في البلاد ما قد يعرض الافغاني لضغوط نزولية. وقد ينذر ذلك بمشاكل إذا راي الموظفون المدنيون وأفراد قوت الامن القوة الشرائية لاجورهم التي تدفع باليورو تتقلص مقارنة بتكلفة الواردات بما في ذلك المواد الاساسية. وقال كاكار (32 عاما) إنه يستخدم العملة الباكستانية التي يطلق عليها "كالدار" في أفغانستان طيلة حياته وهي العملة الوحيدة التي يعرفها. وأضاف "انها العملة التي يتعامل بها الجميع. حين اقرض شخصا اقرضه بالكالدار وحين ادفع رشوة تكون بالكالدار." وحقيقة مخالفة ذلك للقانون لا تهم كاكار او اي شخص اخر مما يحبط محافظ البنك المركزي نور الله ديلاواري. وقال ديلاواري - الذي اطلق الافغاني خلال ولايته الأولى - في مقابلة مع رويترز في مكتبه في كابول "القانون يلزم الناس باستخدام العملة الافغانية في تعاملاتهم اليومية. ولكن لدينا عددا محدودا من الافراد لفرض ذلك مقارنة بعدد السكان. انها مشكلة خطيرة." واطلق البنك المركزي حملة لاقناع الناس بان عليهم احترام العملة المحلية مثلما يحترمون علم البلاد ويحيونه. وحين فشلت الحملة اصدر البنك تعليمات بتغريم أي شخص يرفض قبول العملة المحلية 100 ألف افغاني (1960 دولارا) ولكن مثلما هو الحال في كثير من الامور الاخرى فان المراسيم لا تسرى بسهولة في ارجاء البلاد التي تقاتل ضد تمرد حركة طالبان. وعلى مدار العقد المنصرم كان الافغاني أكثر استقرارا من نظرائه في الشرق والغرب وظل سعره حول 50 مقابل الدولار بينما فقدت الروبية اكثر قليلا من نصف قيمتها في هذه الفترة وانخفض الريال ايضا. وجري تداول الافغاني عند نحو 51.7 مقابل الدولار الاسبوع الماضي. ولكن مازال البعض متمسكا بالروبية التي كانت العملة الاكثر انتشارا ابان حكم طالبان في الفترة من عام 1996 إلى 2001 بينما اضحى الافغاني الاختيار الاول في مناطق عديدة في البلاد منها العاصمة. ولكن إذا لم يكن بحوزتك العملة المحلية فان جميع اصحاب المتاجر سواء من يبيعون دراجات مستخدمة او في البازارات قرب البنك المركزي يقبلون الروبية دون أن يطرف لهم جفن. وقال تاجر يبيع أحدث أجهزة صوتية يابانية والتي تأتي من باكستان بالشاحنات "دولار أو كالدار .. نقبل كل شيء." وقيمة تجارة افغانستان السنوية نحو خمسة مليارات دولار والصادرات لا تكاد تصل إلى 250 مليونا والباقي واردات وتأتي نسبة 68 بالمئة من باكستان التي ترتبط مع افغانستان باواصر ثقافية ودينية وحدود مفتوحة إلى حد كبير تمتد لمسافة 2430 كيلومترا. ويقول ديلاواري ان الحل في نهاية المطاف هو أن تنتج أفغانستان المزيد من السلع التي تستهلكها وعلى الاقل السلع الاساسية اليومية التي تقلل من الحاجة للعملة الصعبة. والسبب الرئيسي الاخر لتفضيل الافغان للروبية والريال هو القلق نتيجة عدم الاستقرار وأزمات العملة التي استنزفت مدخراتهم في السابق. وقال مسؤول اخر في البنك المركزي رفض نشر اسمه لانه غير مخول بالتحدث لوسائل الاعلام "ليست قضية اقتصادية ولكنها ذات صبغة سياسية أكثر." واضاف "مررنا باوقات كان يحدث فيها ولنقل على سبيل إن حسابك في البنك به 1000 أفغاني واثناء الليل يصدر مرسوم يطيح بثلاثة أصفار ولا يتبقى لك سوى افغاني واحد. انها مسألة نفسية تقوض الثقة." وقال مسؤولون في البنك المركزي انه ينبغي ايجاد مصادر للدخل للحفاظ على استقرار العملة. وتعلق الحكومة آمالها على إيرادات التعدين ورسوم نقل الكهرباء من آسيا الوسطى إلى باكستان والهند. وقال ديلاواري "الوسيلة المثلى لمنع ذلك أن ننتج وألا نعتمد على جيراننا لتوفير احتياجاتنا الأساسية." (إعداد هالة قنديل للنشرة العربية - تحرير أحمد إلهامي) من سانجيف ميجلاني وميرويس هاروني