لا يحتاج تاريخ مصر العريق الممتد لسبعة آلاف عام فى عمق الزمن إلى شاهد على عظمته فآثارها الخالدة الباقية على مر الزمن وتاريخها المسجل فى الكتب السماوية المقدسة وكتابات المؤرخين عبر العصور شواهد لا تقبل الطعن فى إثبات عبقرية هذا الشعب وقدراته وعبقرية المكان والمناخ الذى تتمتع به هذه البقعة من أرض الله وحين يأتى مثقف مستنير الفكر فصيح اللفظ قارئ جيد لتاريخ مصر مدرك لعظمة شعبها وقدراته فى وقت تمر فيه مصر بأزمة عارضة تتصل فى جذورها بالهوية المصرية فيعيد على مسامع المصريين تاريخهم المجيد وعطائهم الفذ للحضارة البشرية فى كل مجالات العلم والتقدم والتنوير ويؤكد على دور الشعب المصرى فى الدفاع عن أديان السماء المنزلة ومعرفته المبكرة بوحدانية الخالق جل وعلا وإسهامه الإنسانى المجيد فى حماية ومواصلة الجيران والإخوة فى العقيدة والجوار واللغة والثقافة بل إخوته فى الإنسانية فعلينا أن نتوجه بالعرفان والشكر لمثل هذا الرجل المثقف المستنير،فقد أبعدتنا الأزمة التى نعيشها فى الأعوام الأربعين الأخيرة عن الإحساس بعظمتنا وقدراتنا وتاريخنا وتراثنا ونحتاج حقا إلى لسان محايد ليذكرنا بكل ذلك المجد ويؤكد لنا أننا نملك القدرة على استعادة دورنا الرائد فى منطقتنا وفى العالم وإسهامنا العبقرى فى تطور الحضارة الإنسانية أليست مصر هى أول من عرف الكتابة التى نقلت الإنسانية إلى مرحلة توثيق المعارف والعلوم ونقلها عبر الأجيال ، أليست مصر هى من أهدت العرب أمهم " هاجر " أم إسماعيل عليه السلام الجد الأعلى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!، أليست مصر وسحرتها هم أول من آمن بموسى عليه السلام الذى تربى ونشأ وتعلم على أرضها ومن قبله رفعت يوسف عليه السلام إلى أمانة خزائن الأرض ؟!، أليست مصر الملاذ الآمن الذى لجأ إليه المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وأمه حتى انتهى الخطر الذى تهدده أليست مصر الحامية والمدافعة عن الإسلام حين تعرض لأعظم خطرين فى تاريخه " الصليبيون والمغول " ؟! أليست مصر كنانة الله فى أرضه التى ورد اسمها فى القرآن الكريم خمس مرات ؟! أليست مصر التى أطعمت جيرانها فى الشدائد منذ يوسف عليه السلام إلى عام الرمادة فى عصر عمر بن الخطاب إلى غلال الحرمين التى كانت تشحن منها إلى المسجد الحرام ومدينة الرسول حتى نهاية الثلث الأول من القرن الماضى ؟! أليست مصر التى حملت على عاتقها قضايا العرب والمسلمين فى العصر الحديث واستشهد من أبنائها مئات الألوف فى سبيل العروبة والإسلام ، ومن قبل قدمت الآلاف شهداء فى سبيل العقيدتين المسيحية والإسلامية ، فإذا جاء الشيخ العريفى – أثابه الله – ليذكرنا بذلك فإن ذكريات الأمجاد تعيد للشعوب الثقة بقدراتها على اجتياز ما يمتحنها الله به من أزمات وخاصة إذا جاءت بلسان غيرها وإقراره واعترافه بهذه الأمجاد التى تملك أى أمة على ظهر الأرض بعضا منها ؟؛ إن محاولة تشوية العريفى ونقده واصطياد بعض ألفاظه وتأويلها على غير مقصوده عمل لايمكن أن يوصف بالوطنية أو الذكاء أو الغيرة على الوطن ، وإنما يدخل فى باب المكابرة وسوء النية بل وسوء الخلق أيضا . فمصر التى كانت أول من آمن بديانات السماء وضحت من أجلها جديرة بشهادة العريفى لها والشيخ بهذا التمجيد لمصر والإلمام الجيد بتاريخها له الشكر فالمصريون يعرفون تاريخهم ولكننا مثل كل الشعوب يحتاجون إلى أن يحدثهم غيرهم عن عظمتهم توحيد موسى نحن أول أمة من أجله سقطت لها شهداء أما المسيح فنحن شعب دعاته بدمائنا دانت له الأنحاء وبراية الإسلام أعلت بذلنا أعلامه وعلومه الشماء كنا الوقاء له بساحات الوغى والحافظون لعلمه الأصلاء نعم نحن هذا الشعب الذى عم عطاؤه وفضله البشرية كلها ، واعتراف إخوتنا فى العروبة والإسلام بهذا العطاء فى هذه الظروف التى نمر بها يمثل شعلة ضوء وسط ظلمة ، نعلم ونثق أنها ظلمة مؤقته سوف يعقبها إن شاء الله فجر النور والتقدم والحرية الذى تستعيد فيه مصر ريادتها وحضارتها وأمجادها .