في محاضرة لافتة للنظر من المتوقع ان تثير التوتر في المنطقة حول الملف النووي الايراني وابعاده الاقليمي، مدير الاستخبارات السعودية السابق والسفير السابق في واشنطن، وهاجم فيها ايران وانتقد طريقة معالجة النظام السوري للازمة، وقال ان الاسد سيتمسك بالسلطة حتى قتل اخر سوري، وحذر من انه في حالة اقتراب ايران لانتاج قنبلتها النووية فان السعودية ستجد نفسها مجبرة على الشروع باتخاذ خطوات دراماتيكية، وقال موجها تحذيراته لدول الناتو ان وجود برنامج مثل هذا 'سيجبر السعودية لانتهاج سياسات قد تؤدي الى اثار غير محسوبة وعواقب مثيرة'. وكان حادا في وصفه ايران بانها 'نمر من ورق بمخالب فولاذية'. وكان يتحدث امام جمع مكون من عسكريين امريكيين وبريطانيين بعيدا عن الاعلام، وذلك في قاعدة مولزوورث في كامبريدج شاير (في 8 حزيران (يونيو) حيث اختار موضوعاً الامن القومي السعودي تيمة رئيسية للخطاب 'عقيدة الامن القومي السعودية في العقد القادم'. ومع انه لم يوضح طبيعة هذه الاجراءات، لكن مسؤولين في الرياض مقربين من الامير قالوا ان الرسالة واضحة. ونقلت صحيفة 'الغارديان' عن مسؤول سعودي قوله 'ببساطة، لا يمكننا العيش مع وضع تملك فيه ايران اسلحة نووية ونحن لا نملك'. واضاف المسؤول انه في حالة 'طورت ايران قنبلة نووية فهذا لن يكون مقبولا لنا وسنفعل مثلهم'. ولكن مسؤولين سعوديين قالوا ان الرياض ستتردد في الدفع باتجاه تطوير برنامجها النووي للاغراض المدنية مع ان الامير تركي الفيصل اكد ان المشاريع النووية للاغراض السلمية هي من حق جميع الامم. والقاعدة العسكرية التي كان يتحدث فيها الامير تستخدمها قوات الناتو لجمع المعلومات الاستخباراتية عن الشرق الاوسط ودول حوض البحر المتوسط. وبحسب نص للمحاضرة حصلت عليه 'الغارديان'، فقد وصف الامير تركي ايران بانها نمر ورقي وتقوم 'بالتدخل وقلقلة الاوضاع' في كل المنطقة. واشار الى انه في الوقت الذي تظهر فيه 'ايران حساسية تجاه الدول التي تتدخل في شؤونها فان عليها ان تعامل الاخرين بالطريقة التي تحب ان يعاملوها فيها، والمملكة تتوقع من ايران ان تتصرف بنفس الطريقة التي تتحدث فيها'. ويوصف الامير تركي الذي لا يحمل صفة رسمية في الحكومة السعودية بانه سفير متجول، للسعودية ووزير للخارجية محتمل. وليست هذه هي المرة الاولى التي تصدر فيها تصريحات من العائلة الحاكمة تتعلق بايران، فقد كشفت وثائق ويكيليكس العام الماضي ان الملك عبدالله، تحدث الى مسؤولين امريكيين عام 2008 من انه لو نفذت ايران مشروعها النووي فان 'كل دولة (في المنطقة) ستفعل نفس الشيء بما في ذلك السعودية'. وفي الوقت الذيه حذر فيه الامير من اقدام بلده على تطوير مشروع نووي الا انه جدد الدعوة لشرق اوسط خال من السلاح النووي ويشمل هذا ايران. واكد الامير ان العقوبات على ايران تثمر، ومع ذلك يرى مع الادارة الامريكية ان اية هجوم عسكري على ايران سيكون ذا اثار سلبية. وعن كيفية التأثير على ايران و'عصرها' بدون ضربة عسكرية اقترح الامير ان هذا يتم من خلال التأثير على عوائدها النفطية. حملة سعودية وتقوم السعودية بحملة ضد ايران وما تراه تدخلا في الشؤون الاقليمية وفي الاسابيع القليلة الماضية يقوم دبلوماسيون ومسؤولون سعوديون بحملة واسعة لحشد الدعم الدولي والاقليمي ضد ايران الخائفة من وصول الربيع العربي للايرانيين ولهذا تقوم باستغلاله لكي تؤثر وتتدخل في المنطقة بما في ذلك داخل السعودية. واتهم تركي الفيصل ايران