تظاهر آلاف من العراقيين فى 12 محافظة فى جنوب ووسط وشمال البلاد، احتجاجا على الامتيازات والرواتب العالية التى يحظى بها أعضاء مجلس النواب، واعتبروها "سرقة وفساد". ونظمت التظاهرة منظمات مجتمع مدنى وناشطون دعوا إليها من خلال مواقع التواصل الاجتماعى. وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية التى فرضت فى محاولة لعرقلة التظاهرة، أعلن على الموسوى مستشار رئيس الوزراء نورى المالكى، أن المالكى "يؤيد توجهات المحتجين بقوة وسيعمل على جميع الصعد لتحقيق هذه المطالب". وتجمع المئات وسط بغداد على الرغم من الإجراءات الأمنية التى فرضتها السلطات، يهتفون "البرلمانيون سراق". وشهدت مدينة الناصرية التى فرضت فيها السلطات إجراءات غير مسبوقة، تفريقا للتظاهرات بواسطة خراطيم المياه، وإطلاق نار فى الهواء وقطع للطرق، بحسب مراسل فرانس برس. وفى مدينة البصرة ثالث مدن العراق تجمع نحو ألف شخص قرب مجلس المحافظة، رافعين لافتات كتب عليها "العراق وثرواته ملك للعراقيين وليس للبرلمانيين" و"انتخبناكم لخدمتنا، وليس لسرقتنا، من أجل العراق والعراقيين، كلا لتقاعد البرلمانيين". وهتف المتظاهرون "كلا للسراق" و"حقنا نطالب به واليوم نريده" و"يا شعب آن الأوان حقنا لدى البرلمان". ويستحق النائب فى البرلمان العراقى حاليا عند انتهاء دورته التى تمتد أربع سنوات راتبا تقاعديا يصل إلى 80 بالمائة من راتبه الحالى المحدد ب13 مليون دينار (حوالى 8500 دولار) بينما لا يتجاوز راتب الغالبية العظمى من المتقاعدين فى عموم العراق، وبعد خدمة لأكثر من عشرين عاما مبلغ 400 ألف دينار. وشهدت محافظات الكوت وبابل والنجف وكربلاء والسماوة والناصرية تظاهرات مماثلة شارك فيها آلاف. وقال عباس كاظم رباط (45 عاما) الذى يعمل مدرسا "ليس من المعقول أن يعمل شخص أربع سنوات، ويأخذ 80 بالمائة من راتبه. هذا غير معمول به دوليا". وأضاف أن "الموضوع إذا استمر على حاله، بعد ثلاث دورات لن يبقى أى ميزانية للبلد". وأكد المتظاهر الذى كان يحمل العلم العراقى "لم يصدر من البرلمان أى قانون يحمى الشعب، إنما فقط قوانين لمصالحهم الخاصة فقط". وصادق البرلمان الحالى على ميزانيته البالغة 450 مليون دولار لعام 2013، وأثارت جدلا كبيرا آنذاك. وعجز مجلس النواب العراقى وعلى مدى دورتين انتخابيتين فى إقرار أكثر القوانين المهمة فى البلاد كقانون النفط والغاز، لكن النواب اتفقوا على مدى الدورات البرلمانية الثلاث السابقة على احتفاظهم بامتيازاتهم وتشمل جوازا دبلوماسيا ومصاريف حماية وبدل سكن وقرطاسية تتجاوز ثلاثين ألف دولارا شهريا. وشهدت مدينة كركوك تظاهرة مماثلة وسط إجراءات أمنية مشددة. وقال فهمى صبحى رشيد أحد منظمى التظاهرة خلال تلاوته للبيان الموحد "بخروجنا السلمى اليوم نضع مطالبنا أمام الشعب العراقى كوننا جزء منه للمطالبة بعراق ديمقراطى، وإلغاء نظام المحاصصة الطائفى والعرقى الذى جلب البلاء على العراق ودمر وخلق الفتن والفوضى". وشدد على أن "مطلبنا الأساسى هو إلغاء الرواتب التقاعدية للبرلمانيين والوزراء وأعضاء مجالس المحافظات والمجالس البلدية والامتيازات الخاصة". وعلى الرغم من أن عددا كبيرا من النواب أعربوا عن دعمهم لإلغاء الرواتب إثر الاحتجاجات الشعبية، إلا أنهم فى الواقع يقفون ضده، بحسب مسئول برلمانى. وكانت النائبة عن دولة القانون حنان الفتلاوى قدمت مشروع قانون للبرلمان أيده ثمانية أشخاص فقط من مجموع 325 نائبا يطالب بإلغاء الرواتب التقاعدية. وقالت النائبة حنان الفتلاوى وهى رئيسة لجنة شؤون النواب، "إن هناك أعدادا كبيرة من النواب والجمعية الوطنية وأعضاء مجالس المحافظات وأعضاء مجالس الأقضية والنواحى تتسبب فى هدر المال العام". ودعت إلى "إلغاء الرواتب التقاعدية لأعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس المحافظات"، مؤكدة أنها قدمت "مقترح قانون موقع من 8 أعضاء" بهذا المعنى. وقال رئيس الوزراء نورى كامل المالكى، إن "الوفاء للعراق وللمجتمع لا يكون من خلال زيادة رواتب الرئاسات الثلاث وأصحاب الدرجات الخاصة، وإنما بتخفيض هذه الرواتب وزيادة رواتب الشرائح المحتاجة والنساء بلا معيل وتركيز الاهتمام بهذه الشرائح المهمة فى المجتمع".