سيطر الجيش السوري سيطرة كاملة على مدينة ادلب (شمال غرب) بعد انسحاب الجيش السوري الحر منها، في وقت ردت دمشق على مقترحات الموفد الدولي الخاص كوفي انان، الذي اوضح مع ذلك انه لا يزال ينتظر "اجابات" اخرى على مقترحاته التي قدمها الى الرئيس السوري بشار الاسد للخروج من الازمة في سوريا. في هذا الوقت تواصل مسلسل العنف في مناطق عدة من البلاد موقعا 37 قتيلا على الاقل، في حين انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موقف لافت الرئيس السوري بسبب "التاخير الكبير" في تطبيق الاصلاحات. فقد اعلنت الاممالمتحدة ان انان تلقى ردا من السلطات السورية على المقترحات التي قدمها للرئيس السوري الاحد الماضي، الا انه لا يزال ينتظر المزيد من الاجابات على اسئلته. وجاء في بيان صادر عن الاممالمتحدة ان "الموفد الخاص الى سوريا كوفي انان تلقى الان ردا من السلطات السورية" مضيفا ان "انان لديه اسئلة وينتظر اجابات (...) ونظرا الى الوضع الخطير والماساوي على الارض، على الكل ان يدرك ان الوقت يضغط". من جهته اكد المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي ارسال الرد السوري، موضحا ان سوريا ردت على مقترحات انان "بطريقة توضيحية تبين رؤيتها" لتطبيق هذه المقترحات. وقال مقدسي لوكالة فرانس برس ان "انان قدم خلال لقائه الثاني بالرئيس السوري بشار الاسد (الاحد) من خلال لا ورقة، مجموعة من المبادرات الاستكشافية لطريقة الخروج من الازمة" في سوريا، مضيفا ان بلاده "ردت بلا ورقة تبين بطريقة توضيحية رؤية سوريا لتطبيق هكذا مقترحات"، معتبرا ان "الرد السوري موضوعي للغاية". واضاف مقدسي "اذا كانت النوايا مساعدة سوريا، فسوريا ملتزمة بالانخراط بايجابية مع مهمة انان"، لافتا الى ان "هذه المهمة تتطلب تضافر جهود الاخرين لانجاحها". وسيعرض انان الجمعة امام مجلس الامن الدولي اولى نتائج مهمته في سوريا، وذلك عبر دائرة فيديو مغلقة من جنيف، بحسب ما ذكر دبلوماسيون. وكان انان اعلن الاحد الماضي انه قدم "سلسلة مقترحات ملموسة" لتسوية الازمة في سوريا، مشيرا الى ان محادثاته في دمشق تمحورت حول ضرورة "الوقف الفوري للعنف وعمليات القتل ووصول المنظمات الانسانية وفتح حوار". ميدانيا، قتل 37 شخصا في اعمال عنف في سوريا الاربعاء بينهم عشرون في درعا في جنوب البلاد، في وقت واصلت القوات السورية حملة الدهم والاعتقالات في مدينة ادلب التي سيطرت عليها بشكل كامل. والقتلى هم 24 مدنيا و13 منشقا. فقد قتل عشرون شخصا على الاقل بينهم سبعة منشقين على ايدي قوات النظام السوري في حملة دهم واعتقالات تخللتها اشتباكات الاربعاء في مدينة درعا (جنوب)، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره بريطانيا. وتأتي هذه الحملة في ذكرى الاعتقالات التي حصلت قبل عام في المدينة ذاتها وطالت فتيانا كتبوا على جدران مدرستهم "الشعب يريد اسقاط النظام". وتظاهر سكان من درعا مطالبين بالافراج عنهم، فقمعت التظاهرة بالقوة، وسقط قتلى. وتلت ذلك حملة اقتحام للمدينة تخللها سقوط العديد من القتلى وعشرات الاعتقالات. واتسعت بعد ذلك حركة الاحتجاجات لتشمل كل انحاء البلاد. في محافظة حمص (وسط)، قتل "أربعة مدنيين اثر اطلاق نار من رشاشات ثقيلة ومتوسطة في مدينة القصير"، كما قتل "اربعة عناصر منشقة بينهم ضابط برتبة ملازم أول خلال اشتباكات في القصير". وكان سقط مدني صباحا برصاص قناص في المدينة نفسها. في ريف دمشق، قتل شاب في مدينة دوما اثر اطلاق الرصاص عليه من قناص خلال تشييع قتيل سقط الثلاثاء بحسب المرصد. في محافظة ادلب، قتل خمسة مدنيين في قصف واطلاق نار من قوات النظام في جبل الزاوية، كما قتل منشقان في اشتباكات في المنطقة نفسها. وفي تطور ميداني جديد دخلت القوات السورية النظامية مدينة ادلب. وقال نور الدين العبدو من المكتب الاعلامي لمجلس قيادة الثورة في ادلب لوكالة فرانس برس "منذ مساء امس توقفت المعارك، الجيش السوري الحر انسحب، والجيش النظامي اقتحم كل المدينة وفتش كل البيوت بيتا بيتا". وذكرت صحيفة "الوطن" السورية الصادرة الاربعاء ان "وحدات الجيش وحفظ النظام والأمن انهت عمليات تمشيط الأحياء الوسطى والشمالية