دمشق : رغم الجهود الدبلوماسية والضغوط العربية والدولية على سوريا لإيجاد مخرق للمأزق السياسي الحاد الذي تشهده البلاد منذ أكثر من تسعة أشهر ، الا أن الرئيس بشار الأسد يواصل عناده فيما تواصل شبيحته قتل المحتجين ومعارضي النظام . ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة اليوم الخميس لدراسة الخطوة التالية التي ستتخذها حيال الوضع في سوريا .
ونقلت وكالة "اسوشيتد برس" عن مصدر دبلوماسي مطلع قوله إنه من المتوقع أن يناقش الاجتماع فرض عقوبات تشمل حظر سفر مسؤولين سوريين، وتجميد الأصول البنكية والمشاريع العربية في سورية.
كما سيناقش وزراء الخارجية الخطوات التالية الواجب اتخاذها بعد رفض الجامعة العربية التعديلات التي طلبت دمشق ادخالها على مشروع البروتوكول المتعلق بمركز ومهام المراقبين لانها "تمس جوهر الوثيقة" و"تغير جذريا طبيعة مهمة البعثة"، بحسب ما اعلنت الامانة العامة للجامعة العربية.
وعرض الوزراء في البروتوكول ارسال 500 مراقب ينتمون الى منظمات عربية للدفاع عن حقوق الانسان ووسائل اعلام اضافة الى مراقبين عسكريين، الى سورية للتأكد من حماية المدنيين في المناطق التي تشهد مواجهات.
من جهتها حثت الجزائر القيادة السورية على توقيع البروتوكول الخاص بإرسال مراقبين عرب إلى سورية للحفاظ على فرص إيجاد "حلول عربية عربية، وبالتالي تفاديا لتدويل الأزمة". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني "إن الجزائر تعرب عشية انعقاد اجتماع حاسم لمجلس وزراء الخارجية العرب عن رغبتها الملحة في أن تعطي السلطات السورية موافقتها وتوقع على البروتوكول المتعلق بإرسال ملاحظين عرب إلى سورية من اجل الحفاظ على فرص حل عربي عربي.. وبالتالي تفادي تدويل الأزمة".
وأضاف بلاني أن "المبادرة العربية جيدة بما أن تنفيذها السريع سيسمح بإنقاذ أرواح بشرية والتأكيد على مشروعية الخطة العربية للخروج من الأزمة"، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية ممر آمن وعلى الصعيد الدولي ، دعت فرنسا الأربعاء إلى إقامة "ممرٍّ إنساني آمن لحماية المدنيين" في سورية، واعتبرت أن المجلس الوطني السوري الانتقالي المعارض "شريكا شرعيَّا" تود العمل معه.
ففي مؤتمر صحفي عقده الأربعاء بعد لقائه مع برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري الانتقالي، قال وزير الخارجية الفرنسي، ألان جوبيه: "لقد بحثنا قضية إقامة ممرٍّ آمن في سورية، وسأقترح إدراج الموضوع على جدول أعمال المجلس الأوروبي.
وقال جوبيه: "إذا كان من الممكن إيجاد بعد إنساني لمنطقة آمنة لحماية المدنيين، فتلك مسألة ينبغي أن يدرسها الاتحاد الأوروبي من ناحية، والجامعة العربية من ناحية أخرى."
لكنه استبعد تدخلا عسكريا لإقامة "منطقة عازلة" في شمال سورية، قائلا إن "منطقة آمنة" ربما تكون عملية لحماية المدنيين ونقل المساعدة الإنسانية.
وتُعتبر تصريحات جوبيه الأولى من نوعها لمسؤول رفيع في دولة غربية كبرى تدعو صراحة لتدخلٍّ دوليٍّ على الأرض منذ تفجر الانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الخامس عشر من شهر مارس/آذار الماضي.
كما تُعدُّ أيضا أكبر تأييد دولي حتى الآن للمجلس الانتقالي السوري المعارض الذي يسعى للإطاحة بنظام الأسد.