بالتدخل في العراق ولبنان وسورية وفي البحرين التي ارسلت اليها السعودية قوات 'درع الجزيرة' من اجل قمع المظاهرات المطالبة بملكية دستورية. وذهب الامير للقول ان الحكومة الايرانية عاجزة ولن تستطيع السيطرة على الشعب الا من خلال الحفاظ على مستوى من الازدهار الاقتصادي'. ويرى ان مخالب ايران الفولاذية ما هي الا اداة فاعلة للتدخل في شؤون الغير. وقال الامير ان التدخل الايراني في دول المنطقة التي تعيش فيها اقليات شيعية في الكويت ولبنان والبحرين ترك آثارا مدمرة خاصة عندما بدأت تتدخل في اتخاذ القرارات كما في العراق، ومن هنا حذر الامير من انه طالما لم تغير بغداد من سياستها فلن تشطب السعودية الدين العراقي وقيمته 20 مليار دولار امريكي. سورية والتدخل الايراني وعلق الامير على ما يحدث في سورية في نبرة اكثر تشددا من الموقف الرسمي السعودي من نظام بشار الاسد وقال ان 'الاسد سيتشبث بالسلطة حتى اخر سوري'. وواصل الامير القول ان 'خسارة الارواح في الصراع الداخلي الحالي امر يؤسف له، فيما تبدو الحكومة عقيمة في معالجتها للوضع'. وترى السعودية في النظام السوري وكيلا عن ايران في المنطقة، كما رأت في الاحداث التي قال المتظاهرون في البحرين بانها غير 'طائفية' يدا ايرانية، حيث نقلت الصحيفة عن مسؤولين سعوديين قولهما ان ايران هي التي قامت بتحشيد الشيعة في البحرين ضد حكامها السنة. فيما وصف المسؤولون السعوديون حالة الاقلية الشيعية في السعودية بانها غير بعيدة عن تأثيرات الخارج عليها. واتهم مسؤولون في وزارة الداخلية السعودية ايران بتبني استراتيجية القاعدة لاختراق الدول وبناء قواعد تأثير لها. وعن تأثيرات الربيع العربي الخائفة منه السعودية، حيث اتهمت امريكا بالتخلي عن حسني مبارك، الرئيس المصري، واستقبلت زين العابدين بن علي، الرئيس التونسي، وتقدم العلاج للرئيس اليمني، قال المسؤولون ان السعودية لا تريد رؤية تظاهرات ولكنها ليست راغبة في القتل وارتكاب مذابح. وحذر الامير تركي من خطر القاعدة التي قال انها كانت قادرة على بناء قواعد لها داخل المناطق القبلية في اليمن. وعن الاتهامات التي توجه للسعودية بانها تصدر التطرف للعالم اكد الامير تركي ان 'الاسلام يجب ان يلعب دورا رئيسيا ولكن دورا في التطوير وفي كل المجالات'. وقال ان 'الرقابة المشددة' منعت من اساءة استخدام المال المجموع لاغراض خيرية. ولاحظ الامير ان السعودية تواجه مشاكل داخلية بسبب شباب سكانها، حيث تعتبر نسبة 75 بالمئة من السكان ممن هم تحت الثلاثين من العمر. وبحسب الصحيفة ونقلا عن محللين فان تصريحات الامير تركي حول مخاطر السلاح النووي القادمة من ايران تهدف بالدرجة الاولى لتركيز انتباه العالم الغربي على المخاوف السعودية من ايران، ولا تحمل بالضرورة اي نوايا حقيقية من السعودي للشروع في برنامج نووي. وتعكس المحاضرة المخاوف السعودية من اثار الربيع العربي عليها فمع ان الامير اكد ان بلده ليس لديها ما تخفيه الا ان حكامها لا يستطيعون اخفاء قلقهم. فقد وضعتهم الاحداث امام تحديات مختلفة، منها الحفاظ على وجودهم، والاستقرار الداخلي من الفوضى التي تمنح كل الجماعات المعادية والانظمة خاصة ايران بالتدخل في شؤون الغير. وتصريحات الامير تركي ليست استثناء فقد عبر الامير نايف، وزير الداخلية في تصريحات لصحيفة سعودية عن طبيعة هذه المخاوف واشار الى ان الملك وولي عهده والحكومة لا يمكنهم تجاهل الوضع العربي وحذر من امكانية لتدخل اطراف كي تطيل امد