من مدينة إدلب حيث تتركز أغلب المجموعات المسلحة". ونقلت عن مصدر مسؤول انه "ألقي القبض على عشرات المسلحين والمطلوبين خلال محاولتهم الهروب من المدينة متنكرين باللباس النسائي". في ريف ادلب، ذكرت صحيفة "الوطن" ان "عمليات الجيش تتواصل بشكل واسع في مدن معرة مصرين وأريحا ومعرة النعمان وريفها الغربي، اضافة الى عدد من قرى جبل الزاوية حيث تقوم وحدات الجيش بملاحقة المجموعات المسلحة في المناطق الجبلية". وانتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاربعاء الرئيس السوري بسبب "التأخر الكبير" في تطبيق الاصلاحات. وقال خلال جلسة اسئلة واجوبة في مجلس الدوما (البرلمان) ان "جميع نصائحنا للأسف لم تترجم بافعال، ولم تطبق في الوقت المطلوب" معتبرا ان نظام الاسد "اعتمد اصلاحات جيدة من شأنها تجديد النظام والانفتاح على التعددية، ولكن ذلك تأخر كثيرا". واكد الوزير الروسي ان اقتراح بدء حوار وطني في سوريا جاء ايضا "متأخرا"، مشيرا الى ان هذا "الجمود" يمكن ان "يبتلع الجميع في النهاية". وفي دفاعه عن موقف روسيا من الملف السوري قال لافروف "اننا لا ندافع عن النظام بل عن الحق، عن حق السوريين السيادي في تقرير خيارهم بانفسهم بطريقة ديموقراطية". وتأتي هذه التصريحات غداة اعلان الرئيس السوري اجراء انتخابات تشريعية في السابع من ايار/مايو، وهي الاولى منذ اندلاع الثورة التي اسفرت عما يفوق 8500 قتيل منذ سنة، كما يقول المرصد السوري لحقوق الانسان. واعلنت الاربعاء استقالة هيثم المالح وكمال اللبواني وكاترين التلي من المجلس الوطني السوري المعارض. وقال المالح في بيان استقالة موجه الى الناس، بحسب ما اورد على صفحته على "فيسبوك"، انه لمس في المكتب التنفيذي للمجلس "عدم انسجام وانعدام العمل المؤسساتي فضلا عن استفراد رئيسه الدكتور برهان غليون بالرأي". وجاء في بيان كاترين التلي المنشور على صفحتها على "فيسبوك"، "لانني ارفض ان اكون شاهدة زور عن مجلس معطل بفعل شخصيات وتيارات سياسية على حساب الدم السوري الطاهر (..) أعلن انسحابي". من جهته حمل اللبواني على رئيس المجلس الوطني برهان غليون، واصفا اياه بانه "مستفيد وغير ديموقراطي"، وعلى الاخوان المسلمين متهما اياهم بانهم يحاولون "احتكار التسليح والاغاثة" لتوسيع قاعدتهم الشعبية. وقررت الحكومة الايطالية الاربعاء اغلاق سفارتها في دمشق احتجاجا على اعمال "العنف غير المقبولة" التي يقوم بها النظام السوري، وسحبت قسما من موظفي بعثتها الدبلوماسية كما اعلن مصدر رسمي. واعلنت السلطات السورية الاربعاء انها ألقت القبض على مرتكبي "مجزرة كرم الزيتون" في حمص التي اودت بحياة حوالى خمسين امرأة وطفلا، وقالت المعارضة انها من صنع قوات النظام بينما اتهمت دمشق "مجموعات ارهابية مسلحة" بها. كما ذكرت الوكالة ان "مجموعات ارهابية مسلحة" ارتكبت مجزرة في حي كرم اللوز في حمص (وسط) اودت بحياة 15 شخصا بينهم امراة واطفالها الاربعة. في المقابل، افاد عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبدالله وكالة فرانس برس الاربعاء عن وجود "عشرات الجثث المشوهة والمحروقة" في شوارع كرم الزيتون، متهما قوات النظام بارتكاب العديد من المجازر في المدينة لم يكشف عنها بعد. في حلب (شمال)، افاد الناشط السوري والمحامي ابراهيم ملكي في اتصال مع وكالة فرانس برس الاربعاء ان نحو 500 محام شاركوا في اعتصام تضامني مع "المدن المنكوبة" و"من اجل حرية الشعب" في سوريا في القصر العدلي في حلب (شمال) تم فضه بالقوة. في انقرة، ذكرت صحيفة "ميلات" التركية الاربعاء ان الصحافيين التركيين ادم اوزكوسي والمصور حميد جوشكون فقدا في سوريا منذ خمسة ايام، وطلبت مساعدة الحكومة التركية للعثور عليهما. وفي موقف يدل على تخوف تركيا من تفاقم الازمة في سوريا نقلت وكالة انباء الاناضول التركية ان العمل بدأ لبناء مخيم اضافي للاجئين السوريين يتسع ل20 الف شخص قرب الحدود السورية لاستقبال اي تدفق جديد من اللاجئين السوريين. وبدأ العمال وضع البنى التحتية للمخيم في جيلانبينار في محافظة شانلي اورفا (جنوب شرق) على بعد حوالى 150 كلم من مدينة الحسكة السورية (شمال شرق)، بحسب الوكالة.