وقد فرضت الدول الغربية حتى الآن عقوبات اقتصادية على سورية، لكنها لم تبدِ حماسة لتدخلٍّ على الأرض في تلك البلاد التي تتقاطر فيها الخطوط الحساسة للصراعات العرقية والطائفية في الشرق الأوسط. من جهته، دعا غليون إلى "تنسيق دولي أفضل لمواجهة نظام يمارس سياسة الهروب إلى الأمام".
وأضاف غليون، وهو أستاذ في جامعة السوربون الفرنسية: "إن المعارضة ليست موحَّدة في أي من البلدان. ونحن نبحث عن أرضية مشتركة، فقد ناقشنا خريطة طريق أعددناها نحو انتقال ديموقراطي وسلمي لتجنيب سورية الحرب الأهلية والتدخل العسكري الذي يريد الجميع تجنبه".
من جهة أخرى، قال متحدث باسم كاترين آشتون، منسِّقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، "إن الاتحاد مستعدٌّ للانخراط بحوار مع المجلس الوطني السوري والمجموعات السورية المعارضة الأخرى".
لكن المتحدث قال إن "على تلك الجماعات أن تحافظ على نهجها السلمي وتنبذ العنف والطائفية."
معارضة روسية
واستنادا لمو قف المعارض الدائم لاتخاذ للمارسة اي ضغوط على نظام الأسد ، أكدت روسيا، الحليف الأوثق لسورية، تمسكها بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي، "بما في ذلك احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان عقب مباحثات نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، مع خالد تشوك، مساعد مستشار في وزارة الخارجية التركية، الأربعاء في موسكو إن الجانبين بحثا الوضع في سورية، وذلك ضمن إطار عمل مجموعة التخطيط الاستراتيجي الروسية التركية المشتركة".
وأكد بيان الخارجية الروسية على "ضرورة تجاوز الأزمات الناشئة من خلال الحل السياسي السلمي، وعلى أساس الحوار، بما يخدم مصالح توطيد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي".
من جهته أكد نائب مندوب روسيا الدائم في الأممالمتحدة، سيرغي كاريف، رفض بلاده استغلال مسائل حقوق الإنسان بأي حال من الأحوال كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول"، وذلك في إشارة إلى الأزمة في سورية.
وكان الرئيس التركي عبد الله غول قد حذَّر الأربعاء من أن "حملة العنف التي يمارسها النظام ضد الانتفاضة في سورية تهدِّد بجرِّ العالم الإسلامي إلى عصور الظلام والعصور الوسطى".
وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد وصف الرئيس السوري الثلاثاء الماضي ب "الجبن" بسبب ما قاله إنه "توجيهه السلاح إلى شعبه".
وتعكس هذه اللهجة القوية للتصريحات الرغبة الدولية في الحيلولة دون انزلاق واحدة من الدول الرئيسية في الشرق الأوسط إلى دوامة الحرب الأهلية
وميدانيا، اعلن ناشطون سوريون مقتل ما لايقل عن 15 شخصا برصاص الأمن السوري الاربعاء.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية سقط برصاص الأمن امس الأربعاء شهيدان في حيالين، في ريف حماة وسط وشهيدان في حي البياضة في مدينة حمص وسط.
وقال عبد الرحمن ان حصيلة قتلى الثلاثاء برصاص قوات الأمن السورية ارتفعت إلى 38 قتيلا الأربعاء بعد وفاة شاب متأثرا بجروح أصيب بها في الحارة في محافظة درعا جنوب، مشيرا إلى أن من بين القتلى 29 مدنيا وخمسة عسكريين منشقين.
وتشهد سوريا حركة احتجاجية غير مسبوقة منذ منتصف مارس/آذار الماضي أسفر قمعها عن سقوط أكثر من 3500 قتيل، وفقا لآخر حصيلة نشرتها الأممالمتحدة في 8 نوفمبر/تشرين الثاني. وتتهم السلطات السورية "عصابات إرهابية مسلحة" بارتكاب أعمال عنف في البلاد.