استحوزت أخبار التفجيرين الانتحاريين اللذين هزَّا العاصمة السورية دمشق الجمعة على حصة الأسد من تغطية الصحف البريطانية الصادرة السبت، والتي تفرد للحدث مساحات واسعة تملؤها بصور الدماء والأشلاء والدمار، ناهيك عن عشرات التحقيقات والمقالات النقدية والتحليلية. فعلى الصفحة الأولى من الإندبندنت، نطالع اليوم تحقيقا لمراسل الصحيفة للشؤون الدبلوماسية، كيم سنغوبتا، بعنوان تفجيرات دمشق الانتحارية تهزُّ سورية وجاء فيه: لقد أودت أولى التفجيرات الكبرى في الربيع العربي بحياة أكثر من 40 شخصا في دمشق البارحة، الأمر الذي فجَّر الدموع خوفا من أن تبلغ الانتفاضة السورية ذات الأشهر التسعة من العمر الدرك الأسفل من الفوضى والعنف . ويضيف المراسل قائلا إن الهجومين، اللذين وقعا بعد وقت قصير من وصول طلائع المراقبين العرب إلى البلاد كجزء من خطة إقليمية ترمي إلى حلحلة الأزمة، قد خلَّفا وراءهما مجزرة حقيقية . ونمضي مع المراسل في وصفه لمشاهد الدم والقتل والدمار التي ولَّدها الانفجاران إذ يقول: لقد تناثر العديد من الأطراف البشرية والجثث بين السيارات التي كانت مركونة في المكان وأُضرمت فيها النيران. كما أُصيب حوالي 150 شخصا جرَّاء الانفجارين اللذين وقعا أمام مبنى إدارة المخابرات العامة وفرع أمن المنطقة التابع للمخابرات العسكرية . وعلى صفحتها الحادية والعشرين تنشر الصحيفة المزيد من التفاصيل المتعلِّقة بالانفجارين في سياق تقرير بعنوان سورية تحمِّل تنظيم القاعدة مسؤولية الانفجارين اللذين أوديا بأربعين قتيلا ، وآخر فرعي يقول: تصعيد دراماتيكي في حدَّة التوتُّر بين الحكومة والمعارضة . وترفق الصحيفة التقرير بصور ثلاث: الأولى لحطام السيارة التي تقول إن أحد الانتحاريّين قد استخدمها في هجومه، والثانية لعربة أتت عليها النيران الناجمة عن الحادث، وثالثة لجثة أحد الضحايا وقد لُفَّت ببطانية وراح عدد من زملائه الناجين يرفعونها بعيدا عن المكان. وعلى كامل صفحتها الخامسة عشرة، تنشر صحيفة الغارديان تحقيقها عن تفجيري دمشق بعنوان مسؤولون سوريون يشيرون بأصبع الاتهام لتنظيم القاعدة في مقتل العشرات في انفجار سيارتين مفخََّختين في العاصمة . وبينما يشير التحقيق، الذي أعدََّه بشكل مشترك مراسلا الصحيفة مارتن تشولوف وماتيو ويفر، إلى قول المسؤولين السوريين إن نظراءهم اللبنانيين كانوا قد حذَّروهم قبل يومين من هجمات وشيكة للقاعدة داخل الأراضي السورية، فإن جلَّه تقريبا مخصَّصٌ للاتهامات التي تكيلها المعارضة السورية لنظام الأسد بالتخطيط للتفجيرين. وتبرز الصحيفة أيضا حقيقة أن التفجيرين يتزامنان مع وصول طلائع بعثة المراقبين العرب إلى سورية لمراقبة مدى التزام دمشق بتنفيذ بنود المبادرة العربية لحل الأزمة في البلاد. وتنقل الصحيفة عن رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، المعروف بمواقفه المناوئة لدمشق، قوله بشأن تفجير مقر الإدارة العامة للاستخبارات السورية: أعتقد أن التفجير جرى تصميمه والترتيب له من قبل النظام السوري . وتخصِّص الغارديان أيضا افتتاحيتها الثانية للحديث عن تفجيري الجمعة الانتحاريين في العاصمة السورية. فتحت عنوان إراقة الدماء في دمشق ، نقرأ في افتتاحية الغارديان: هي فكرة قاتمة إلى حد غير معقول، ومع ذلك فهي جدُّ حقيقية: فكافَّة طموحات وتضحيات وانتصارات عام زاخر بالأحداث الجسام من ثورة وهيجان في العالم العربي تتوقذَّف في نهاية المطاف على الأحداث التي تشهدها سورية . ونتابع القراءة في الافتتاحية التي تعتقد أن الربيع العربي بات الآن على مفترق طرق، إذ ترى أن هنالك ثمَّة احتمالين لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في منطقة الشرق الأوسط: الأول: في حال سقوط نظام الرئيس بشار الأسد وبقاء البلاد موحَّدة، وتجنُّبها حرباً طائفية، فلن يكون هنالك توقُّف لتقدُّم الثورة واتجاهها شرقا، وقد تكون إيران هي المحطة التالية، كما لن تكون أي من الأنظمة الملكية العربية في منطقة الخليج بمأمن هي الأخرى عن رياح التغيير. الثاني: في حال انقسام سورية وتفكُّكها، فستصبح ساحة معركة إقليمية تؤجِّج نارها المصالح المتصارعة للجيران، ولن يكون ذلك بالسيناريو البعيد عمَّا جرى في العراق في عام 2006، أو في لبنان خلال الحرب الأهلية التي شهدتها تلك البلاد خلال الربع الأخير من القرن الماضي. عندئذ، سيصل الربيع العربي