دعت فرنسا الأربعاء إلى إقامة ممرٍّ إنساني آمن لحماية المدنيين في سورية، واعتبرت أن المجلس الوطني السوري الانتقالي المعارض شريكا شرعيَّا تود العمل معه. ففي مؤتمر صحفي عقده الأربعاء بعد لقائه مع برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري الانتقالي، قال وزير الخارجية الفرنسي، ألان جوبيه: لقد بحثنا قضية إقامة ممرٍّ آمن في سورية، وسأقترح إدراج الموضوع على جدول أعمال المجلس الأوروبي. وقال جوبيه: إذا كان من الممكن إيجاد بعد إنساني لمنطقة آمنة لحماية المدنيين، فتلك مسألة ينبغي أن يدرسها الاتحاد الأوروبي من ناحية، والجامعة العربية من ناحية أخرى. لكنه استبعد تدخلا عسكريا لإقامة منطقة عازلة في شمال سورية، قائلا إن منطقة آمنة ربما تكون عملية لحماية المدنيين ونقل المساعدة الإنسانية. وتُعتبر تصريحات جوبيه الأولى من نوعها لمسؤول رفيع في دولة غربية كبرى تدعو صراحة لتدخلٍّ دوليٍّ على الأرض منذ تفجر الانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الخامس عشر من شهر مارس/آذار الماضي. كما تُعدُّ أيضا أكبر تأييد دولي حتى الآن للمجلس الانتقالي السوري المعارض الذي يسعى للإطاحة بنظام الأسد. وقد فرضت الدول الغربية حتى الآن عقوبات اقتصادية على سورية، لكنها لم تبدِ حماسة لتدخلٍّ على الأرض في تلك البلاد التي تتقاطر فيها الخطوط الحساسة للصراعات العرقية والطائفية في الشرق الأوسط. إلاَّ أن هذا لا يعني اعترافاً رسمياً بالمجلس، حيث أشار جوبيه إلى أن الاعتراف الرسمي به سيحصل في وقت لاحق . من جهته، دعا غليون إلى تنسيق دولي أفضل لمواجهة نظام يمارس سياسة الهروب إلى الأمام . وأضاف غليون، وهو أستاذ في جامعة السوربون الفرنسية: إن المعارضة ليست موحَّدة في أي من البلدان. ونحن نبحث عن أرضية مشتركة، فقد ناقشنا خريطة طريق أعددناها نحو انتقال ديموقراطي وسلمي لتجنيب سورية الحرب الأهلية والتدخل العسكري الذي يريد الجميع تجنبه . من جهة أخرى، قال متحدث باسم كاترين آشتون، منسِّقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، إن الاتحاد مستعدٌّ للانخراط بحوار مع المجلس الوطني السوري والمجموعات السورية المعارضة الأخرى . لكن المتحدث قال إن على تلك الجماعات أن تحافظ على نهجها السلمي وتنبذ العنف والطائفية. من جهتها، أكدت روسيا، الحليف الأوثق لسورية، تمسكها بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية . وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان عقب مباحثات نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، مع خالد تشوك، مساعد مستشار في وزارة الخارجية التركية، الأربعاء في موسكو إن الجانبين بحثا الوضع في سورية، وذلك ضمن إطار عمل مجموعة التخطيط الاستراتيجي الروسية التركية المشتركة . وأكد بيان الخارجية الروسية على ضرورة تجاوز الأزمات الناشئة من خلال الحل السياسي السلمي، وعلى أساس الحوار، بما يخدم مصالح توطيد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي . من جهته أكد نائب مندوب روسيا الدائم في الأممالمتحدة، سيرغي كاريف، رفض بلاده استغلال مسائل حقوق الإنسان بأي حال من الأحوال كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول ، وذلك في إشارة إلى الأزمة في سورية. وعلَّقت الجامعة العربية عضوية سورية فيها في وقت سابق من الشهر الجاري بسبب ما وصفته ب حملة العنف العسكرية ضد المحتجين ، وهو القرار الذي يمثل أهم علامات العزلة الدولية للأسد. وتعقد الجامعة الخميس اجتماعا في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية لدراسة الخطوة التالية التي ستتخذها حيال الوضع في سورية، وذلك في ضوء طلب دمشق مؤخرا إدخال تعديلات على مشروع بروتوكل لإرسال بعثة مراقبين عربية إلى سورية. وكان الرئيس التركي عبد الله غول قد حذَّر الأربعاء من أن حملة العنف التي يمارسها النظام ضد الانتفاضة في سورية تهدِّد بجرِّ العالم الإسلامي إلى عصور الظلام والعصور الوسطى . وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد وصف الرئيس السوري الثلاثاء الماضي ب الجبن بسبب ما قاله إنه توجيهه السلاح إلى شعبه . وتعكس هذه اللهجة القوية للتصريحات الرغبة الدولية في الحيلولة دون انزلاق واحدة من الدول الرئيسية في الشرق الأوسط إلى دوامة الحرب الأهلية.