لا يزال الشيخ أحمد الأسير الذى دخل الجيش اللبنانى مقره العسكرى فى جنوب البلاد بعد معارك عنيفة، متواريا عن الأنظار، فيما يقوم الجيش اليوم الثلاثاء بتنظيف ما كان يعرف بالمربع الأمنى الذى كان يتحصن فيه رجل الدين المتشدد مع أنصاره وباستكمال عمليات البحث عن مسلحين. وقال مصدر عسكرى إن "كل القوى الأمنية تتولى ملاحقة الأسير المطلوب مع 123 من أنصاره من السلطات القضائية"، وكان القضاء اللبنانى سطر أمس بلاغات بحث وتحر فى حق الأسير و123 من أنصاره. وقال المصدر إن مكان وجوده "غير معروف". وهناك العديد من الشائعات حول الأسير تتحدث عن احتمال لجوئه إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين فى صيدا القريبة أو إلى مدينة طرابلس فى شمال لبنان بعد أن تنكر بلباس امرأة أو إلى سوريا. وانتهت العملية العسكرية التى بدأها الجيش الأحد اثر مهاجمة مجموعة تابعة للأسير حاجزا له فى بلدة عبرا قرب صيدا بعد ظهر الاثنين بدخول الجيش إلى المقر المؤلف من مسجد بلال بن رباح وابنيه عدة فيها مكاتب وشقق سكنية لأنصاره، بعد اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية، وبفرار الأسير وعدد من مرافقيه وأفراد عائلته إلى جهة مجهولة. وقتل فى المعركة 16 جنديا، بحسب قيادة الجيش، فيما لم يعرف بعد عدد القتلى فى صفوف جماعة الأسير، علما أن مصدرا عسكريا كان أفاد عن العثور على عدد كبير من الجثث لمسلحين بعد عملية الاقتحام، وعن "توقيف العشرات من أنصار الأسير"، وقالت مصادر طبية إن عدد الجرحى فاق المائة. وقال مراسل وكالة فرانس برس أن الجيش اللبنانى يقوم منذ صباح الثلاثاء بعملية تنظيف من الألغام والأسلحة الصاروخية فى مقر الأسير ومحيطه، وقد قام بتفجير هذه العبوات فى مكانها بعد تطويق المنطقة لمنع الدخول إليها، وسمعت ثلاثة انفجارات ضخمة ارتفعت بعدها سحب الدخان الأسود. ودخل الصحافيون بعد ذلك المنطقة التى يوجد فيها دمار هائل وسط انتشار كثيف للجيش ولآلياته من ناقلات جند ودبابات. وغطى الركام ومظاريف الرصاص الفارغة الشوارع، فيما تدلت أشرطة الكهرباء من الأعمدة. بينما تحمل كل الأبنية آثار حريق وثقوبا واسعة وآثار الطلقات النارية. والأسير رجل دين سنى فى الخامسة والأربعين معروف بعدائه الشديد لحزب الله الشيعى حليف دمشق، وكان يتهم الجيش اللبنانى بغض الطرف عن كل أنشطة الحزب المسلحة. ولا يعد الأسير ذو شعبية واسعة فى صفوف الطائفة السنية، ويقدر عدد أنصاره بالمئات، وقد تورط خلال السنتين الماضيتين فى سلسلة أحداث مع الجيش ومع مسلحين موالين للحزب، وتميز بخطاباته النارية ضد نظام الرئيس بشار الأسد.