بدأت الاثنين اول انتخابات برلمانية بعد اسقاط نظام مبارك في مصر، التي تشهد منذ اكثر من اسبوع ازمة سياسية عاصفة، وسط توقعات بان يفوز الاسلاميون بنصيب الاسد فيها. وتعد هذه الانتخابات الخطوة الاولى على طريق نقل الحكم من المجلس العسكري الممسك بزمام السلطة منذ اسقاط مبارك في 11 شباط/فبراير، الى مؤسسات منتخبة وفقا لجدول زمني مثير للجدل وضعه الجيش للمرحلة الانتقالية. وبعد ست ساعات من فتح مكاتب الاقتراع، قال رئيس اللجنة العليا للانتخابات رئيس محكمة استئناف القاهرة عبد العز ابراهيم ان نسبة الاقبال على "اكبر من المتوقع". واضاف "فوجئنا بأن الناس اقبلت بكثافة". وتابع "لا توجد مشاكل امنية حتى الان والحمد لله وكان هذا ما يقلقنا اساسا". اعلنت اللجنة العليا للانتخابات بعد ظهر الاثنين تمديد الاقتراع لمدة ساعتين في جميع المراكز الانتخابية، بحسب التلفزيون المصري. وكان من المقرر ان تغلق مكاتب الاقتراع عند الساعة السابعة مساء بالتوقيت المحلي (17,00 تغ). لكن اللجنة العليا قررت تمديدها حتى الساعة 21,00 (19,00 تغ)، وفق المصدر نفسه. ومنذ الصباح الباكر، تشكلت طوابير طويلة امام مراكز الاقتراع وخصوصا في القاهرة والاسكندرية (ثاني مدن البلاد) اللتين تشملهما المرحلة الاولى من انتخابات مجلس الشعب التي ستنتهي في منتصف كانون الثاني/يناير. واعرب ناخبون كثيرون عن سعادتهم بانهم سيتمكنون اخيرا من اختيار نوابهم من خلال انتخابات يكون لصوتهم فيها قيمة في حين ان المصريين ظلوا طوال العقود الستة الاخيرة محرومين عمليا من المشاركة السياسية. وخلال السنوات الثلاثين الاخيرة التي حكمها مبارك كانت نتائج اي انتخابات محسومة سلفا لصالح حزبه. ويتم تنظيم الانتخابات التشريعية على ثلاث مراحل تشمل كل منها تسعا من محافظات مصر ال27. وتجري عمليات الاقتراع الاثنين والثلاثاء في كل من محافظات القاهرة والاسكندرية والفيوم وبورسعيد ودمياط وكفر الشيخ واسيوط والاقصر والبحر الاحمر. وكان المجلس الاعلى للقوات المسلحة،الممسك بزمام السلطة منذ اسقاط مبارك في 11 شباط/فبراير الماضي، اصدر الجمعة مرسوما يقضي بتمديد فترة الاقتراع لتكون يومين بدلا من يوم واحد في كل مرحلة. وفي حي الزمالك الراقي بالقاهرة كان مئات من الناخبين من كل الاعمار يقفون في طابور قبل اكثر من ساعة من فتح مكتب الاقتراع وقد اصطحب بعضهم معه كراسي من البلاستيك للجلوس. كذلك وقف مراقبون اميركيون ينتظرون امام مكتب الاقتراع. وقالت سميرة (65 عاما) "انني مريضة ولم انو المشاركة في الاقتراع ولكن بعد ما حدث اخيرا قررت ان ادلي بصوتي". وهي تشير بذلك الى المواجهات التي وقعت طوال الاسبوع الماضي بين قوات الشرطة والمتظاهرين في ميدان التحرير بوسط القاهرة واسفرت عن 42 قتيلا واكثر من ثلاثة الاف جريح. واضافت "ظللنا صامتين لمدة ثلاثين عاما اما الان فكفى صمتا". اما مريم (37 عاما)، فقالت ان "انتخابات البرلمان ليست النهاية، انها مجرد بداية، المشاركة في الاقتراع في غاية الاهمية بالنسبة لي بل بالنسبة للبلد كله". وفي حي المعادي، كانت هناك امام مكاتب الاقتراع لجان شعبية شكلتها جماعة الاخوان المسلمين التي تشارك للانتخابات لاول مرة على قوائم حزب رسمي اسسته بعد اسقاط مبارك وهو الحرية والعدالة. وامام احد هذه المكاتب، كانت اللجنة الشعبية للاخوان مكونة من عشرة اشخاص. وقال ابراهيم مصطفى (41 عاما) وهو مدرس للغة العربية في احدى مدارس المنطقة "شكلنا هذه اللجان خوفا من هجوم