اعربت زعيمة المعارضة اونغ سان سو تشي عن امل حذر الجمعة في وصول الديموقراطية الى بورما بينما استقبلت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في منزلها الذي خضعت للاقامة الجبرية فيه لسنين. ففي مشاهد لم يكن بالامكان تخيلها قبل الاصلاحات التي جرت في بورما مؤخرا، امسكت سو تشي بذراع كلينتون ورافقتها في حديقة الفيلا القديمة التي تسكنها بجوار احدى البحيرات في مدينة رانغون التجارية الهامة وحيث ظلت قيد الاقامة الجبرية حتى عام مضى. وقالت سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام، انها تدعم الزيارة التي قامت بها كلينتون وشملت عاصمة البلاد نايبيداو معربة عن اعتقادها بأن البلاد التي تطلق على نفسها ميانمار بلغت "لحظة تاريخية". وقالت سو تشي "انا واثقة جدا من اننا اذا عملنا معا.. فلن يكون هناك عودة للوراء على درب الديموقراطية"، والى جانبها جلست كلينتون وقد بدا عليها الارتياح. واضافت سو تشي انه يتعين ان تفعل الحكومة الجديدة المدعومة من العسكر المزيد "لكننا نأمل ان نبلغ ذلك في اقرب وقت ممكن"، فيما أومأت كلينتون بالموافقة معربة عن اعتقادها بوجود "آفاق بدأت تنفتح" خلال الزيارة التي تستمر ثلاثة ايام "ما يشجعنا شيئا ما". وزيارة كلينتون لبورما الاولى لوزير خارجية اميركي للبلاد منذ اكثر من نصف قرن. ورغم ان تلك ليست المرة الاولى التي تجتمع فيها كلينتون بشخصية عالمية، سواء بحكم منصبها كوزيرة للخارجية الاميركية او خلال السنوات التي امضتها كقرينة لرئيس اميركي إبان رئاسة بيل كلينتون. الا ان الحماس بدا واضحا عليها بلقاء سو تشي، إذ عانقت بطلة الديموقراطية البورمية مرارا وقبلتها. كما عقدت كلينتون اجتماعا خاصا مع سو تشي على مأدبة عشاء ممتدة مساء الخميس في مقر البعثة الدبلوماسية الاميركية حيث جرى اعداد اطعمة تروق ترضي سو تشي بشكل خاص. وقال مساعدو كلينتون ان وزيرة الخارجية حرصت على اصطحاب لعبة من الولاياتالمتحدة لكلب سو تشي الصغير الحجم المفعم بالنشاط. ومع ذلك حذرت سو تشي كلينتون بلطف من ان كلبها شرس احيانا تجاه من لم يعهدهم. وسلمت كلينتون الخميس باليد رسالة شخصية من الرئيس باراك اوباما لسو تشي يشكرها فيها على "الهامها" لاناس في انحاء مختلفة من العالم معربا عن وقوف الولاياتالمتحدة الى جانبها "الان ودائما". رغم الاجواء الدافئة للقاء حذرت كلينتون وسو تشي من بواعث قلق تتعلق بميانمار، اذ يقول نشطاء ان عددا يربو على 1500 معتقل سياسي ما زالوا في السجون في البلاد، بينما يشيع تعرض الاقليات العرقية في البلاد للاغتصاب والعمل القسري مع تعرض مناطقهم لحرب مستمرة منذ عقود. وقالت سو تشي "لابد ان يكف القتال في هذا البلد بأسرع وقت". كما حثت سو تشي مرارا على احترام سيادة القانون، مطالبة بالافراج عن كافة المعتقلين السياسيين "والا يعتقل اخرون بعد الان لما يعتنقونه". يذكر أن الجيش استولى على السلطة في بورما في عام 1962 وظل في الواجهة حتى اذار/مارس الماضي حين سلم السلطة اسميا لحكومة مدنية. وفاجأ الرئيس تين سين وهو جنرال سابق، الولاياتالمتحدة والمعارضة بحديثه عن اصلاحات وبدء حوار مع سو تشي والاقليات العرقية. وكانت الرابطة الوطنية من اجل الديموقراطية التي تتزعمها سو تشي اكتسحت الانتخابات عام 1990 غير ان المجموعة الحاكمة لم تسمح لسو تشي بالوصول الى السلطة يوما. وتحظى سو تشي بدعم واسع بطول المدى السياسي وعرضه في واشنطن وتعتبر مباركتها اساسية لاي تحرك تتخذه الولاياتالمتحدة في المستقبل لتخفيف العقوبات الواسعة المفروضة على ميانمار. ولم تتطرق سو تشي للحديث عن العقوبات ولكنها رحبت بالمحفزات البسيطة التي عرضتها كلينتون الخميس بعد محادثاتها مع الحكومة، بما في ذلك دعم واشنطن لقيام المؤسسات المالية الدولية بتقييم حاجات بورما. واشارت سو تشي الى انها تأمل خوض انتخابات فرعية في مطلع العام القادم، ما سيمثل اختبارا لمدى تحمل السلطات في ميانمار لامكان حدوث تغيير سياسي. وفي ختام زيارتها اعلنت كلينتون عن مساعدات بقيمة 1,2 مليون دولار للمجتمع المدني دعما للاقتصاد الصغير والرعاية الصحية وضحايا الالغام في البلد الذي يعاني من صراعات مسلحة. وقالت كلينتون انها ابلغت زعماء البلاد بان الولاياتالمتحدة ستقيم التقدم الذي ستحرزه القيادة الجديدة قبل التفكير في رفع العقوبات. وقالت "سنقابل الافعال بالافعال، واذا جرى تقدم كاف فسننظر بالطبع في رفع العقوبات"، غير انها اردفت "مازلنا في مرحلة مبكرة جدا من هذا الحوار". وفي بادرة اخرى على تخفيف واشنطن موقفها من ميانمار تراجعت كلينتون عن دعوة لتحقيق دولي في جرائم حرب في ميانمار. وقالت وزيرة الخارجية الاميركية "سندعم مبدأ المحاسبة وسيتم بحث الالية المناسبة لضمان العدل والمحاسبة". "غير انني اعتقد انه من الاهمية منح الحكومة الجديدة والمعارضة فرصة للبرهنة على النهج الذي يريدانه ازاء تحقيق ذلك".