الحديث عن الاقتصاد لا يقتصر على دوائر الأرقام والمؤشرات فقط، وربما تحقق كلمات بسيطة ولحن موسيقى التأثير المتوقع من دراسات إحصائية معمقة ورسوم بيانية لا يفهمها كثيرون. وبموازاة الشهادة السلبية لمهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا الأسبق، على سياسات صندوق النقد الدولى، التى قال إنها كانت مضللة لبلاده، طفت على الساحة المصرية من جديد أغنية تندد بمفاوضات الحكومة للاقتراض من الصندوق. "صندوق النقد يا صندوقه" أغنية انتشرت على مدار الأسابيع الماضية، لكنها وجدت سبيلا جديدا للظهور بعد تصريحات رئيس وزراء ماليزيا الأسبق خلال زيارته للقاهرة الأحد الماضى حول الصندوق، وإقرار الرئيس محمد مرسى الثلاثاء تعديلات قانون ضريبة الدخل التى تمت ضمن برنامج اقتصادى تم عرضه على الصندوق، بالإضافة إلى قرب تطبيق الحكومة نظام الكروت الذكية فى توزيع المنتجات البترولية على المواطنين بهدف الحد من تهريبها. وتتفاوض الحكومة المصرية لاقتراض 4.8 مليار دولار من صندوق النقد، لتقليل عجز الموازنة وكسب ثقة مؤسسات تمويلية عالمية. ويرى محللون أن تصريحات مهاتير محمد خلال زيارته القاهرة، تعد تأييدا لرفض بعض القوى السياسية والحزبية اقتراض مصر من صندوق النقد."ردود الفعل على أغنية صندوق النقد مستمرة وغير متوقعة وتتجدد كل يوم"، حسبما قال ياسر المناوهلى، ملحن وكاتب أغنية "صندوق النقد" الرافضة للاقتراض الخارجي. ومن كلمات الأغنية "صندوق النقد يا صندوق .. سمه فى الشهد مين هيدوق .. الحقنى فى عرضك كلبشنى بقرضك .. ارتع فى بلادى يا صندوق". وأضاف المناوهلى، الذى درس إدارة أعمال والتسويق، لكنه لا يعتبر نفسه اقتصاديا متخصصا: "كتبت الأغنية لأننى شعرت بأن الصندوق سيحرمنا استقلالية القرار التى تعد من أهم مطالب ثورة يناير". وأضاف أنه يرفض الاقتراض من الصندوق والرضوخ لإملاءات خارجية، خاصة أن خبراء اقتصاديين أشاروا قبل ذلك إلى أن مصر لديها بدائل للاقتراض الخارجي. ولفت إلى أن غياب الشفافية بشأن مفاوضات قرض الصندوق وشروطه ساهمت فى زيادة حدة الرفض من جانب البعض للقرض الدولى. وتابع "لم يجرؤ مسئول على كشف شروط الاقتراض.. هذه الشروط لابد من كشفها لأنها تخص حياتنا". ويجرى صندوق النقد الدولى، منذ عدة أشهر محادثات صعبة مع مصر حول القرض، كان أخرها زيارة بعثة للصندوق للقاهرة فى أبريل الماضى، دون أن تتوصل إلى اتفاق مع الحكومة المصرية حول القرض. وتعتمد مصر فى مفاوضاتها مع صندوق النقد، على برنامج اقتصادى مدته 24 شهرا، يستهدف ترشيد الإنفاق العام من خلال إجراءات شرعت الحكومة فى تنفيذها منها تحرير أسعار الطاقة للمصانع، ومراجعة منظومة دعم الوقود للمواطنين، إلى جانب تعزيز الإيرادات العامة للدولة، بإقرار تعديلات على قانون الضرائب على الدخل. وقال المناوهلى، إن ردود الفعل على أغنية "صندوق النقد"، فاقت توقعاته ولاقت ترحيبا كبيرا وتدفعه إلى الاستمرار فى تطويع الغناء لخدمة قضايا مجتمعية هامة. كان رئيس وزراء ماليزيا قال خلال مشاركته فى مؤتمر "تجارب النهضة ماليزيا نموذجا"، برعاية حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر، إن صندوق النقد أعطى للماليزيين نصائح مضللة فى بداية نهضتهم. ولم تبتعد كلمات أغنية "صندوق النقد يا صندوقه"، عن شهادة رئيس وزراء ماليزيا الأسبق ، لتقول فى بعض مقاطعها" يا حاطط ايدك فى جيوبنا .. ومعلم علينا .. يا شريك حياتى .. يا مظبط ميزانياتى .. واقعين وانت اللى شايلنا .. ومحقق لى امنياتى .. مين هايحققها .. غير صندوقه .. صندوق النقد يا صندوقه". ويحظى رئيس وزراء ماليزيا الأسبق بتأييد كبير من الإسلاميين، الذين يعتلون سدة الحكم فى مصر ويسعون لنقل تجربته إلى بلادهم.
