كتب: خياط خليفة رحلت عن عالمنا صباح اليوم الأحد، الفنانة القديرة رجاء الجداوي، بعد رحلة معاناة مع فيروس كورونا المستجد امتدت ل 43 يومًا، حيث شهدت الساعات الأخيرة من حياتها انخفاضًا في نسبة الأكسجين في الدم نتيجة وجود جلطات بالرئة، ما تسبَّب في توقف عضلة القلب تمامًا، وحدوث الوفاة. الفنانة الراحلة رجاء الجداوي واحدة من نجمات الزمن الجميل، وقد بدأت رحلتها مع عالم الشهرة والأضواء كعارضة أزياء، محقِّقة نجاحًا باهرًا في هذا المجال، حتى أصبحت عارضة مصر الأولى، إلى أن اعتزلت عرض الأزياء في الثمانينيات لتولي عملها بالفن كل تركيزها واهتمامها. وطوال رحلة حياتها التي امتدت 82 عاما، عاشت الفنانة الراحلة حكايات ومواقف عديدة أثرت بشكل كبير على شخصيتها ومسيرتها، فأسعدتها وأضحكتها أحيانًا، وأحزنتها وأبكتها أحيانًا أخرى. انفصال والديها.. ووفاة أبيها كشفت الفنانة الكبيرة في مقابلة تلفزيونية سابقة، كيف مكَّنتها الصدفة من حضور وفاة والدها الذي انفصل عن والدتها وهي بعمر 3 سنوات، مؤكدة أنها على الرغم من التقائها بوالدها مرارًا، إلا أنها لم تكن تشعر تجاهه بعاطفة الابنة تجاه أبيها، ولكن ذلك تغير تمامًا إثر تلقيها خبر وفاته أثناء تقديمها لأحد العروض المسرحية، بحسب موقع CCN بالعربية. وأوضحت "الجداوي" أنها حينما ذهبت مع إخوتها لتقديم واجب العزاء، فوجئت بأن أبيها حي يرزق، وما زال على قيد الحياة، مشيرة إلى أن والدها طلب مسامحتها هي وأشقائها عن ما اقترفه من خطأ بحق والدتهم، وأصر على بقائهم لتناول الغذاء مع إخوتهم غير الأشقاء، ثم ذهب لأخذ قيلولة، ومات في نفس اليوم في حضور كل أبنائه. واعتبرت رجاء أن والدها "رجل هايل" على حد تعبيرها؛ حيث أتاح له القدر أن يفارق الدنيا بعد مسامحتها هي وإخوتها له قبل ساعات من رحيله. وفي تصريحات سابقة لها قالت "الجداوي": "انفصل والدي عن والدتي ونحن أطفال صغار عندما كان عمري أربعة أعوام فقط، ورغم الانفصال ظلت علاقتنا به طيبة. والدتي كانت سيدة عظيمة تفرغت لتربيتنا حتى حضرت للقاهرة أنا وأخي الأكبر (فاروق) لمنزل خالتنا تحية التي تولت تربيتنا، وأصرت خالتي على إلحاقي بمدرسة أجنبية هي مدرسة (الفرنسيسكان) التي لم يكن يلتحق بها سوى علية القوم". من حياة الترف لموظفة كراج تخلَّت الفنانة رجاء الجداوي، وهي في السادسة عشرة من عمرها، عن حياة الترف التي اعتادت عليها أثناء العيش مع خالتها النجمة تحية كاريوكا؛ وذلك للوقوف إلى جانب والدتها ومساندتها في محنتها، بعد صدور قرارات التأميم في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وفقد أمها مصدر رزقها. وكان من تبِعات هذا القرار أن تركت "الجداوي" دراستها في مدرستها الداخلية التي حققت فيها المركز السادس على مستوى الجمهورية، وكانت مؤهلة للفوز بمنحة لإكمال دراستها في فرنسا. وهكذا، تبدَّل الحال ب "الجداوي"، ما دفعها للبحث عن عمل؛ فلجأت إلى أحد أصدقاء خالتها تحية، والذي ساعدها بدوره في العمل كمحاسبة في "كراج" شركة