اكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر أن الشعوب العربية والإسلامية الراشدة ترفض الشروط والإملاءات التي تأتيها من الغرب وأمريكا رفضًا تامًا وقاطعًا؛ لأنها تعي مصلحتها وعلاقتها المعقدة مع العالم، موضحًا ترحيب الأزهر بالعلاقات الغربيةوالأمريكية الطبيعية التي تقوم على المصالح المشتركة لما فيه خير الجميع من منطلق أنه الضمير الحي ونبض الشعوب العربية والإسلامية. وأوضح خلال استقباله آن بترسون سفيرة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالقاهرة بمقر المشيخة، ظهر اليوم، أن انحياز أمريكا الكامل للكيان الصهيوني في القضية الفلسطينية الأم للمسلمين يزيد من حالة الكره واليأس من عدالة الإدارة الأمريكية، ويزيد من إصرار الأزهر على مناصرة ومساندة الشعب الفلسطيني لقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وشدد على أن منطق التاريخ يحكم بفشل مثل هذه السياسات الظالمة، ويسيء إلى أمريكا وتاريخها، واصفًا غزو أمريكا للعراق بالخاطئ لما جرَّه من ويلات على الجميع؛ حيث إنَّ أمريكا تتعامل مع الشعوب العربية والإسلامية من خلال الأبواب لا من خلال النوافذ والثقوب، وعليها أن تكفَّ عن تأييد الاستبداد والأنظمة الاستبدادية. وقال: إن التدخل الأمريكي في العالم الإسلامي خلق نوعًا من ردود الفعل العنيفة جدًّا، وخلق الكراهية التي نراها اليوم، مطالبًا الإدارة الأمريكية أن تعود إلى رشدها وتزن الأمور بموازين العدل والحق؛ لأن في غياب النظرة المتزنة، الكل سيخسر، والدماء تسيل في الشرق والغرب على السواء، وهذا ما لا نرتضيه. وشدد على أنه لا مشكلةَ للشعوب العربية والإسلامية مع الشعب الأمريكي وإنما المشكلة مع سياسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع مختلف القضايا الإسلامية؛ حيث إن الديمقراطية الأمريكية التي تداعبها ليست أنموذجًا يحتذي به، وإنما الديمقراطية هي التي تنبع من الشعب وتُعبِّر عن اختيار الشعب وأصالته. وأكد استعداده للتعاون المشترك في مجالات البحث العلمي، بشرط عدم التدخل في شئون الأزهر لا من بعيد ولا من قريب، مطالبًا الإدارة الأمريكية بالنظر في إعادة الشيخ الضرير د. عمر عبد الرحمن إلى وطنه وأسرته، وأن تتخذ الإجراءات اللازمة للاعتراف بدولة فلسطين وقبولها كعضوًا كاملاً في الأممالمتحدة. وأوضح شيخ الأزهر أن الثورات هي من إرادات الشعوب، وفعاليتها فعالية داخلية ذاتية، بالرغم من الأموال والأدوات التي رصدت من الغرب بعامة ومن أمريكا بخاصة لإحداث التحول الديمقراطي في المنطقة إلا أنها لم تكن ذات أثرٍ؛ حيث من المهم أن ندرك أن هذه الشعوب تتحرك وَفق منطقها الذاتي ومواريثها الحضارية وبما يمثل خصوصياتها التي يجب أن تُحترم، ووثيقة الأزهر أنموذج لهذه الخصوصية. وأشار إلى أن الأزهر جامعًا وجامعةً هو ملكٌ للعالم العربي والإسلامي، وضمير الأمة العربية والإسلامية، وأن الإسلاموفوبيا وَهمٌ كريه لا يتفق مع التقاليد الديمقراطية التي من المفروض أن تسود في المجتمعات الحديثة، مؤكدًا رفضه التام للدعم السخي من الاتحاد الأوروبي وأمريكا الذي يخصص لبعض الجمعيات التي تهتم بتوافه الأمور، بينما تهمل المساعدات الجادة للتعليم ومحاربة الفقر والأمراض. وأوضح أن الربيع العربي والثورات كانت تعبيرًا وتجسيدًا لقيم المواطنة و"الحرية والعدالة" والكرامة وعدم الإقصاء، وهذه القيم وإن كانت قيمًا عالميةً إلا أن الأزهر يُسهم في إثرائها عبر حراكٍ داخليٍ يُدرك خصوصيات كل مجتمع قُطري داخل المجتمع العربي والإسلامي الكبير، ويسعى الأزهر لتجسيد هذه القيم في إطارٍ مؤسسي. وأضاف الطيب أن الأزهر سيسعى بما يملكه من تاريخٍ ورمزيةٍ إلى تحويل هذه القيم لمشروع ثقافي شامل سعيًا إلى إحداث التغيير والنهضة في العالمين العربي والإسلامي، وما وثيقة الأزهر إلا بداية في هذا الطريق. المصدر : اخوان اونلاين