أرسل (هاء.م) إلى افتح قلبك يقول: أنا مهندس شاب عمرى 25 سنة، سافرت للعمل بإحدى دول الخليج حديثا، حكايتى تبدأ منذ سنوات طويلة، بعد أن حصلت على الثانوية العامة مباشرة، حيث قرر مكتب التنسيق أن تكون كليتى بالقاهرة، بينما كنت أعيش فى الريف، وبالتالى كان لزاما على أن أبحث لنفسى عن مكان إقامة بعيدا عن أهلى بالقاهرة. خالى كان خير عون لي، ووقف بجانبى فى هذا الوقت، حيث كانت عمارته التمليك بها شقة فارغة، فقرر منحها لى لأعيش فيها حتى أقرر ما إذا كنت سأستمر بنفس الجامعة، أم سأذهب لمدينة جامعية، وبالفعل انتقلت للعيش بعمارة خالي، والتى يسكن هو وأسرته فيها أيضا، خالى شخصيا مسافر إلى السعودية بينما تعيش زوجته وأولاده فى القاهرة وحدهم. لخالى ابنة تصغرنى ب7 سنوات، منذ اليوم الأول لسكنى معهم فى العمارة عرفت أنها "محجوزة" لابن عمها، وأنها مكتوبة على اسمه منذ ولادتها، ولكنى لاحظت أنها هى نفسها تتمرد على هذا الوضع ولا تحب التسليم به، فقد لاحظت أنها تحاول التقرب منى فى أكثر من موقف، ورجاء لا تسيئى فهم هذه الجملة سيدتى الدكتورة، فقد كان الأمر دائما فى إطار التعاملات العادية، فقد كانت كثيرا ما تنزل إلى شقتى مع والدتها لمتابعة أحوالى ومساعدتى فى أى شىء، وبالتالى لم يحدث بيننا أى شىء قد يتصوره البعض. فى البداية كنت أتجاهل هذا الاهتمام أحيانا، وأصدها أحيانا أخري، لأنى أعلم تماما أنها لن تكون لغير ابن عمها كما اتفقت العائلة، لكنى مع الوقت ومع اهتمامها المستمر بى لعب الشيطان برأسي، وقلت ولما لا؟ لماذا لا أشعرها بالاهتمام المتبادل "وأعيش معها يومين" ثم أنساها وأغادر بيتهم بعد انتهاء الدراسة؟.. وبالفعل بدأت أهتم بها أنا الآخر، وأشعرها بأنى أفهمها وأبادلها نفس الإحساس، لكنى شيئا فشيئا أصبحت أهتم بها فعلا، وأشعر بمشاعر حلوة كثيرة نحوها، حتى علمت يوما ما قدرا أن ما يحدث كان بعلم والدتها، التى كانت على خلاف مع زوجة عمها "والدة العريس المنتظر"، لهذا فقد كانت تخطط لارتباط ابنتها بى ك"استبن" فى حالة عدم حدوث الزواج المرتقب.. طبعا اندهشت وصدمتنى الفكرة، ولم أستوعب بسهولة فكرة أن ما حدث كان مجرد خطة. فى الحقيقة أنا لا أعرف إذا كان اهتمام ابنة خالى بى كان بناء على رغبة والدتها وتخطيطها، أم أنه كان حقيقيا من البداية، ولا أعرف إذا كنت أحبها فعلا أم أنى "أمثل" أنى أحبها، فأحيانا كثيرة أشعر بأنى أريدها بصدق، وأحيانا أخرى تثور على كرامتى لأنى قبلت بأن أقع فى الفخ وأن أكون "استبن" لشخص آخر. بنت خالى بنت محترمة جدا، وطيبة جدا، وأنا متأكد من أخلاقها كما أنى متأكد من نفسي، فهى حتى لم تحاول الكلام معى مباشرة ولو فى التليفون طوال هذه السنين الماضية، وكان أقصى تواصل بيننا يتم عن طريق أختى لا أكثر، باختصار مواصفاتها ممتازة كزوجة وكشريكة حياة لي، وهى الآن تنتظرنى وتعتقد أنى أجهز نفسى لأتقدم لخطبتها، وأنا فاتحت والدتى بالفعل فى الارتباط رسميا بها، لكن والدتى رفضت بشدة وقالت لى جملة لا تزال ترن فى أذنى حتى الآن، قالت لى "لماذا تقبل أنت بفضلات الناس؟"، ولامتنى كثيرا على تفكيرى فيها وتعجبت كيف قبلت على كرامتى هذا الوضع؟ أنا الآن فى قمة الحيرة, هل أتركها واسمع كلام والدتي، وأستسلم لتلك الهواجس التى تدور برأسى من حين لآخر بخصوص موضوع "الاستبن" هذا؟ أم أرتبط بها ونتزوج وليكن ما يكون؟.. هل أجد عندك الرد يا دكتورة؟ و لك (هاء.