فجر إقدام المتظاهرين المصريين على اقتحام البرج الذي يضم مقر السفارة الإسرائيلية ليل الجمعة ردود فعل واسعة في مصر، ففي الوقت الذي عبر فيه سياسيون وبينهم مرشحون محتملون للرئاسة بهذا التصرف، رأى آخرون أنه يعكس رد الفعل الشعبي الغاضب لمقتل الجنود المصريين الخمسة على الحدود في الشهر الماضي، وهو الحادث الذي قوبل بتنديد واسع في الأوساط المصرية. وعبر الدكتور عبد الله الأشعل، المرشح المحتمل للرئاسة عن استيائه مما حدث، ودعا إلى إقالة حكومة الدكتور عصام شرف بعد أن حملها المسئولية عن تداعيات أحداث السفارة الإسرائيلية على مصر، مطالبًا بتشكيل حكومة إنقاذ وطني قادرة على التعامل مع القضايا المصرية في الداخل والخارج. وأضاف الأشعل في تعليق لفضائية "الجزيرة"، إن أحداث اقتحام السفارة الإسرائيلية من قبل المتظاهرين يعرض مصر لخطر كبير، ويظهر للعالم غياب الدولة في مصر، وهذا دليل جديد على عجز السلطة المصرية الممثلة بالمجلس الأعلى والحكومة في إدارة مصر داخليًا وخارجيًا. وحذر المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، من أن التراخي في التعامل مع ملف العلاقات المصرية الإسرائيلية ينذر بخطر الشقاق بين الشعب والسلطة ، مما يؤدى إلى مزيد من ضعف السلطة في مواجهة إسرائيل. وشاطره الرأي الدكتور محمد سليم العوا المرشح المحتمل للرئاسة معبرًا عن رفضه الشديد لما حدث من اقتحام لمباني وزارة الداخلية ومقر السفارة الإسرائيلية، ورأى أن ما حدث في هذا الصدد مؤشر خطير لحالة من الانفلات والفوضى التي لو استمرت يمكن أن تحرق استقرار الوطن بأكمله. وأضاف في بيان، إنه كان من الواجب علي الجميع أن يحرصوا على أن تبقى المظاهرات سلمية ملتزمة بالقانون، وأشار إلى إنه يرفض تجاوزات بعض الأفراد، التي أدت إلى وفاة مواطن وإصابة العشرات والتي أدت إلى إحتراق مبنى مصلحة الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية، وتعريض أمن المواطنين للخطر بإختفاء سجلات عدد من معتادي الإجرام. وطالب العوا بتحقيق شامل وعاجل لتحديد من المستفيد من حرق مبنى يضم هذه المستندات المهمة ولماذا لم تكن هناك حماية كافية لهذا المبنى، وأشار إلى أن فكرة الاعتداء على السفارات فكرة مرفوضة، ولا تحقق مصلحة لمصر بل تسيء إليها وتعِض أمنها الداخلي والخارجي للخطر. وأضاف قائلاً: "بقدر ما نساند الشباب الثائر في حقه في التعبير عن رأيه في رفض الوجود الإسرائيلي على أرض مصر، إلا أننا نرى أن ما حدث من إقتحام للسفارة الإسرائيلية لا يتوافق مع قواعد القانون الدولي ومع إلتزامات مصر القانونية، ولا يعني عدم التزام العدو الصهيوني بالقانون والمعاهدات الدولية أن يفعل المصريون الشيء نفسه، فالفارق بين مصر وبين الكيان الغاصب في فلسطين يوجب علينا نحن المصريين سلوكًا مختلفًا تمام الإختلاف". وجدد العوا رفضه الشديد للتصعيد العسكري مع إسرائيل في اللحظة الراهنة نظراً للظروف التى تمر بها البلاد، مؤكدًا العمل بكل قوة على إسترداد كافة الحقوق المصرية دون تصعيد. وأشار إلى أن هناك بعض المستفيدين من حالة الفوضى التي يمكن أن تعم المجتمع، وتحول بيننا وبين تحقيق التحول الديمقراطي في مواعيده