الفوضى والقتل بين ابناء الامة العربية. ويرى السعوديون ان الصراع الدائر في منطقة الخليج هو صراع ايديولوجي. ومن هنا يأتي دور المال. المال في خدمة السياسة الخارجية ويكشف حديث الامير عن المدى الذي ذهبت فيه السعودية لاستخدام المال والثروة النفطية لدعم سياستها الخارجية، ففي لبنان وحده ومن اجل مواجهة التأثير السوري وحزب الله ودعم حلفاء الرياض انفق السعوديون 2.5 مليار دولار امريكي منذ عام 2006. وقال ان هناك مليارات اخرى ستصل للفلسطينيين اما مباشرة او عن طريق السلطة الوطنية، وهناك منحة غير مشروطة وارصدة للنظام الجديد في مصر بقيمة اربعة مليارات دولار حيث قال ان المنح السعودية تختلف عن المنح المشروطة التي وعد الاتحاد الاوروبي نظام ما بعد الثورة بتقديمها، ويرى في الموقف السعودي تباينا في القيم. ويرى الامير ان الهدف من هذه الانفاقات التي لا تشكل الا نسبة ضئيلة من الاحتياطي المالي السعودي 550 مليار دولار هو حماية السعودية والسعوديين من المخاطر التي تشكلها الدول التي تخلصت من حكامها. وترى 'الغارديان' نقلا عن محلل قوله ان السعودية تعترف بعدم قدرتها على وقف الربيع العربي ولهذا تقوم بالتكيف معه. ومع انها رحبت ببن علي ووضعته في فيلا فارهة وتعالج علي عبدالله صالح في مستشفى راق، الا ان السعودية لم تواجه عداء واضحا من الانظمة الجديدة. ومن بين مظاهر القلق لامنها يظل اليمن لان استقراره يعني استقرار السعودية وهو ما عبر عنه الامير تركي عندما اشار الى اختراق القاعدة للقبائل. الدين والسياسة ومع ان الامير تركي اكد ان الدين يجب ان يلعب دورا بنيويا وان هناك رقابة شديدة على تبرعات الجمعيات الخيرية الا ان المملكة تعتقد ان لها دورا مهما في نشر الاسلام، فقد قال الامير ان لقب خادم الحرمين الشريفين الذي اصبح جزءا من اسم الملك منذ عام 1986 يمنح السعودية دورا قياديا. ولكن السعودية واجهت اتهامات بانها مصدر تصدير التطرف الديني، عبر جمعيات خيرية ودعاة. وتشير الغارديان الى الدور السعودي في باكستان، حيث تقول انه يبدأ من قمة منارة مسجد فيصل في اسلام اباد الى غرف صناعة القرار الباكستانية. وتلعب السعودية دور مطفئ الحرائق في باكستان، ففي عام 2007 عندما تم احتلال المسجد الاحمر في اسلام اباد تمت الاستعانة بالسفير السعودي كي يتوسط. ولكن التأثير السعودي مصدر قلق للغرب حيث يشك مسؤولون بوصول الدعم المالي السعودي الى منظمات متطرفة مثل لاشكر طيبة، بل يتهم مسؤولون منظمة الاغاثة الاسلامية المدعومة من الحكومة بارسال اموال لدعم المتطرفين، ولكن هذه الاتهامات نفتها مؤسسات خيرية تتلقى الدعم من السعودية حيث تنقل عن مدرسة ايتام قولها ان الهدف الاساسي هو التعليم، فيما يتهم علمانيون باكستانيون السعودية بانها وراء كل التطرف، حيث يعارض احدهم وهو برفيز هودبوي ما يراه 'سعودة' الحياة في باكستان. ويدافع مسؤولون في الهيئات الخيرية عن عملهم في خارج السعودية بقولهم ان عملهم لا يتعلق بالسياسة فقط بل يقوم على احترام رغبات السكان التي يعملون فيها ولا يتدخلون في السياسة المحلية، مؤكدين على ان عملهم مركز على الدعم الخيري. ومع ان السعودية بنت الاف المدارس الدينية في باكستان الا ان التبرعات داخل السعودية قلت وتسيطر الدولة الان على عملية جمع التبرعات. وفي لقاء مع طلاب للدين في مسجد في الرياض اكد الشباب انهم يريدون السفر للخارج كي يساعدوا في تصحيح فهم المسلمين لدينهم وتحسين صورة بلدهم في الخارج.