نقل التلفزيون المصري عن المجلس الأعلى للقوات المسلَّحة قوله إن نسبة الإقبال على التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية التي جرت الاثنين والثلاثاء قد تجاوزت ال 70 بالمئة. في غضون ذلك، أعلنت غرفة عمليات نادي القضاة في مصر أن الشرطة العسكرية نجحت في السيطرة على الوضع في ثمانية لجان انتخابية من أصل 12 لجنة كان القضاة المشرفين على عملية الاقتراع قد احتُجزوا فيها . وقالت إنه تمَّ تحرير القضاة الذين كانوا محتجزين في مقارِّ اللجان الثمانية، بينما لا تزال هنالك اشتباكات بين الشرطة وعدد من المحتجين أمام أربع لجان أخرى. وأشارت الغرفة إلى أن اللجان التي لايزال القضاة محاصرين بداخلها هي لجان مدارس المسلّة بالمطرية الحلمية الثانوية بنات، والهلال الأحمر التجريبية بالبساتين، والهلال الأحمر بعين شمس. وأكّدت أن اللواء حمدي بدين، قائد الشرطة العسكرية، انتقل للتعامل مع الوضع في اللجان التي لا تزال محاصرة. وكان المستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة، قد أكَّد ارتفاع عدد اللجان المحاصر بداخلها قضاة إلى 12 لجنة بعد إبلاغه بمحاصرة لجان أخرى في حلوان والمعادي والسيدة زينب وعين شمس. وقال الزند: إن ما يحدث جرى التخطيط له من قبل من مرشَّحين وأحزاب تأكدت من فشلها في الانتخابات، وترغب في إفساد العملية الانتخابية برمَّتها، وبسرقة فرحة الشعب بتلك الانتخابات المبهجة. وأوضح أن غرفة عمليات النادي تلقت بلاغات جديدة من قضاة محاصرين في لجان أخرى منها لجنة مدرسة الخلفاء الراشدين، ولجنة مدرسة الزهراء، ولجنة مدرسة عزبة الوالدة بحلوان، ولجنة مدرسة جيل الحرية بالسيدة زينب، ولجنة المدرسة الثانوية بنات بالمعادي، ولجنة مدرسة حدائق حلوان الابتدائية المشتركة، ولجنة مدرسة الناصر صلاح الدين بعين شمس، ولجنة مدرسة العقاد بقسم أول السلام، ولجنة مدرسة أم كلثوم بعين شمس، ولجنة مدرسة طلعت حرب الابتدائية. وكان مراسلو بي بي سي فى المحافظات المصرية التسع التي جرى فيها التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية قد أفادو بأن اللجان الإنتخابية قد أغلقت أبوابها مع انتهاء عملية الاقتراع مساء الثلاثاء، ومن ثم نُقلت الصناديق إلى لجان فرز الأصوات حيث بدأت عملية العدِّ والفرز. وقد أكَّد التلفزيزن الرسمي المصري أن صناديق الاقتراع قد أُغلقت، وتستعد السلطات حاليا لبدء عمليات الفرز وعدِّ الأصوات، على أن تُعلن نتائج المقاعد الفردية غدا. وكانت عمليات الاقتراع قد تواصلت يومي الاثنين والثلاثاء ف ي المرحلة الأولى من أول انتخابات تشريعية تشهدها البلاد بعد ثورة 25 من يناير/كانون الثاني التي أطاحت بحكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك. ويُتوقَّع أن تمهِِّد نتائج الانتخابات في نهاية المطاف إلى استلام مدنيين للسلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلَّحة، والذي يدير شؤون البلاد منذ الإطاحة بمبارك في الحادي عشر من فبراير/شباط الماضي في أعقاب انتفاضة شعبية استمرت 18 يوماً. وكان رئيس اللجنة العليا للإنتخابات قد أكَّد في وقت سابق أنه لن يتم إغلاق المراكز الانتخابية حتى يدلى آخر ناخب بصوته مساء اليوم . ففي لقاء مع قناة النيل للأخبار المصرية، قال المستشار عبد المعز ابراهيم، رئيس اللجنة العليا للإنتخابات: إن مراكز الاقتراع ستواصل استقبال المقترعين حتى يتمكن آخر ناخب من الإدلاء بصوته اليوم . وأشار المستشار ابراهيم إلى أن الفرز سيتم فى مقر اللجنة المختصة بهذه العملية، وسيتم