المقررة، وأهاب بالشباب الوطني الحر وبالقوى السياسية كافة، أن ينتبهوا إلى هذا الخطر الداهم وألا يقعوا فريسة لأعداء الحرية والديمقراطية. فيما عزا الدكتور أحمد أبو بركة، القيادي الإخواني، المستشار القانوني لحزب "الحرية والعدالة"، اقتحام الشباب المصري الغاضب للسفارة الإسرائيلية إلى ضعف الموقف الرسمي المصري في اتخاذ قرار رادع لإسرائيل ردا على سفك دماء الجنود المصريين على الحدود. واعتبر في تصريح لفضائية "الحياة"، أن "الإرادة الشعبية أصبحت أقوى من الحكومة"، محملاً أبو بركة المجلس العسكري المسئولية، وقال: "لو المجلس العسكري والحكومة المصرية اتخذا الإجراء اللازم وقاما بطرد السفير وسحب السفير المصري في إسرائيل وطالبا إسرائيل بالاعتذار لما كنا وصلنا لهذا الموقف". وحول الاعتداء على وزارة الداخلية وكسر الشعار الخاص بها، حمل أبو بركة الوزارة المسئولية عن ذلك، وقال إنها السبب في سوء العلاقة بينها وبين المواطنين فحتى الآن الفوضى والانفلات الأمني يعم مصر كلها ويسود كل محافظاتها ولا وجود حقيقي للشرطة وهي تعلم أماكن البلطجية، وعى الرغم من ذلك تتركهم يفسدون في البلد ولا يتحرك لهم ساكنًا بينما نراهم يتصرفون بشدة وحزم مع المتظاهرين السلميين ويتركون البلطجية والخارجين عن القانون. وتساءل: أي استفزاز هذا فعلى وزارة الداخلية أن تعيد هيكلتها وألا تتعامل بالعنف مع المتظاهرين وأن تقبض على كل البلطجية والخارجين عن القانون وتخلص مصر منهم كي يشعر المواطنين بالثقة في هذا الجهاز. ودافع أبو بركة عن موقف "الإخوان المسلمين" الذين قاطعوا مظاهرات جمعة "تصحيح المسار"، وقال: "كلنا وطنيين وليس معنى عدم مشاركة الإخوان أو الحركات الإسلامية أو الوفد في تظاهرات أمس (الأول) أننا لسنا وطنيين فلا أحد يشكك في وطنيتنا وحبنا لمصر". وأضاف: "نحن لم نتخل عن الثورة في أي يوم بل شاركناها منذ يومها الأول وحميناها ودافعنا عنها لأننا منها، وشباب الإخوان منذ اليوم الأول وهم في ميدان التحرير وعدم مشاركتنا في تظاهرات أمس (الأول) لان لكل مرحلة طبيعتها، ولأننا كنا نخشى من المندسين وهذا ما رأيناه بأعيننا من محاولات لتخريب وحرق في المؤسسات ومنها وزارة الداخلية ومديرية أمن الجيزة ومحاولة الاعتداء عليها". وانتقد أبو بركة المجلس العسكري، وإن رفض الدعوات المطالبة بإسقاطه، قائلا: "نحن لسنا مع إسقاط العسكري، لكننا نناشده بضرورة النظر بجدية في مطالب الثورة وتعديل قانون مجلس الشعب والشورى واستقلال القضاء واستعادة حق الشهداء". ورأى الناشط السياسي، الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية، أن المصريين قارنوا بين الموقف المصري العاجز والموقف التركي الحاسم، حيث لم تعتذر إسرائيل رسميًا لمصر عن مقتل الجنود على الحدود وافقت طلب مصر بأن يتم التحقيق في الحدث لكن اشترطت أن تكون لجنة التحقيق من الإسرائيليين فقط دون الطرف المصري وللأسف مصر وافقت، بل وبنوا جدارًا حول السفارة لحمايتها. وقال في تصريح لفضائية "الجزيرة مباشر"، إن هذا الأمر استفز مشاعر المصريين فأخذوا على عاتقهم أن يثأروا للجنود وأعلنوا أنهم سيهدمون الجدار، وبالفعل ما فعلوه رد