منذ عشرة أيام فقط, كشف الرئيس الأمريكي, باراك أوباما, عن أن كتائب القدس, التابعة للمخابرات الإيرانية, متورطة بشكل مباشر في محاولة إغتيال السفير السعودي بواشنطن, ولكن منذ ذلك الحين إلي الآن لم تتخذ لا السعودية ولا الولاياتالمتحدة أية خطوات تجاه هذا الأمر, بما في ذلك الأممالمتحدة. وفي يوم الجمعة الماضي 21 أكتوبر, أعلن أوباما بأن الولاياتالمتحدة ستسحب كل قواتها الموجودة في العراق بنهاية العام الحالي. وفي يوم الأحد 23 أكتوبر, حذرت وزيرة الخارجية الأمريكية, هيلاري كلينتون, في طاجيكستان, إيران بألا تتدخل في العراق. وللدول المجاورة, وعلي الأخص الدول المجاورة للعراق,..قالت كلينتون "نحن نرغب في أن نؤكد أن أمريكا ستقف إلي جانب حلفائها, وهذا يشمل العراق, للدفاع عن الأمن والمصالح المشتركة". وذكر موقع ديبكا الإستخباراتي الإسرائيلي, إلي أن مصادره العسكرية والإستخباراتية أشارت إلي أنه في أثناء سحب القوات الأمريكية من العراق, لن تترك أمريكا في بغداد حكومة وجيش عراقي قادرين علي الدفاع عن أنفسهم ضد منظومة الإرهاب المتسعة, وإنما ستترك من ورائها رئيس الوزراء العراقي, نور المالكي, المعروف بتأثيره شبه الكامل علي طهران, وقوات تزيد عن 30 ألف مقاتل من كتائب القدسالإيرانية, والتي تنفذ كل قرارات إيران بشأن العراق. كما أضاف الموقع الإسرائيلي إلي أنه هناك مثال آخر بارز بشأن هذا, وهو الرفض المستمر للمالكي في الرد علي المطالب والضغوط الأمريكية بعدم الإنسحاب الكامل للقوات الأمريكية, والإبقاء علي أقل من 5000 جندي أمريكي بالعراق, ومنحهم حصانة لعدم محاكمتهم وفق القانون العراقي. وتوقع الموقع أن يقبل المالكي بالضغوط الأمريكية, أو علي الأقل بجزء منها, لولا الضغط المقابل الذي مارسته القيادة الإيرانية عليه, حيث أنها لم توافق علي المطالب الأمريكية. وبهذا فقد حققت طهران الهدفان الأساسيان لسياساتها بالعراق علي مدي الأعوام الثمانية الأخيرة, منذ أن بدء الغزو الأمريكي بالعراق في 2003, وهي "حسب ذكر الموقع الإسرائيلي", الأول هو سحب القوات الأمريكية من العراق, والتي يبدوا أن وجودها في العراق يمثل تهديدا عسكريا مباشرا علي الحدود الإيرانية, وهو نفس الهدف الذي تهدف إليه إيران في أفغانستان بسبب الوجود الأمريكي. أما الهدف الثاني فهو أن تصل حكومة شيعية ضعيفة للحكم في بغداد, وتكون مرتبطة بقرارات وسياسات إيران, وتكون منصاعة لها بالكامل, وهذا أساسا للتأكيد علي أن تظل العراق منقسمة بين الشيعة والسنة والأكراد, وألا يكون لديها القوة العسكرية الكافية لتمثل تهديدا لإيران, وأن تغلق كل الطرق المؤدية للخليج الفارسي وسوريا. وبحسب الموقع فإن مسئولية تنفيذ تلك الأهداف ألقت بها إيران علي قائد كتائب القدس, الجنرال قسام سليماني, وهو نفس الشخص الذي إتهمته الولاياتالمتحدة مؤخرا بأنه وراء التخطيط لإغتيال السفير السعودي بواشنطن, في إبريل من السنة الحالية. كما تعرف واشنطن جيدا أن الحاكم الفعلي للعراق حاليا هو قسام سليماني, حيث أن المصادر الإستخباراتية الأمريكية قد سربت قبل أربعة أشهر, لصحافيين عرب وغربيين, أنه في 2008, تلقي الجنرال ديفيد بيتروس, والذي كان قائد الجبهة المركزية الأمريكية, ورئيس المخابرات الأمريكية حاليا, رسالة من سليماني جاء فيها, "جنرال بيتروس, أنت تعرف أنني قسام سليماني, أحكم بالسياسات الإيرانية في العراق, لبنان, غزة, وأفغانستان. بالطبع إن السفير الإيراني ببغداد من رجال كتائب القدس, وأيضا الرجل الذي سيخلفه سيكون من الكتائب, فقد خدم في كتائب القدس". وتابع الموقع أن تلك الرسالة تقول بشكل قاطع لا خلل فيه أن كتائب القدس تحكم بغداد وليس أمريكا. كما بعثت المصادر العسكرية والإستخباراتية للموقع الإسرائيلي بتقارير مفادها أن الحكم في بغداد إيراني, وفي مناطق أخرى من العراق أيضا كذلك, بعد أن نجح سليماني في تجنيد 30 ألف جندي إيراني, كلهم منتمين إلي كتائب القدس, ومدربين علي حروب العصابات, علي مستوي أفضل الوحدات العسكرية الغربية والشرق أوسطية. كما جاء في التقارير أنه علي الأقل نصف تلك القوات, أي حوالي 15 ألف جندي من كتائب القدس, متمركزين في بغداد خلف ستار الشركات الأمنية و الدفاع المحلي والتي يمتلكها وزراء الحكومة والسياسيين العراقيين. وهناك تقديرات إستخباراتية بأن أغلب الوزراء وأعضاء البرلمان الشيعيين حاليا, يتم الدفاع عنهم عن طريق وحدات من كتائب القدس. بمعني أخر, مصير السياسيين العراقيين في أيدي إيران. وتعجب الموقع الإسرائيلي من أنه إلي جانب كونهم رجال أمن محليين علي قدر المستطاع, فإن الآلاف من رجال كتائب القدس يعملون في المنطقة الخضراء ببغداد, وهي منطقة الدفاع بقلب العاصمة العراقية وقد أقيمت باستثمار عشرات المليارات الأمريكية بهدف تأمين السفارات والقيادات العسكرية الأمريكية بالعراق, والحكومة, وقيادات الجيش وأجهزة الدفاع والمخابرات العراقية. وحاليا, حين ينسحب أخر الجنود الأمريكان في العراق, ستبقي في المنطقة الخضراء ببغداد حوالي 16 ألف شخص في السفارة الأمريكية, منهم حوالي 5000 رجل أمن أمريكي, ورجال شركات أمنية محلية, مهمتهم الدفاع عن السفارة الأمريكية. مقابل ذلك, سيكون هناك عدد مشابه من مقاتلي كتائب القدس الذين يسيطرون علي منظومة الحكم العراقية.