إعلان النتائج المرشَّحين المستقلين فى اليوم التالى لانتهاء الاقتراع، بينما سيتم الإعلان عن عدد الأصوات التى حصلت عليها كل قائمة بالنسبة لقوائم الكتل والأحزاب. وقال ابراهيم إن العملية الانتخابية تجرى على أكمل وجه فى ثانى أيام المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية ، مشيرا إلى أن معظم الشكاوى التى وردت الثلاثاء كان مردُّها تأخر فتح بعض اللجان بسبب تمديد ساعات التصويت الاثنين بغية تمكين الناخبين من الإدلاء بأصواتهم. وأضاف قائلا: سوف تواجه الأحزاب التى لم تلتزم بوقف الدعاية الانتخابية المساءلة القانونية، فهذه جريمة جنائية تحقق فيها النيابة العامة وتنظرها المحاكم المختصة. في غضون ذلك، أفاد موفد بي بي سي إلى بور سعيد، أن محكمة القضاء الإداري، الدائرة الأولى التابعة لمجلس الدولة، تنظر بأول دعوى مستعجلة مقامة أمامها بشأن بطلان الانتخابات في المرحلة الأولى . فقد تقدَّم حزب السلام الديمقراطي بالدعوى أمام المحكمة المذكورة بعد أن تم إغفال ذكر قائمة الحزب ضمن القوائم الانتخابية في دائرتين من ضمن 11 دائرة على مستوى البلاد، وهما دائرتا بورسعيد وجنوب أسيوط. ورصد مراسلو بي بي سي المنتشرين في عدد من المدن المصرية بدء اليوم الانتخابي الثاني، ففي القاهرة ومن المركز الانتخابي في السيدة زينب، وصف موفد بي بي سي، محمد، طه تواصل الإقبال الجماهيري حيث ابتدأ المركز الانتخابي يومه بطابور وقف ينتظر بدء عملية الاقتراع. واضاف ان الشكاوى في هذه الدائرة الانتخابية اقتصرت على امور اجرائية كتأخر وصول بعض القضاة او عدم فتح المراكز الانتخابية في وقتها. وفي الاسكندرية قال مراسل بي بي سي عطية نبيل ان مراكز الاقتراع افتتحت الثلاثاء بكثافة ناخبين اقل بكثير من يوم امس، لان اغلبية الكتلة الانتخابية ادلت باصواتها في اليوم الاول. واضاف نبيل انه تم رصد بعض المخالفات المتمثلة في مواصلة مرشحي بعض الاحزاب دعايتهم الانتخابية خارج اسوار المركز الانتخابية، وشكاوى اجرائية من بعض الناخبين بأنهم ارسلوا الى مراكز انتخابية بعيدة عن مراكز سكناهم. ومن اسيوط، وصف مراسل بي بي سي عمرو جميل بدء اليوم الانتخابي وسط طقس بارد بقلة كثافة الناخبين بالمقارنة مع اليوم الاول. واوضح ان عملية التصويت تواصلت في الدائرة الثانية من اسيوط على الرغم من صدور قرار من المحكمة الادارية بوقف عملية التصويت، الا ان المسؤولين هناك برروا استمرار عملية التصويت بتأخر وصول القرار الى الدائرة الانتخابية. واضاف مراسلنا بوقوع بعض المشاكل في قرية النواورة اثر قيام واحد من انصار أحد المرشحين بالتهجم على اللجنة الانتخابية بعد استبعاده من الاقتراع لأنه لم يؤد الخدمة العسكرية الالزامية، فضلا عن قيام احد انصار مرشح اخر بقطع الطريق وقد قامت قوات الامن بمعالجة الموقف وفتح الطريق. وفي بور سعيد رصد موفد بي بي سي ابراهيم خليل قلة كثافة الناخبين الى حد كبير عند فتح ابواب المراكز الانتخابية مقارنة بيوم امس، وتواصل التواجد الامني المكثف للجيش الذي ظلت مدرعاته وعرباته العسكرية تجوب شوارع المدينة وتقوم بحماية المراكز الانتخابية. ومضى اليوم الاول من عملية الاقتراع بهدوء وامتاز باقبال جماهيري كبير على مراكز الاقتراع التي ظلت أبوابها مشرعة امام الناخبين حتى الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي بعد تمديد فترة الاقتراع ساعتين إضافيتين لاستيعاب اعداد الناخبين الكبيرة الذين احتشدوا في المراكز الانتخابية، حسب بيان للمجلس العسكري الحاكم. ولم يشر