اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن ما خلفه نظام العقيد معمر القذافي من رواسب لا يزال يلقي بظلاله على ليبيا الجديدة، لافتة إلى وجود ملفات صعبة أمام حكام هذا البلد من بينها نشر الديمقراطية، ورعاية المجتمع المدني، ونزع سلاح المقاتلين، إضافة إلى ملفات تعذيب السجناء والانتهاكات بحق الصحفيين. ورأت المجلة - في تقرير بثته على موقعها الإلكتروني على الإنترنت اليوم السبت - أن الجهل بقيم الديمقراطية ليس المشكلة الوحيدة الموروثة من نظام القذافي، بل أيضا الفساد المتفشي، ووجود حكومة مؤقتة مع مناداة البعض باستبعاد الأشخاص الذين خدموا تحت حكم القذافي أثناء تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما نتج عنه خلاف بين القادة السياسيين. وأشارت إلى أنه كما حدث في مصر وتونس فإن خلع الحكام الديكتاتوريين فتح بابا كان مغلقا لفترة طويلة في وجه الإسلاميين، حيث قام الإخوان المسلمين في ليبيا بتأسيس حزب سياسي لهم يدعى "العدالة والتنمية"، كما تكونت أحزاب ليبرالية أخرى كالحزب الذي أسسه مسئول المالية السابق بالمجلس الوطني علي الترهوني. ورأت أن تعدد هذه التيارات السياسية لم يحل مثلا دون سعي بعض الليبيين في الشرق لتقليص سيطرة طرابلس عليهم، حيث قام عضو المجلس الإنتقالي أحمد زبير السنوسي في 6 مارس الماضي بالإعلان من جانب واحد عن فيدرالية في شرق البلاد وعاصمتها بنغازي. لكن المجلة الأمريكية رأت أن من أكثر المسائل السياسية إلحاحا في ليبيا الآن هي كيفية التعامل مع الميلشيات المسلحة، خصوصا مع وجود أنباء عن حالات اختطاف وتعذيب على يدها نظرا لانتماء الضحايا لقبائل كانت معروفة بولائها للقذافي. أضافت المجلة أنه رغم جهود المجلس الإنتقالي لدمج الميلشيات المسلحة في الشرطة والجيش إلا أن هناك مشكلة أخرى غير هذا الدمج وهي إعادة قوات الأمن القديمة للوقوف على قدميها بعد أن قام الثوار بإحراق مراكز الشرطة باعتبارها حصونا للقذافي. واعتبرت المجلة أن هناك أشياء عالقة من نظام القذافي كتكوين تحالفات بدلا من أحزاب وإعداد مجالس تنفيذية بدلا من اختيار قادة محددين والإصرار على توافق كامل يعيد للأذهان عصر "اللجان الشعبية" في عهد القذافي، وهو ما يشير إلى أن رواسب نظام القذافي ومفهومه للجماهيرية تطل من تحت ألوان علم ليبيا الجديد.