يمثل ملف الأزمة السورية موضع شد وجذب كبيرين بين الولاياتالمتحدةوروسيا، فأمريكا تريد أن تؤكد قدرتها على ممارسة دورها الرئيسى فى القضايا والتحديات العالمية، خلافا للاتهامات بتراجع نفوذها وتقويض وحدانية زعامتها فى العالم قاطبة، وترى روسيا أن أى تهديد موجه لسورى هو أيضا موجه لروسيا ولأسلحتها وقاعدتها البحرية فى طرطوس السورية كما أن استمرار الصراع المسلح فى الداخل السورى يشكل تهديدا لأهداف السياسة الخارجية الروسية بعيدة الأمد . وقد وجهت الغارات الإسرائيلية على سوريا مؤخرا رسائل متعددة لسوريا وحلفائها، وعلى رأسهم روسيا التى تعزز حضورها بقوة فى مياه المتوسط وما ينطوى عليه من حضور مكثف فى الإقليم لمواجهة جهود تركيا المتواصلة للحد منه. وقد اتضحت المباركة المستترة من إدارة الرئيس الامريكى باراك أوباما للضربات الجوية الإسرائيلية لأهداف سورية من خلال التبرع بالإعلان عن الغارتين الإسرائيليتين المتتاليتين على سوريا، فى مسعى لاستعادة زمام المبادرة على الصعيد الدولى وإلقاء تهمة التردد والارتباك بعيدا، وأيضا طمأنة خصوم الإدارة الداخليين، وهم كثر، بشأن قدرتها على ممارسة دورها الرئيسى فى القضايا والتحديات العالمية، وتفنيدا للاتهامات بتراجع نفوذها وتقويض وحدانية زعامتها فى العالم وهو ما استهدف استثمار نتائجها المرجوة فى ممارسة مزيد من الضغوط على روسيا عشية اللقاءات الرسمية بين وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ونظيره الروسى سيرجى لافروف. ولم يعد خافيا الخطورة الكامنة فى شن الغارات الإسرائيلية، وطرحها لفرضية عدم قدرة الدولة السورية على شن هجمات انتقامية، فضلا عن تصعيدها للوضع الإقليمى وتعريضه لخطر نشوب حرب أخرى شاملة مع دخول العامل الروسى بقوة هذه المرة. وقد واكبت البيانات الغربية الصادرة عن عدد من العواصم الرواية الإسرائيلية لهدف الغارة بإعاقة ومنع تسليم أسلحة متطورة إلى حزب الله عبر سوريا، وخاصة من المنشأة المستهدفة التى يعتقد أنها كانت تخزن صواريخ "فاتح-110" الإيرانية ونظيرها السورى "إم 600". وقد أفاد البيان الرسمى السورى الصادر عن وزارة الخارجية بأن الغارة أصابت ثلاثة مواقع عسكرية فى ضاحية جمرايا القريبة من دمشق، وميسلون، ومطار لطائرات شراعية فى الديماس بمحاذاة الحدود اللبنانية.