للبلطجية". وتجري الانتخابات وفقا لنظام مختلط يجمع ما بين القائمة النسبية والدوائر الفردية، اذ يتم انتخاب ثلثي الاعضاء بالقوائم والثلث الاخير بالنظام الفردي. وتجري في الخامس من كانون الاول/ديسمبر الدورة الثانية من المرحلة الاولى على المقاعد التي سيتم انتخابها بنظام الدوائر الفردية. وتنظم المرحلة الثانية في 21 كانون الاول/ديسمبر المقبل اما المرحلة الثانية فتبدأ في 3 كانون الثاني/يناير. وتنتهي الانتخابات التشريعية في 11 كانون الثاني/يناير بعد الدور الثاني لهذه المرحلة الاخيرة. وقام رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي، الذي يتولى فعليا مهام رئيس الجمهورية، بجولة صباح الاثنين في عدو مكاتب اقتراع للتأكد من حسير العملية الانتخابية. وتشير كل التقديرات في مصر الى ان الاخوان المسلمين القوة السياسية الاكثر تنظيما في البلاد، ستفوز باكبر نسبة من المقاعد في البرلمان. كما تشير التقديرات الى ان الاحزاب السلفية، التي نشأت بعد اسقاط مبارك والتي تشارك لاول مرة في الانتخابات في مصر، ستحصل على حصة في البرلمان وان لم يكن باستطاعة احد التكهن بحجمها. وفي الايام الاخيرة، طغت على الحملة الانتخابية المواجهات الدامية في ميدان التحرير بين قوات الامن المصرية والمتظاهرين المناهضين للمجلس العسكري الذي يدير البلاد منذ سقوط مبارك. وفي مشهد يذكر بثورة 25 يناير في بداية العام، يحتل ميدان التحرير متظاهرون يطالبون هذه المرة بتنحي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي. ويؤكد المتظاهرون الذين مايزالون يحتلون الميدان الاثنين انهم لا يرون اي جدوى للانتخابات ولا يعتقدون انها ستؤدي الى تخلي المجلس العسكري عن السلطة. من هؤلاء عبد المنعم ابراهيم عضو حركة شباب 6 ابريل المطالبة بالديموقراطية والذي يقوم بهذه الصفة بدور مراقب في لجنة تصويت قريبة من الميدان لكنه يؤكد انه لن يدلي بصوته. ويقول ابراهيم وهو مدرس تاريخ في الثالثة والثلاثين "كنت انوي التصويت لكن ذلك قبل سقوط الشهداء في شارع محمد محمود" القريب من التحرير والذي شهد اعنف المواجهات بين المتظاهرين وقوات الامن. ويواجه الاخوان والسلفيون منافسة من اعضاء سابقين في الحزب الوطني الذي كان يترأسه مبارك. وتخوض هذه الانتخابات كذلك الاحزاب الليبرالية واليسارية، التي تجمعت في تحالفين انتخابيين رئيسيين هما "الكتلة المصرية" (ليبرالية) و"الثورة مستمرة". وانتهت عند منتصف ليل الاحد عمليات الاقتراع بالنسبة للمصريين المقيمين في الخارج والتي كانت نسبة المشاركة فيها ضعيفة. وطبقا للارقام الرسمية المعلنة، فان قرابة 350 الف مصري فقط تمكنوا من تسجيل انفسهم للمشاركة في الانتخابات من اجمالي قرابة ثمانية ملايين مصري يقيمون في الخارج. وطبقا للجدول الزمني الذي عمليات الاقتراع لاختيار اعضاء مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) ستعقب انتخاب مجلس الشعب وتبدأ 29 كانون الثاني/يناير لتنتهي في الثاني عشر من اذار/مارس. وسيقوم مجلس الشعب بعد ذلك خلال مهلة لا تتجاوز ستة اشهر باختيار لجنة من 100 عضو لوضع دستور جديد للبلاد على ان تقوم هذه اللجنة بالانتهاء من مهمتها خلال الاشهر الستة التالية. وكان الجيش اعلن ان انتخابات رئاسة الجمهورية ستجرى بعد وضع الدستور الجديد واقراره باستفتاء شعبي الا ان رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي تعهد الاسبوع الماضي بانتخاب الرئيس قبل نهاية حزيران/يونيو المقبل.