فعل طبيعي لموقف مصر الضعيف بينما الموقف التركي جاء مشرفًا، حيث رفضت تركيا تحقيقات الأممالمتحدة الخاصة بضرب السفينة "مرمرى" التركية المتوجهة إلى غزة من قبل إسرائيل وسحبت السفير التركي من إسرائيل وهددت بحماية سفنها عسكريا. ورأى نافعة أن تطلعات المصريين أكبر بكثير من مواقف الحكومة التي تظهر دائمًا عجزًا وفاشلة في تحقيق مطالب الشعب. بينما لم يستبعد الدكتور محمد إمام المنسق لحزب "الفضيلة" – السلفي- وجود مؤامرة على مصر تستهدف إجهاض الثورة وإثارة الفوضى. وانتقد أداء الحكومة، مطالبًا رئيس الوزراء بالعودة لميدان التحرير لأن "أداء الحكومة لا يرضي أحدًا". وقال إمام لفضائية "الحياة" مفسرًا عدم مشاركة الحركات الإسلامية في "جمعة تصحيح المسار": "التظاهر ليس حفل زفاف وننتظر الدعوة عليه وإنما يحتاج لتنسيق مسبق"، مؤكدًا أن هناك دائما محاولات لإظهار وجود خلاف بين القوى الوطنية والإسلامية. واستنكر تجاهل "الإخوان" والقوى السلفية من جانب المنسقين لتظاهرات الجمعة، وقال "هذا التجاهل أمر غير مفهوم"، مشيرًا إلى أن هناك توافقًا على تعديل قانون الانتخابات واستقلال السلطة القضائية ولم يتحقق فيها شيء إلا "خلع المخلوع" ووضعه في قفص ومحاكمته محاكمة ضعيفة لا ترضي أحدًا. وعن الأحداث التي واكبت "جمعة تصحيح المسار"، قال إمام: "لا أوافق على الاعتصام في ميدان التحرير فكان لابد من كل الحركات والأحزاب التي شاركت في الاعتصام أن تتفق على أن يخلو الميدان في الساعة السادسة مساء من كل المعتصمين". في حين هاجم الناشط السياسي الدكتور عمرو حمزاوي، الأفراد الذين اقتحموا السفارة الإسرائيلية وأسقطوا الجدار، ووصف في تصريح لفضائية "دريم" اقتحام السفارة بأنه "عمل غير مسئول ويضر بالمصلحة الوطنية". وهاجم أيضا من أحرقوا سيارات الشرطة وحاولوا اقتحام وزارة الداخلية ومديرية الأمن بالجيزة، وقال: (ما حدث أمس (الأول) من تخريب وفوضى فخ نصب للمتظاهرين الذين كانت مظاهراتهم سلمية ولم يكن الهدف منها العنف والفوضى ولا نعلم الأيدي التي تقف وراء ما حدث ولكنها كانت تسعى لإجهاض الثورة". من ناحيته، أدان الدكتور صفوت حجازي، أحد قادة ثورة 25 يناير، الهجوم على وزارة الداخلية، وقال لفضائية "الجزيرة مباشر"، إنه يرفض التخريب والفوضى ويرفض محاولات اقتحام وزارة الداخلية والاعتداء عليها لأن هذه التصرفات تهدد أمن مصر. لكنه أثنى على إزالة وهدم الجدار المحيط بالسفارة وعبر عن سعادته حينما شاهد الجدار والمصريين يحطمونه، لكنه قال: "كنت مع تحطيم هذا الجدار ولكني لم أكن مع محاولات اقتحام السفارة، وكان يكفي هدم الجدار فهذه رسالة واضحة لإسرائيل بأن مصر اليوم ليس هي مصر مبارك بل مصر اليوم لها إرادة ولن تسمح بأي تجاوزات إسرائيلية". بينما ادعى محمد عادل المتحدث الرسمي باسم "حركة 6 إبريل"، أن الحركة لديها معلومات أن السفارة السعودية الموجودة في نفس منطقة الأحدث بالجيزة لعبت دورًا في إشعال الموقف. وقال في مداخلة عبر الهاتف مع فضائية "المحور"، إن الحركة ستقوم بالإعلان عن المعلومات التي توافرت لديها عن تورط السفارة السعودية في أحداث الجمعة خلال يومين بمجرد تأكدها من دقتها.