رسالته للسيسي: اتق الله، وعد إلى رشدك، فالتاريخ لا ينصف ظالما أبدا ويقول للانقلابيين: لا تراهنوا على مللنا ويأسنا . ويقول لمعتصمي الشرعية: أنتم أشرف ناس في مصر فودة: شقيقاي كانا في "تمرد" ثم عرفا أنهما "اضحك عليهم" منذ أن بدأ الاعتصام الرافض للانقلاب والمؤيد للشرعية في ميدان النهضة بالجيزة، وأنا أراه دائما بين المعتصمين والمتظاهرين وفي المسيرات محمولاً على الأعناق بكرسيه المتحرك الصغير الذي يحوي جسده الضئيل، يطلق الهتافات بصوته الضعيف فترددها خلفه الجموع بصوت هادر. إنه مجدي فودة، ابن مركز الصف بالجيزة، مدرس الدراسات الاجتماعية الذي يبلغ من العمر 33 عامًا، ولديه من الأبناء مصطفى 4 سنوات ومحمد 6 أشهر. فودة من ثوار 25 يناير المجيدة، ورغم كونه من ذوي الاحتياجات الخاصة إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يضرب أروع الأمثلة في الكفاح والنضال والدفاع عن مبادئ ثورته، وصدّ محاولة اللئام سرقتها أو إجهاضها، ومن ثم سرعان ما نزل إلى الميدان مرة أخرى محمولا بكرسيه على الأعناق، يهتف ويردد المتظاهرون والمعتصمون خلفه، مشيرًا إلى أن ما يفعله هو لتحفيزهم وبث روح الحماسة في نفوسهم حتى لا يتسرب اليأس والعجز لهم بتقديمه القدوة لهم من نفسه، وأنه ليس لأحد حجة في التخلف وعدم المشاركة في نصرة الحق، مهما كانت ظروفه. هذه الروح الوثابة التي يتمتع بها فودة انتقلت إلى ابنه مصطفى الذي يعتصم بالمنزل ولا يكف عن ترديد هتاف "ارحل يا سيسي"، كما أنها أضاءت بصيرة شقيقين له كانا في حملة "تمرد" وتغير رأيهما الآن تماما بعدما رأيا من آثار هذا الانقلاب، وأنه "اضحك عليهم" على حد قول فودة، خاصة لما رأيا التشكيل الوزاري الجديد ورجوع رموز النظام السابق إلى الحياة السياسية والتحكم والسيطرة على المناصب. وتتضح الرؤية في عقل فودة وقلبه فهو يعلن أن سر وجوده بالميدان هو دفاعه عن حقه، وعن صوته الذي أعطاه للدكتور مرسي، مؤكدا أنه لا ينتمي لأي فصيل سياسي ولا دعوي، ولكنه يفخر بمصريته ووقوفه إلى جانب الحق أينما كان. ويكشف بطل ميدان النهضة أنه كان في الجولة الأولى من الانتخابات عضوا مؤسسا في حملة الدكتور أبو الفتوح، وفي الإعادة انتخب الدكتور مرسي، وظل مؤيدا له ومدافعا عن إنجازاته وأعماله، موضحا أن المؤسسات الثلاث: الجيش والشرطة والقضاء كانت ضالعة في تعويق الدكتور مرسي عن أداء عمله وتنفيذ مشروعه رغبة في إسقاطه، وأنه يلتمس له العذر بسبب هذا التآمر، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن ما قام به الفريق السيسي "انقلاب عسكري وخيانة". وبسؤاله عن تجاوزه لعذره الشرعي في عدم الخروح في هذه الفعاليات نظرا لإعاقته؛ قال: "الإعاقة الحقيقية هي الإعاقة الذهنية والقلبية وليست الجسدية"، وأضاف مبتسمًا: "طول ما الواحد عنده إصرار وعزيمة للدفاع عن حقه الشرعي سيناله". فودة يأتي يوميا للميدان قبل الإفطار ويظل حتى بعد منتصف الليل، منوها إلى أن "المسألة هتاخد وقت، وهم - يعنى الانقلابيون - يراهنون على مللنا من طول الوقت، لكننا لن نمل ولن نيأس مهما طال الوقت". وفاجأني فودة عندما سألته عن القرار الذي يود أن يتخذه الرئيس مرسي فور عودته إن شاء الله، حيث قال: "أطلب منه أخونة الدولة، وليته أخونها بالفعل قبل أن ينقلبوا عليه"!!. ووجَّه فودة عدة رسائل استهلها برسالته للفريق السيسي قائلا له: "اتق الله، وعد إلى رشدك"، مؤكدا أنه كمدرس تاريخ يعلم أن التاريخ لا ينصف ظالما أبدا وسيتم تخليد ذكراه على إنه انقلابي خائن للعهد وحانث بالقسم الذي أقسمه أمام رئيسه. وفي رسالته لشيخ الأزهر قال: "إن هذا الرجل لا يستحق أن يقال له شيء، فقد كان في لجنة سياسات الحزب الوطني المنحل وأحد رجالات النظام السابق المخلوع، وما قام ويقوم به يتلاءم مع تاريخه وأعتبره طبيعيا، خاصة أنه انتخب شفيق في الجولة الثانية". وللذين أيدوا انقلاب العسكر وخدعوا به، يقول: "انتم اضحك عليكم"، مضيفا أن الإعلام ضلل الكثير منهم، ولكنه يطمع في أن يعودوا إلى الحق بعدما تبين لهم. وعن الدور الذي لعبه قادة حزب النور في عملية الانقلاب ينادي فودة الحزب بقوله: "يا حزب الظلام، عد إلى النور". أما أبو الفتوح، فقد وجه فوده له رسالة شديدة اللهجة جاء فيها: "أنا اتصدمت فيك وندمان على شهر ضيعت فيه من وقتي وصحتي وفلوسي على حملتك الانتخابية، وندمان أشد الندم إني وقفت مع شخص مثلك!". ويوصي فودة إخوانه المعتصمين بقوله: "أنتم أشرف ناس في مصر لا تيأسوا ولا تملوا فنصر الله قريب إن شاء الله، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا". وللجالسين في بيوتهم: "قاعد مستني إيه بعد ما دم شهداء ثورة 25 يناير راح، وعودة نظام مبارك.. ". وحول توقعه للشهادة أو الاعتقال قال إنه يتمنى ذلك بشدة في سبيل الله. وعن رؤيته لمآلات الأحداث، قال فودة: "سنظل معتصمين ومتظاهرين إلى أن ينصر الله الحق ويظهره وكلنا أمل أن هذا سيحدث إن عاجلا أو آجلا"، مؤكدا في لهجة مفعمة بالحسم "على يقين من أن الله عز وجل سيأتي بالفرج".