نقل. تكليف عبد الناصر بدأت رجاء الجداوي وهي ابنة 20 ربيعًا رحلتها مع عالم الموضة والأزياء عام 1958، بعد فوزها بلقب ملكة جمال القطن المصري. وخلال تكريمها في مهرجان سينما المرأة، كشف "الجداوي" أنها بعد 3 سنوات من حصد لقب ملكة القطن المصري، بدأت رحلتها مع عالم الموضة والأزياء، حيث وقفت أمام الجمهور لأول مرة في عرض أزياء عام 1961. وقالت الفنانة الراحلة أثناء تكريمها في مدريد، في مارس 2019، على هامش مهرجان الموضة العربي الإسباني، إن الرئيس جمال عبد الناصر كلفها بالإشراف على إخراج جيل جديد من عارضيات الأزياء، رغبة منه ألَّا يمثل مصر بالمسابقات الدولية إلا العارضات المصريات. نفذت "الجداوي" تكليف عبد الناصر، وفي عام 1969 مثلت بفريقها الذي أشرفت على تكوينه مصر في الخارج، وجابت به العالم لتقديم عروض أزياء مصرية مميزة. النزول عن عرش عرض الأزياء كانت الراحلة رجاء الجداوي ملكة متوجة على عرش عروض الأزياء في مصر، حيث عملت بهذا المجال لمدة 24 عامًا، وأصبحت عارضة مصر الأولى، إلى أن اعتزلت المجال بسبب أحد العروض التي أقامتها السيدة جيهان السادات، حرم الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات. وكشفت "الجداوي" عن سببب اعتزالها موضحة أنها وقتها كان لديها ورم في الغدة الدرقية أدى إلى زيادة وزنها، وعند ارتدائها الفستان لعرضه، نصحها المصمم بعدم الظهور على هذا النحو قائلًا: "مفيش هوا بين جسمك والقماش"، فقررت على الفور الاعتزال. وفي حوار مع "المصري اليوم"، قالت الفنانة رجاء الجداوي: اعتزلت عرض الأزياء عام 1986 بعد إصابتي بالغدة الدرقية وزيادة وزني، وكنت أقول وقتها إنني طُلِّقت من الرجل الذي أحبه رغم أنفي وكنت أقصد عرض الأزياء". عندما أبكتها إشادة السيسي في ديسمبر 2018، خلال مشاركتها في فاعليات احتفالية اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، تحت شعار "قادرون بإختلاف"، قامت الفنانة رجاء الجداوي بإلقاء كلمة قدمت من خلالها الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، فأبكت الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما قالت: "أنا مش جاية عرض الأزياء، لكني جاية أبلغ شبابنا ذوي الهمم، إن سيادتك بتحبهم أوي أوي، ومصر كلها بتحبهم أوي، عايزين كلنا نقف جنبهم ونحتويهم، ونأكدلهم أن قدراتهم لا تقل عن قدرات الشخص الطبيعي إطلاقًا". وفي كلمتها أكدت "الجداوي" أن القدرات الخاصة لدي البشر جميعًا تتفاوت بصورة نسبية بين الشخص والاَخر، مشيرة إلى أنه لولا هذا التفاوت، ما كان ليتحقق الإبداع والتنافس بين البعض والآخر. وما كان من الرئيس السيسي إلا أن أشاد بالفنانة القديرة معبرا عن إعجابه بأناقتها قائلًا: "ربنا يديكي الصحة ويكرمك، وتفضلى طول عمرك شيك جدًّا في كل شيء، وليس الملبس فقط". كلمات السيسي أثرت بشدة في "الجداوي"، فأعربت عن سعادتها البالغة بإشادة الرئيس، ودخلت في نوبة بكاء فرحًا بثنائه عليها، معتبرة أن كلماته وإشادته بمثابة أعلى وسام بالنسبة لها.