لا محالة إلى نهايته. وبشأن انفجاري الجمعة في دمشق، ترى الافتتاحية أنهما يشكِّلان بداية مرحلة جديدة وخطيرة في الصراع، نظرا لما سيكون لهما من انعكاسات كبيرة وهامَّة على ما تشهده سورية والمنطقة برمَّتها. صحيفة التايمز هي الأخرى تخصِّص إحدى افتتاحياتها للحديث عن تفجيرات الجمعة في سورية فتعنون: تفجيرات في دمشق: على المراقبين العرب أن ينظروا إلى أبعد من هجمات الأمس الانتحارية . بداية ترى الصحيفة أن التفجيرين يشكِّلان فرصة للنظام السوري لكي يؤكِّد للمراقبين العرب وجهة نظره القائلة إن الاحتجاجات في البلاد تدبِّرها وتقودها القاعدة وقوى خارجية أخرى بغرض زعزعة استقرار النظام . إلاَّ أن الصحيفة ترى أنه يتعيَّن ألاَّ يثني التفجيران المراقبين العرب عن متابعة تنفيذ المهمَّة الموكلة إليهم: أي مراقبة أعمال العنف والتعذيب والقتل التي سرعان ما باتت تدمِّر بلدا عربيا قديما لطالما كان فخورا بنفسه . وتتابع الصحيفة أيضا رصد أصداء الحدث في سياق تقرير ميداني مصوَّر بعنوان سورية تحمِّل القاعدة مسؤولية التفجيرين على مكاتب الأمن، واللذين سقط فيهما 44 قتيلا . وعلى الصفحة الأولى من صحيفة الفايننشال تايمز نطالع صورة كبيرة لإحدى واجهات مبنى الإدارة العامة للمخابرات السورية بُعيد انفجار الجمعة، وقد تحطَّمت النوافذ وبان من إحداها أشياء ثلاثة: شعار حزب البعث العربي الاشترالي الحاكم في سورية، وصورة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وأخرى لنجله الرئيس السوري الحالي بشار الأسد. وترفق الصحيفة الصورة بعنوان تفجيرا سورية يقتلان 40 شخصا ، وتحته تعليق يقول: دمشق ومجموعات المعارضة تتَّهم كلٌّ منهما الأخرى بعد أن حطَّمت القنابل مبنيين لأجهزة الاستخبارات . ومن تفجيرات دمشق إلى تفجيرات العراق تنقلنا الفايننشال تايمز التي تنشر تقريرا بعنوان الاضطرابات في العراق تترك الولاياتالمتحدة تصارع للعب دور . يقول التقرير: لقد طفت على السطح بسرعة شكوك بشأن المدة التي يمكن لواشنطن أن تحتفظ بنفوذها في العراق . أمَّا مناسبة التقرير فهي الجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدة للحفاظ على نفوذها في العراق بعد سحبها لقواتها العسكرية من تلك البلاد وتصاعد وتيرة العنف والصراع الطائفي فيها. وفي صحف السبت نطالع أيضا تحقيقات وتقارير أخرى عدة تتحدث عن آخر تطورات الربيع العربي، ومنها تحقيق عن تجربة الناشطة والكاتبة الصحفية المصرية منى الطحاوي مع الاحتجاجات ضد سياسة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون الحكم في البلاد منذ الإطاحة برئيسها حسني مبارك في الحادي عشر من شهر فبراير/شباط الماضي. يروي لنا التحقيق، والذي جاء بعنوان تعرَّضت للضرب والكدمات، لكنها لا تزال تتمتع بروح التحدِّي ، كيف أن الطحاوي تعرَّضت للإهانة وللتحرُّش الجنسي من قبل قوات الأمن المصرية بسبب مشاركتها في الاحتجاجات بالقرب من ميدان التحرير وسط القاهرة مؤخَّرا، وذلك قبل أن تخرج تفاصيل حكايتها من مركز الاحتجاز لترويها للعالم عبر موقع التواصل الاجتماهي تويتر . وعلى صفحات الرأي والتحليل نطالع اليوم أيضا في صحيفة الإندبندنت مقالا تحليليا لمراسل الصحيفة في الشرق الأوسط، روبرت فيسك، بعنوان طريق تركيا الطويل نحو المصالحة ، وعنوان فرعي يقول: المحرقة (الهولوكوست) الأرمينية . بداية يقترح علينا الكاتب في مقاله، والذي ترفقه الصحيفة بصورة بالأبيض والأسود لفعاليات ينظِّمها الأرمن بمناسبة إحياء الذكرى السنوية لمذبحة عام 1915، أن ننحِّي جانباً، ولو للحظة واحدة فقط، صورة الحرب الراهنة بين فرنسا وتركيا بشأن أوَّل هولوكوست في القرن العشرين، أي مذبحة الأرمن على أيدي الحكم التركي حينذاك. وماذا بعد؟ يخبرنا الكاتب على الفور: لنتذكر فقط الرشوة الانتخابية التي سيحصل عليها نيكولا ساركوزي، أي أصوات ال 500 ألف ناخب أرمني في فرنسا، والذين يودُّون أن يسمعوا الرئيس الفرنسي يخبرهم بالحقيقة، وكذلك النزعة القومية لدى الأتراك، والتي تتغذى على إنكار المحرق: هما شيئان يشكِّلان خليطا سيئا . ويمضى بنا الكاتب بعدها ليحدثنا عن عشرات المقابلات التي أجرتها معه محطات التلفزة والإذاعة والصحف التركية مؤخَّرا، ويقول إنه طرح خلالها على الأتراك تساؤلا مفاده: لماذا لا تتحلَّون بالشجاعة الكافية وتعترفون بحادثة وقعت أصلا قبل أن يولد معظمكم؟