البيان إلى أي توقعات لنسبة الإقبال على التصويت. لكن قضاةً يشرفون على عملية الاقتراع قالوا إن الإقبال كان مطَّردا على مدى نهار الاثنين، حيث بدأ اليوم الانتخابي بطوابير طويلة أمام مراكز الاقتراع. قد أدلى ملايين الناخبين المصريين بأصواتهم في بداية الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية وسط تقارير تحدثت عن خروقات وأخطاء شابت عملية الاقتراع وأثارت غضب الناخبين. وذكرت تقارير أخرى أن سيدة فارقت الحياة بعد أن أُصيبت بنوبة قلبية وهي تقف في طابور الناخبين، بينما أُصيب 25 ناخبا آخر في أحداث متفرقة أخرى. ويحق لنحو 17 مليون ناخب مصري الإدلاء بأصواتهم في المرحلة الأولى من هذه الانتخابات، يختارون من خلالها مجلس الشعب الجديد، وتنتهي في 11 يناير/كانون الثاني المقبل. ورحَّبت كل من الولاياتالمتحدة وبريطانيا الاثنين بسير عملية الاقتراع في مصر، والتي تمهِّد الطريق لانتقال السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلَّحة إلى مدنيين. فقد اعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية أن الأنباء المُبكِّرة بشأن الانتخابات المصرية إيجابية إلى حدٍّ بعيد . وقال المتحدث باسم الوزارة، مارك تونر: لم ترد أي أنباء تفيد بوقوع أعمال عنف، أو مخالفات، وقد كان الإقبال على التصويت كبيرا . من جانبه، قال السفير البريطاني في مصر، جيمس وات، لوكالة رويترز للأنباء إن الانتخابات المصرية حدث سياسي مهم ، وأشار إلى أنها أُجريت بشكل منظَّم وسلمي . وقال وات: هذه الانتخابات حدث مهم في التحوُّل الديمقراطي لمصر. لقد زار العاملون معي عددا من اللجان الانتخابية وشاهدوا الإدلاء بالأصوات يجري بطريقة منظَّمة وجيدة. وأضاف قائلا إن هذه الانتخابات لا تزال في بدايتها، لكن حتى الآن يبدو أنها سارت بشكل سلس. وكان وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، قد حثَّ في بيان أصدره الأحد السلطات المصرية على ضمان إجراء الانتخابات دون عنف، وأن تكون نزيهة وموثوقا بها، قائلا إن صدى الانتخابات المصرية سيتردد في أنحاء المنطقة . ويقسم النظام الانتخابي المصري إلى ثلاثة مناطق انتخابية تشمل كل منها تسعا من محافظات البلاد البالغ عددها 27 محافظة، ويتم الاقتراع فيها على التوالي. وقد خصِّص يوم الاثنين للانتخابات في القاهرةوالاسكندرية، إضافة إلى محافظات أخرى مثل الأقصر في صعيد مصر وستظل صناديق الاقتراع مفتوحة ليومين في المرحلة الأولى. ويجمع النظام الانتخابي بين نظام القائمة النسبية ونظام الدوائر الفردية، اذ يتم انتخاب ثلثي الأعضاء بالقوائم، والثلث الأخير بالنظام الفردي. ويجري الدور الثاني للمرحلة الأولى على المقاعد التي سيتم انتخابها بنظام الدوائر الفردية في الخامس من كانون الأول المقبل. وتبدأ المرحلة الثانية من الانتخابات في الحادي والعشرين من الشهر المقبل وتكمل بدور ثانٍ في الثالث من كانون الثاني/يناير، وتنتهي الانتخابات التشريعية في الحادي عشر من الشهر نفسه بعد الدور الثاني للمرحلة الأخيرة. ويرى مراقبون أن مصر تشهد في هذه الانتخابات أول اختبار حقيقي لها في مرحلة التحوُّل الكبيرة التي تمر بها البلاد بعد حقبة مبارك، وسط خلافات متصاعدة بين مفجِّري ثورة يناير/كانون الثاني من الشباب، والمجلس العسكري الحاكم. فعلى الرغم من ان الثورة المصرية كانت انتفاضة شعبية واسعة ضد نظام حكم مبارك، الذي استمر نحو ثلاثين عاما، فقد اتَّسمت الأشهر التسعة اللاحقة لها بالخلافات والتعثُّر في إحداث تغييرات سياسية جذرية في البلاد.