م) أقول: سأسألك يا باشمهندس سؤالا بسيطا.. هل لو كنت أنت نفسك فى موقف هذه الفتاة، شبيت وكبرت لتجد نفسك مجبرا على الارتباط بإحدى قريباتك بأمر العائلة وبحكم الأعراف والتقاليد، هل ستكون مذنبا؟ وهل ستكون مخطئا لو رفضت هذا "الارتباط الإلزامي" وفكرت فى الارتباط بأخرى؟.. بالطبع لا، فلا شأن لك أنت بما أراده وقرره وفرضه الآخرون، الفيصل فى الموضوع هو كيف ستتصرف أنت، والمهم فى الأمر هو قبولك للموضوع من عدمه، أليس كذلك؟ لهذا لا يمكن أبدا أن تأخذ الفتاة بذنب أهلها، ولا أن تحكم عليها طبقا لأحكام أصدرتها العائلة الكريمة نيابة عن البنت نفسها، النقطة الحاسمة فى الموضوع هى إحساسك بهذه الفتاة، هل شعرت بصدق اهتمامها بك أم لا؟ هل وصل إليك إحساس أنها تتخذك "استبن" أو بديلا عن شخص آخر أم لا؟ هل كنت تشعر بأنها تارة لك وتارة لغيرك؟ أم لمست إخلاصها وثباتها فى مشاعرها نحوك؟ من المؤكد أنك تستطيع أن تحكم على كل هذا بعد عشرة كل هذه السنين، حتى وإن كنت لا تعرف معلومات حقيقية، ولكن تلك الأشياء تحس وتدرك بالبديهة لا بالمعلومات والحقائق. أنت ترى أن البنت محترمة وطيبة وممتازة، وتشعر نحوها بميل وقبول، وتفكر جديا فى الارتباط بها رسميا، ولكن ما يعذبك شيئان بالتحديد، هما: 1) هل أحبتك هى فعلا أم أن ذلك كان تنفيذا لخطة أمها؟ وهنا سأقول لك إنك تستطيع أن تفرق، فإن كانت البنت اهتمت بك بوازع من الأم من المؤكد أنها كانت ستمل أحيانا، ستتمرد أحيانا، سيصلك منها رسالة أنها لا تهتم حقا وبإخلاص من قلبها، أما إذا كنت شعرت بأنها تشعر بك بصدق وبشكل غير متذبذب أو متغير، فلا بد أن الأمر نابع منها شخصيا، فالمشاعر لا يمكن أن تملى أو تفرض على الناس، وإلا كانت قبلت وسلمت بأمر ابن عمها هذا، وأحبته بمنتهى السهولة. 2) جملة والدتك (لماذا تقبل بفضلات الناس؟) إنها جملة قوية حقا، وأنا أتفهم مدى تأثيرها عليك، لكن من قال إنها صحيحة يا أخي؟ إنها مقولة مجحفة ومغلوطة إلى أقصى درجة- مع احترامى للوالدة ورأيها- هل لمجرد أن العائلة قررت أن "فلانة لفلان" كما يحدث فى آلاف الأسر المصرية أصبح ذلك عقدا؟ وأصبحت تلك الفتاة "مستعملة"؟ وبالتالى فمن سيتزوجها غير هذا الشخص المزعوم سيقبل بفتاة "سكند هاند؟".. هل يعقل هذا؟ هل كانت هذه الفتاة متزوجة أو مكتوب كتابها أو حتى مخطوبة لهذا الشخص؟ هل كان بينهما ارتباط غير رسمي؟ هل كانا يتقابلان ويتعاملان كخطيبين؟ هل حدث بينهما أى شىء غير عادي؟.. أغلب الظن أن الإجابة لا لأنك أنت بنفسك تقول إن البنت لم يكن لها اختلاط بك أنت نفسك بالرغم من أنكما تعيشان معا فى نفس البناية، إذن من أين جاءت فكرة أنها "فضلات" لشخص آخر؟ ألا يجب أن نفكر فى الكلام ونعقله يا أخى قبل أن نسلم به؟ حتى وإن كان صادرا من أقرب الناس لنا؟ 3) إذا اقتنعت بكلامى هذا فلتتوكل على الله وترتبط بهذه الفتاة التى تجدها مناسبة لك، وتعرفها جيدا، وتضمن أهلها وأخلاقها كما تضمن نفسك- كما قلت أنت بنفسك- فكل هذه الأمور لم تعد سهلة فى حياتنا هذه الأيام، أما لو وجدت فى نفسك حرجا أو شكا أو ترددا بعد كلامى هذا، فأنصحك أن تنسحب وفورا وتقفل هذا الموضوع تماما، وتبلغ البنت بشكل أو بآخر بأنك صرفت نظر عن الموضوع من الآن، فارتباطك بها مع استمرار شكك فى صحة هذا الارتباط سيحيل حياتك وحياتها إلى جحيم، فستكون هى مضطرة طول الوقت لأن تبرهن لك على صدق حبها لك، وستكون أنت متأرجحا طوال الوقت أيضا بين استمتاعك بهذا الحب وارتياحك له، وبين هواجسك القديمة بأنك "انضحك عليك" وقبلت ببقايا امرأة. للتواصل مع د. هبة و"افتح قلبك": [email protected]