من أكتر من سنة كتبت عن فيلم بنتين من مصر وقلت : فكر محمد أمين فتعايش ..فتعمق ..فدرس وحلل ..فأبدع وكتب ليخرج لنا بنتين من مصر " ظللت أردد تلك الخواطر إثر مشاهدتي للعمل السينمائي " لم أكن أعتقد بعد وفاة عاطف الطيب أن يأتي من يدرس ويشرح الواقع على هذا النحو من جديد ولم أكن أعلم أن محمد أمين مؤلف ومخرج الفيلم لديه نفس الهواية التي كان يمتلكها عاطف الطيب ومحمد خان وخيري بشارة وهي هواية التشريح ..تشريح المجتمع ومعرفة علله وأمراضه في محاولة جادة لاستعراض العالم المحيط .. الكلام ده كتبته وأنا مقتنع بيه مليون في الميه لأن ببساطة الفيلم كان بيناقش الواقع المصري بشكل عام من غير لا كسوف ولا دفن راسنا في الرمل ,ورغم أن الموضوع عدى عليه أكتر من سنة الا أني قررت أن أكتب عنه تاني ,لكن الآن بحرية أكبر وبجرأة ممكن أتشتم عليها لكن مش مهم . من حوالي شهر تقريبا كنت في مكان ما مع 2 من أصحابي وجالنا شاب في عمرنا حوالي 23 سنة وهو في حالة نفسية غير طبيعية بسبب أنه وضع في موقف مع بنت جارته فائقة الجمال وإيده لامست إيدها ( فقط ) الشاب ده قالها لينا بكل بساطة أنا بقالي 4 سنين ماليش (علاقة) بأي بنت وعلاقة هنا يقصد بيها أنه مش بيتكلم حتى مع بنت !! الولد ده ضحكنا جدا لأنه قال لنا ( أنا يا جدعان حاسس أني لو اتجوزت البنت دي يوم الفرح هيجيلي جلطة ) ده غير أن الولد كان بيحكي أنه كان حاسس برعشه وكهربا في جسمه كله لدرجة أن البنت لاحظت ده وسألته ( مالك ) فكان رده أن جري على الأسانسير و ( هرب ) . القصة اللي فاتت لا تدعو الى الضحك بل تدعو للبكاء ...أه والله البكاء !! لأن لما شاب يكون في السن ده ويحصله كده دي حاجة مضحكش لأن اللي هو فيه ده لا بسبب أنه متدين ولا أخلاقه العالية ولا أي حاجه من دي , وكلامي ده مش معناه رفضي لتعاليم دينا ولا عاداتنا ولا تقاليدنا , كل الكلام ده على دماغي والله لكن اللي مش على دماغي هو أن الوضع ده ووضع ملايين من شباب مصر في تأخر سن الجواز وغيره من قلة خبرات الحياة ..كارثة بكل المقاييس. السبب في الكلام ده الدايرة اللي هتكلم عليها دلوقتي بتبدأ بطفل في مدرسة لا يفقه شئ من المناهج العقيمة اللي بيدرسوها لكنه بيفضل يحارب لحد ما يوصل للثانوية يحارب تاني عشان يجيب مجموع يدخل كلية لا تقل عقما من المدرسة يحارب لحد ما يتخرج فيتخرج فيفضل يدعي ربنا سجودا وقياما أنه ما (يلبسش) جيش اللي هو المفروض واجب وطني لكن ما علينا ..يعدي فترة الجيش فيفضل يحارب عشان يشتغل فيشتغل فيفضل يحارب عشان يحوش ويجيب عربية فيجيب عربية فيحارب عشان يجيب شقة فيفشل فيحاول تاني فيفشل تاني لحد ما أبوه يبيعله أي حاجة عشان يساعده لو كان عنده حاجة أصلا فيتجوز فيحارب عشان يخلف فيخلف فيحارب عشان يدخل العيال مدرسة لغات والأنترناشونال والأمريكية والألمانية والشويفات ده حلم ويصبر نفسه بأنه هينول ده في الجنة ان شاء الله , يكبروا الأطفال فيحارب يدخلهم جامعة نضيفه ثم يحارب عشان يجوزهم ثم يموت .... عاش يحارب ومات أسير ..أسير مجتمع ملئ بالتناقضات والكبت ..مجتمع عاش تحت نظام فاسد قعد ينهش في عضمه سنين وسنين لحد ما بقى هش ضعيف يتكسر من سندة طفل بيحبي عليه ..مجتمع ضحك عليه لحد ما مات , المجتمع اللي حط مقاييس لكل شئ بناء على هواه هو .. الشقة لازم تبقى تمليك والشبكة لازم من دبي والعفش أمريكان أستيل أو مكس كلاسيك وكل ده وأنت بتحارب والبنت كمان بتحارب وفي الآخر ملايين مش عارفين يتجوزوا ..مع أن دينا ورسولنا قال لنا ( من استطاع منكم الباء فليتزوج ) وأن الزواج عفة وأن وأن وأن ...طيب وبعدين !! ممكن أسأل سؤال مين في الأهالي دلوقتي يقدر يجوز بنته لشاب كل رأس ماله عشر آيات من القرآن أو لأن خلقه حسن أو لأنه من عيلة محترمة .. ومش عاوزيين الأبداع يجهض ومش عاوزيين الكبت يخلق آلاف حالات التحرش ومش عاوزين الناس يخلقوا مصطلحات وقوانين جديدة زي جواز عرفي ومسيار وعلاقة غير كاملة وغيره .. مش الجواز لوحده هو اللي هيخلي الناس تعيش لكن الجواز ده من أساسيات الحياة زي الأكل والشرب والنوم مفيش حد يقدر يعيش من غيره الا اللي ربنا اختاره وابتلاه لأنه من متع الحياة والحرمان منها بيولد فشل ..فشل في دراسة وعمل وحياة . أنا هقفل كلامي بجملة من فيلم بنتين من مصر بين صبا مبارك وأحمد وفيق : - مكنتش متخيله أن في حد بيشاركني نفس الحرمان ده - لأ إطمني العفن ده أنتج ملايين غيرك بيشاركوكي نفس الحرمان . - ما هو ده جزء من منظومة العفن اللي عايشين فيه قاعدين نلف وندور