الدستور هو الوثيقة الأساسية التى تحدد فى دولة ما حدودها الجغرافية وإنتماءها التاريخى وحقوق مواطنيها وواجباتهم التى ينبغى أن يلتزموا بها بحيث لا يمكن أن تغفل حقا لأى فئة من مواطنيها مهما صغر عددهم أو تعفى فئة من وجب يفرض على فئة أخرى مهما زاد عددها. وهناك مقولة شهيرة تقول : توضع الدساتير لضمان حقوق الأقليات فالأغلبية تأخذ حقوقها بكثرتها دون حاجة إلى نص دستورى. ومن أحدث الدساتير التى تصاغ هذه الأيام الدستور التركى الذى وضعته لجنة مكونه من إثنى عشر عضوا يمثلون الأحزاب الأربعة الكبرى فى البرلمان التركى ثلاثة أعضاء من كل حزب بصرف النظر عن عدد نوابه فى البرلمان والإستعانة بمجموعة من المستشارين والفقهاء الدستوريين الأتراك والأجانب كان منهم الفقيه الدستورى المصرى العالمى الدكتور إبراهيم درويش , ولم يحاول أى حزب أن يفرض أيديولوجيته أو رؤيته السياسية على نصوص الدستور. فلو كان هناك مواطن تركى واحد مختلف فى العقيدة أو العرق عن بقية الشعب التركى لوضع له نص يضمن له حقوقه المتساوية مع بقية الشعب ولا يفرض عليه نص يخالف معتقده أو إنتماءه أو يحرمه من أن يمارس إختلافه بحرية كاملة تحترم حرية الآخرين. هكذا توضع الدساتير للأمم التى تريد النهوض والتقدم وإستثمار طاقات كل مواطنيها مساوية بينهم فى الحقوق والواجبات والحريات دون تمييز بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو العرق ودون فرض رؤية ورأى فئة مهما بلغت أغلبيتها على فئات أخرى مهما قل عددها . ولست فى حاجة إلى القول بأن ما تحاول لجنة من مائة عضو تسمى بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور فى مصر وضعه لا يمكن أن يكون دستورا لدولة فمسودتهم تصلح أن تكون لائحة داخلية لجمعية أو برنامجا إنتخابيا لحزب وليس دستورا لدولة عريقة الحضارة متنوعة الرؤى متعددة الآراء مثل مصر العظيمة التى أهدت الدنيا العلم والفن والحضارة والفكر وتستحق دستورا تباهى به لأمم لا دستورا فئويا يجمدها فى قالب لا فكاك منه. دعوا الدين للديان سبحانه واجعلوا الدستور للوطن بكل من فيه وما فيه رحمكم الله.