عند كتف الوادي على الطريق بين القدس وتل ابيب وقف يعقوب عودة (70 عاما) على اراضي قريته المهجورة منذ حرب عام 1948 وهو يفاخر بالمساعي التي بذلها ابناء القرية واثمرت قرارا قضائيا اسرائيليا بمنع بيع اراضي القرية بالمزاد وهدمها لاقامة احياء جديدة عليها لسكان اسرائيليين يهود. وتقع قرية لفتا على بعد نحو خمسة كيلومترات غرب مدينة القدس، وكانت دائرة اراضي اسرائيل عازمة على بيعها بالمزاد وبناء نحو 220 فيلا فاخرة عليها اضافة الى مركز تجاري وفندق ومتحف، لو لم يصدر الامر القضائي بوقف المزاد. وسبق ان اعلنت لجنة مخططات بناء المدن عام 2004 موافقتها على البناء في قرية لفتا، لتقوم دائرة اراضي اسرائيل بناء على ذلك في التاسع والعشرين من كانون الاول/ديسمبر 2011 بعرض بيع اراضي لفتا بالمزاد. وقال يعقوب عودة "ان قرار المحكمة بعدم هدم القرية وعدم بيعها بالمزاد العلني هو قرار بالاتجاه الصحيح لانه لا يعقل ان تختفي القرية بتاريخها وتراثها المعماري من اجل بناء حي يهودي". واضاف عودة "هنا ذاكرتنا وتاريخنا وقبور اجدادنا والمسجد والمدرسة، واذا كان لا بد من اسكان احد فليدعونا نرممها ونسكن نحن فيها". ولفتا هي اخر قرية عربية مهجورة في القدس، وقد استولت عليها منظمة الهاغاناه اليهودية التي شكلت نواة الجيش الاسرائيلي في الاول من كانون الثاني/يناير 1948، وتسكن حاليا على احد اطرافها 13 عائلة يهودية. وتبدو بيوت القرية متلاصقة في سفح جبل وقد تصدعت اسطح بعضها في حين احاطت بها اشجار الصبار من كل الجهات. واشار يعقوب عودة بيده الى سلسلة حجرية قديمة الى جانب المكان الذي كان يقف فيه وهي لا تزال ظاهرة بين ازهار شقائق النعمان والاشواك العالية. وقال "هنا كان بيتنا، لقد هدموه، وانا لا زلت اتذكر قريتي اذ كان عمري ثماني سنوات عندما اجبرنا على تركها". واضاف "لقد دأبت المؤسسة الاسرائيلية على حفر اسطح البيوت حتى تتصدع وتسقط لوحدها. وبالرغم من ذلك لا تزال بعض البيوت صامدة". من جهته قال شقيقه محمد لفرانس برس "من مفارقات القدر،ان العائلات اليهودية القليلة التي اسكنتها اسرائيل في الخمسينيات في بيوت العرب في قريتنا مطالبة الان بترك هذه البيوت لتنفيذ المخطط الجديد، وهم طالبوا بان يشاركونا في الاعتراض". من جهته قال المحامي سامي ارشيد الذي ترافع عن قرية لفتا في مؤتمر صحافي الجمعة في القرية "هذه اول مرة نستطيع استصدار قرار ايقاف بيع اراضي قرية عربية بالمزاد العلني". وصدر القرار بعدما رفض القاضي يغال ميرسيل بيع اراضي القرية من محكمة الشؤون الادارية لاسباب فنية الاثنين الماضي. واوضح المحامي ارشيد ان القرار صدر بعدما "قدمنا التماسا باسم لاجئين من قرية لفتا وجمعيات حقوق الانسان لمنع بيع اراضيها من قبل دائرة اراضي اسرائيل". واضاف "لا شك ان القرار سابقة قانونية ويحمل في طياته نوعا من الرضا لاهالي القرية (...) ويعطي حقا للمهجرين للذهاب الى القضاء". واشار الى اهمية الاعتراف بحق اهالي لفتا "للحفاظ على تراث وتاريخ القرية والغاء البيع" ووصف ما حصل ب"الانتصار". وتابع ان "الامكانية الوحيدة امام دائرة اراضي اسرائيل هي الاستئناف امام المحكمة العليا". من جهته قال شموليك غروغ المهندس المعماري الرئيسي للمخططات التي تقدم بها اهل لفتا وجمعيات حقوق الانسان للمحكمة لوكالة فرانس برس "لم تقم دائرة اراضي اسرائيل بمسح اراضي القرية وقياس البيوت بيتا بيتا، كما لم تقم بمسح اثري لها ولم تضع حلولا لكيفية الحفاظ على اثار القرية المعمارية". واضاف "ارادت دائرة اراضي اسرائيل ان توكل عملية المسح للمشترين وتتركهم يتحملون المسؤولية عند اكتشاف اي اثار عند عمليات المسح، لذلك ظهرت مشاكل كثيرة غير قانونية في مخططاتهم، مما ساعدنا على كسب القضية". ويوجد اكثر من 30 الف لاجىء فلسطيني من قرية لفتا يعيشون في القدسالشرقيةالمحتلة والاردن والمهجر.