خرج علينا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وأمين حزب الحرية والعدالة بيان شورى الجماعة باختيار المهندس خيرت الشاطر مرشحا للجماعة والحزب لرئاسة مصر ليذكرنا بفلم احمد زكي الذي كان بعنوان "أنا لا اكذب ولكني أتجمل" وأنا الآن لا احلل البيان ولا احلل قرار الجماعة وساترك ذلك للمقالات التالية وإنما اصف ما دار ببالي وقد يكون حدث ذلك أيضا للكثير من المصريين عند اللحظة التي شرع فيها المرشد قراءة استقالة المهندس خيرت الشاطر من الجماعة، حيث كان يفهم من سياق البيان انه يريد ألا يظن احد من المصريين أن جماعة الأخوان يكذبون وهذا ما جعلني أتوقع عندما شرع في قراءة الاستقالة انه كان سيقرأ اعتذار المهندس خيرت الشاطر عن هذا الترشح لأنه رجل دين ولا يريد تفتيت أصوات الإسلاميين، أو انه سيقرأ طلب تنازل منه لأحد المرشحين الإسلاميين كحازم أبو إسماعيل مثلا لما حققه من شعبية جارفة في الشارع المصري ولم ولن يستطيع أي مرشح أخر أن يجمع تلك الشعبية في الفترة الباقية حتى صار مرشحا شعبيا لا إسلاميا، لكنه لم يكن كذلك. أو انه سيقرأ اعتذاره للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عن القرار الصادر عن الجماعة بفصله من عضوية الجماعة لمجرد انه قرر أن يترشح للرئاسة وخالف رأي مجلس شورى الجماعة، لأنه كان قرارا خطأً أو كان غير مناسباً، والدليل على ذلك أن الجماعة تراجعت عنه الآن، هذا بالإضافة إلى أن أبو الفتوح قد انتوى الترشح لكنه لم يتقدم بعد للجنة العليا لانتخابات الرئاسة بأوراقه. ثم دعوة مجلس شورى الجماعة لتأييده واختياره ليكون هو مرشح الجماعة خاصة وانه قطع شوطا في مجال المعركة الانتخابية وعنده عدد ليس بالقليل قد انفصل من الجماعة وأصبح مؤيدا له وحتى لا تتفت أصوات الجماعة. لكنه لم يكن كذلك أيضا.
أما وأن المرشد قد قرأ علينا طلب استقالة خيرت الشاطر من عضوية الجماعة وليس أي شيء مما توقعناه فأنني لا أقول أن هذا البيان كذب على الشعب المصري بل أقول وقد يتفق معي الكثير من الناس أن هذا محض استخفاف بالشعب المصري وبعقوله، ولا يقل – بل يزيد – عن ما كان يستخف به مبارك المخلوع بالشعب المصري، فقد كان لا يري إلا نفسه وانه هو احرص الناس على الوطن والمواطنين. وجاءت الجماعة لتمارس هذا الدور بأنها احرص الناس على الثورة ونسيت أن الشعب المصري الآن ليس هو الشعب الذي كان قبل الثورة. لذلك فان من يحب جماعة الأخوان ويريد لها البقاء في المشهد السياسي لابد وان ينصحها الآن بالتراجع عن هذا القرار، كما سينصح أيضا المهندس خيرت الشاطر بتقوى الله والتنازل لأحد المرشحين الإسلاميين حتى لا يشق عصا المسلمين. ولا تحسب أن الجماعة الآن تكافئك على ما بذلته ولاقيته من قبل بهذا الترشيح بل هذا الترشيح الآن والآن بالذات في نظر الكثير هو حرق لخيرت الشاطر. فأنت الآن ستكون في نظر الناس احمد عز الأخوان المسلمين، أو احمد عز بشرطة كما قدمت الجماعة من قبل فتحي سرور بشرطة فتحي سرور الأخوان المسلمين وهو الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب. وبما أن شعار الثورة كان "عيش حرية عدالة اجتماعية" لا يمكن ابدا أن يتفق مع رئيس للدولة ملياردير ورجل أعمال. ولا تنسى أن من أسباب انهيار النظام البائد واحد أسباب الثورة هو تزاوج السلطة بالمال وما ترتب على ذلك من فساد.
الدكتور/ عصام مندور محلل سياسي وأستاذ الاقتصاد بجامعة كفر الشيخ
في المقال التالي - ما الذي دفع بجماعة الإخوان الدفع بخيرت الشاطر؟ - هل بناء على اتفاق مع المجلس العسكري؟ - أم هو تعارض للمجلس العسكري؟ - أم هل لخوف الجماعة من حل مجلس الشعب وخروجها من المولد بلا حمص؟ - ولماذا خيرت الشاطر؟ - ولماذا القرار في يوم السبت ودون الانتظار ليوم الثلاثاء؟