عرفناه على شاشة التليفزيون المصري, هادي ومثقف, و ديما بيقول لنا معلومة جديدة, من كتر اهتمامة بالثقافة بجد, أنشأ بيت الشاعر في القاهرة الفاطمية, عشان يوصل الفكرة من وسط مناخ ثري بكل حاجة, لما علمنا حوارنا معاه كان رئيس قناة النيل الثقافية, بس وشنا كان حلو عليه, وبعديها على طول بقى نائب رئيس التليفزيون, ورئيس الفضائية المصرية.. نسيبكم بقى مع الأستاذ"جمال الشاعر" أو زي مابيسموه"جمال الشارع" حضرتك ليك دوما طلة محترمة مميزة وممتعة على الشاشة الحمد لله, كلامك ده بيسعدني جدا, إنت عارف إن جوته الفيلسوف الألماني قال "أعظم إنجاز حققته في حياتي هو صناعة شخصيتي" هل الكتابة بقت بالأقدمية؟ مفيش في الإبداع أقدمية، فيه كاتب موهوب بس، لكن للأسف، على الرغم من توحيدنا بالله، لسه بنعبد الأصنام الفكرية، والثقافة عندنا في الأسماء الكبيرة التاريخية فقط، لكن أنا مبسوط لأن الجيل ده كويس ووقته هييجي. ليه برامج حضرتك مرتبطة دايما بالشارع والناس؟ الناس اللي بتتكلم معايا في الشارع، عاملين زي هيئة المحلفين في المحاكمات الأجنبية، بتطلع منهم الحكمة العفوية، عشان كده أنا شوارعجي وبحب الشارع، وبعض أصدقائي بيسموني "جمال الشارع"! كتاب حضرتك الأخير "اعمل عبيط" دعوة للتطنيش؟ "اعمل عبيط"، قراءة في تحولات الشخصية المصرية والواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، واستفزاز للعقل عشان يفكر ويتأمل ويشارك، مش يغضب وينسحب وخلاص، والعنوان خادع ومستفز؛ لأني لقيت معظم الناس بيتعاملوا مع المسألة بمنطق إن مفيش فايدة. طب ليه أغلب الشباب لسه عامل عبيط؟ لأنه يائس، وما عندوش مشروع، شايف الموضوع hopeless case، ده جيل عنده طاقة وذكاء، ومش محتاج غير فرصة، لما يلاقي الدنيا مقفلة قدامه، يا يعمل عبيط، يا يهرب للموت على سواحل إيطاليا، لأن أخطر حاجة إنك تحرم حد من الأمل! طب ونعمل إيه لما نتعرض - كشباب- للهجوم والنقد السلبي؟ تاخد فيتامين "س" يقوي جهاز المناعة شويّة، ومش أي حد يقول لنا حاجة زفت، نعتبرها نهاية العالم، لأ، نتعلم منها، وكل دي خبرات, في حكاية عن واحد راح لعرافة قرأت له الفنجان, وقالت له "عندي ليك خبر حلو وخبر وحش" قال لها "ابدأي بالوحش" قالت له "هتقابل 10 سنين زفت, والحلو انك مش هتبقى زعلان بعد كده لأنك هتكون اتعودت" وخلوا بالكم كل ما تكبروا هتنضربوا أكتر. حضرتك اتكلمت في الكتاب عن أرض مطار إمبابة أرض مطار إمبابة 200 فدان، قالوا إنها محتاجة 4 مليار عشان تتجمل، ويتعمل مدارس ومستشفيات، فقرروا يبيعوا 70 فدان لرجال أعمال، عشان يبنوا أبراج سكنية، وبالفلوس يبنوا 40 مدرسة و3 مستشفيات، لخدمة منطقة إمبابة، لكن هل منطقة إمبابة تتحمل "أبراج" على 70 فدان، و40 مدرسة؟! وبالنسبة لمستشفى سرطان الأطفال؟ جالي واحد ابنه عنده 3 سنين، وبيتعالج في معهد الأورام، والعلاج ما جبش نتيجة، راح مستشفى 57357 قالوا له لأ، ابنك مريض قديم وإحنا عايزين مريض جديد!! المستشفى جمعت مليار و100 مليون، عملوا الكورة اللي في مدخل المستشفى ب3 مليون، و3 أشرعة، كل شراع بمليون، يبقى 6 مليون، ممكن يعالجوا 200 مريض، وكراسي الانتظار فيها، الكرسي ب10 آلاف دولار، طب قعدني على كرسي حمام وعالجني! والمدير هناك بيبقض 70 ألف، والطبيب 40 ألف، وده في مشروع خيري في دولة فقيرة، والمفاجأة إن 25% من التبرعات، بتروح لوكالة الإعلانات، يعني بمليار جنيه مستهدف 180 سرير، اتعمل منهم أقل من 100، بينما معهد القلب اللي فيه 400 سرير، بياخد في السنة 23 مليون، ومستشفى القصر في أسيوط اللي بتخدم الصعيد كله، 35 مليون، ولو شُفنا تجربة الهند، هنلاقي مستشفيات بسيطة جدا، لكن نظيفة، وبتحقق نسب نجاح من 80 – 90%! رأي حضرتك إيه في قضية النقاب؟ طبعا فيه حرية شخصية، لكن ما دام المرأة خرجت للحياة العامة، فلابد أن تكون هويتها واضحة، عند الكعبة في الحرم مش مطلوب غير الوجه والكفين، والنقاب كان للغبار والرمال، وحتى الرجال كان ليهم نقاب، لكن إحنا حياتنا مختلفة. ليه حظيت القضية دي بالاهتمام؟ لو نزلنا القاهرة الفاطمية، هتلاقي الناس هناك ما عندهاش رفاهية هذا الكلام، الناس المهمومة بأكل العيش مش هتهتم بالنقاب أو غيره، والقضية مش نقاب أو حجاب، دي قضية فراغ أو إلهاء، أجندة مفروضة، فيه فراغ سياسي وثقافي وديني، زمان كان عندنا مشاريع قومية زي السد العالي، الاستعمار، إسرائيل، وحاليا مفيش غير كاس العالم! ليه الاهتمام الشديد بالتأهل لكاس العالم؟ لأن نفسنا نفلح في حاجة، ومفيش مباراة قومية أخرى نشتغل عليها، المباراة الوحيدة المتاحة في كرة القدم، لكن زراعة.. صناعة ..مفيش! الحل في تقديم أجندة مغايرة، محدش يجرجرني للعفاريت والأحلام، ده تغييب، فقه العبادات على عيني وراسي لكن لازم نشتغل على فقه المعاملات، إحنا نعمل توعية عن الحجاب والنقاب آه، لكن ما تبقاش دي الأجندة اللي نايمين قايمين عليها!! لكن عندما تكون هناك أجندة مفروضة علينا، لو سكتنا، الناس مش هتسمع غير اللي عايزاه، ولو اتكلمنا هتحصل ضجة يقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم "لا يكن أحدكم إمعة، يقول إذا أحسن الناس أحسنت، وإذا أساؤوا أسأت" فأنا أقول كلمتي من غير ما اتجرجر بسبب شهوة الشهرة، لأ، أسجل موقف وبس. هل حدث تطوير مؤخرا لقناة النيل الثقافية؟ لأ، لأن السياسة التحريرية للإعلام المصري عندها أولويات أخرى، فبتشوف إن الحاجات التانية أهم، ولما يكون فيه فائض، نبص للثقافة، وغالبا ما بيفضلش حاجة! هل الشعب المصري مثقف؟ مثقف طبعاً، أجهل واحد في مصر عنده جينات وراثية لم تكتشف بعد، هحكي لكم موقف حصل معانا في ببيت الشاعر.. كنا جايبين"كورال هامبورج" 50 ولد وبنت بيتعلموا عربي وبيغنوا أغاني شعبية ألمانية وإنجليزية, ونزلنا الشاشة في الشارع وكنا حاطينها على الأرض, والأهالي رغم إنهم عمال وتجار وصنايعية ألا انهم قالوا لنا ليه حاطينها على الأرض هاتوها على العربية عشان الناس تشوف, وكانت واقفة بتتفرج جنبي ست بسيطة اسمها أم هشام بتبيع عيش في كشك على قده , و فجأة سألتني "أروح ألبس فستان؟ هي واقفة في الشارع لكنها حست ان هذا الموقف يستحق ان تلبسله فستان, فماحدش يقول إنه شعب جاهل أبدا. هل أصبحت الكتابة الآن للجميع ؟ دي ظاهرة صحية، ونفسي كل مواطن في مصر يمسك ورقة وقلم ويكتب، لأنه إنسان عنده رؤية وطاقة وتجربة، وده هيخليه إنسان تفاعلي. لكن ممكن الشاب يستمد ثقافته من كتاب واحد قراه وخلاص؟ ده جر الرجل ، المشهيات يعني، وفي العالم كله، فيه فنون مختلفة، فيه شعبان عبد الرحيم وفيه أوبرا، فأنا أسيب كل حاجة تشتغل، إنما أخطر حاجة إن إحنا نبقى أوصياء. لكن دا لما ينسحب على الفن والأعلام هيكون تأثيره المزيد من الانحلال والانحراف زي تأثير اعلانات بعض القنوات الفضائية ابداً لأن لكل فعل رد فعل ، الإعلانات دي طلعت قدامها المنقبات, والمنقبات هيطلعوا جيل الوسط, لازم التنوع ده, والأهم إن المجتمع المدني يشتغل.. في امريكا لما طلعت "جانيت جاكسون" تغني على التليفزيون وقلعت هدومها, في جمعية من جمعيات حماية المستهلك هناك رفعت قضية ودفعتها هي والقناة تعويضات ضخمة, "ماو تسي تونج " بيقول (عندما نفتح الشباك لتجديد هواء الغرفة, لا بد أن يدخل بعض الذباب) فهل الحل إني أقفل الشباك؟ لأ افتح الشباك وأمسك مضرب في إيدي أفضل طبعاً. نشر بمجلة كلمتنا شهر 12 / 2009